المال القطري ضمان الهدنة بين حماس وإسرائيل في غزة

السفير القطري وصل إلى غزة محملا بالأموال بعد حصوله على إذن خاص من الجيش الإسرائيلي.

غزة - أكد المبعوث القطري في قطاع غزة أن المساعدات المالية التي تقدمها بلاده للفلسطينيين في القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد، واتصالاتها مع حركة حماس وإسرائيل تساعد على منع حرب كارثية جديدة.

وقال رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة السفير محمد العمادي الذي وصل الجمعة إلى القطاع إنه "سيتم توزيع دفعة أخرى بقيمة عشرة ملايين دولار اليوم الأحد لمئة ألف عائلة فقيرة في غزة.

وتندرج هذه الدفعة المالية الثالثة التي تقدمها قطر في إطار تفاهمات تهدئة بين إسرائيل وحماس تقضي بالهدوء مقابل تخفيف الحصار على القطاع.

وقال وسائل إعلام إسرائيلية أن العمادي وصل إلى غزة بعد حصوله على إذن خاص من الجيش الإسرائيلي، ووسط انتقادات واسعة من أحزاب المعارضة.

 وفور وصوله عقد السفير القطري لقاء مع رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، ورئيس الحركة بقطاع غزة، يحيى السنوار.

وقال العمادي من مكتبه في فندق المشتل الساحلي شمال غرب مدينة غزة في وقت متأخر السبت "هذه الأموال ضرورية للحفاظ على الهدوء وإلا فإن غزة ستكون مكانًا لا يستطيع أحد أن يعيش فيه".

وأضاف "نحن نعرف أن الوضع سيء جدًا، لذلك فإن مساعداتنا المالية تساعد الناس كثيرًا وتمنع حربا جديدة".

وتابع "ليس فقط المساعدات. التواصل مع الطرفين والجهود المبذولة أيضا تساعد، نحن ننسق مباشرة مع الأشخاص الذين يمكنهم اتخاذ القرارات في الجانبين".

ويرفض أغلب الفلسطينيين الصفقة القطرية التي تعتمد على تقديم المال مقابل التهدئة، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد قاطعت في وقت سابق اجتماع الفصائل مع العمادي، وقالت إن قرارها جاء بسبب سياسات قطر الأخيرة.

وسبق وأن تعرض العمادي للطرد من قبل الفلسطينيين خلال زياراته إلى قطاع غزة كان آخرها في شهر نوفمبر الماضي خلال زيارته لمخيم العودة شرقي القطاع، حيث تم رشق موكبه بالحجارة.

وتخصص قطر 330 مليون دولار من أموال برنامج المساعدات الذي بدأ العام الماضي لتغطية كلفة الوقود والكهرباء ومساعدة العائلات المحتاجة في قطاع غزة.

واليوم الأحد، تجمع المئات من الفلسطينيين، أمام فروع بنك البريد (حكومي)، في محافظات قطاع غزة لتلقي الأموال القطرية.

الدوحة تستغل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في غزة لغاية في نفس حماس
الدوحة تستغل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في غزة تنفيذا لغاية في نفس حماس 

وقال العمادي "تم إنفاق أكثر من 150 مليون دولار وإقامة عدد من المشاريع الكبيرة مثل إقامة مستشفى للأطراف الصناعية ورصيف بحري (كورنيش) وتعبيد طرقات عامة".

وتشمل المساعدات المالية التي تبلغ قيمتها الشهرية ثلاثين مليون دولار أيضا برنامجا مؤقتا لتشغيل خمسة آلاف من خريجي الجامعات عبر الأمم المتحدة.

ووفق مسؤول في اللجنة القطرية فإن هذه الدفعات المالية النقدية تم إدخالها صباح الجمعة إلى القطاع عبر معبر بيت حانون (إيريز) الإسرائيلي كجزء من اتفاق للتهدئة تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة ومصر لإنهاء موجة من أعمال العنف التي اندلعت في الأشهر الأخيرة بين إسرائيل وحماس.

وتأتي زيارة السفير القطري إلى قطاع غزة في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انتخابات تشريعية مصيرية في منتصف سبتمبر ستحدد مصيره السياسي.

ويرى محللون سياسيون أن إدخال الأموال القطرية الجديدة قد يساعد في عودة الهدوء النسبي على الأقل في الوقت الحالي لكنها تقطع الطريق أمام تسوية حقيقية للقضية الفلسطينية فهي تخدم مصالح الحكومة الإسرائيلية وحماس على حساب الشعب الفلسطيني.

ووصف زعيم المعارضة الإسرائيلية والمنافس الشرس لنتانياهو بيني جانتس زيارة العمادي لغزة محملا بالأموال بـ "الصفقة" لضمان التهدئة على حدود القطاع.

وكتب في تغريدة على تويتر "الهدوء مقابل المال، هذه هي صفقة نتانياهو مع حماس".

وفي مارس الماضي، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن نتانياهو، قال خلال اجتماع لحزب "الليكود" الذي يتزعمه إنه يتبع استراتيجية دفاع عن إسرائيل وفقا لخطة محددة عندما قرر السماح بنقل أموال قطرية إلى غزة".
وأوضحت الصحيفة أن قرار نتنياهو جاء كجزء من "استراتيجية أوسع للحفاظ على استمرار الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أوضح في أكثر من مناسبة أن السلطة الفلسطينية في الماضي نقلت ملايين الدولارات إلى حماس في غزة. وقال إنه من الأفضل أن تكون إسرائيل بمثابة خط أنابيب لهذه الأموال التي تساهم في تحقيق الهدف الإسرائيلي بتعميق الانقسام الفلسطيني وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

وخاضت إسرائيل وحماس ثلاثة حروب منذ عام 2008. وهددت سلسلة من المواجهات العسكرية العنيفة التي تجددت في آب/أغسطس الهدنة بين الطرفين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الأحداث شملت إطلاق صواريخ من غزة ، ومحاولات تسلل قام بها فلسطينيون مسلحون ورد الجيش بهجمات عدة استهدفت خصوصا مواقع لحماس.

ويقول العمادي إن "إسرائيل وحماس غير معنيتين بمواجهة عسكرية أو حرب جديدة".

وينظر إلى نتانياهو على نطاق واسع بأنه يريد تجنب التصعيد مع غزة قبيل الانتخابات، لكنّه يواجه أيضاً ضغوطاً سياسية شديدة للردّ بحزم على الهجمات الفلسطينية.

لذلك، كانت هناك تكهنات في إسرائيل بأن حماس قد غضت الطرف عن إطلاق الصواريخ ومحاولات التسلل بدلاً من منعها في محاولة منها للضغط على نتانياهو لتقديم المزيد من التنازلات.

ويرى العمادي أن الانتخابات المقبلة في إسرائيل تعني أنه لا يمكن مناقشة حلول طويلة الأجل في الوقت الحالي بسبب الحساسية السياسية، لكنه يأمل أن تبدأ في وقت لاحق محادثات بشأن تخفيف الحصار.

وقال إن "حربا أخرى ستكلف المجتمع الدولي أكثر بكثير من الناحية المالية، لكن المخاوف الإنسانية ستكون أكبر، خاصة وأن غزة لا تزال تتعافى من الصراع الأخير(الذي حدث) في 2014".

وأشار العمادي إلى عقده اجتماعات مع قادة حماس في الجناحين السياسي والعسكري ويجري كذلك مناقشات منفصلة مع المسؤولين الإسرائيليين، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.

ولا تقيم قطر التي تعتبر حليفا نادرا لحماس مع أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعتبران الحركة تنظيما إرهابيا، علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل لكن طالما عرفت بوساطاتها في الخفاء سواء مع إسرائيل أو مع تنظيمات مسلحة.

وبين العمادي أنه تمت مناقشة العديد من القضايا مع المسؤولين الإسرائيليين مثل منح المزيد من تصاريح العمل لسكان غزة لدخول إسرائيل.

وشدد السفير القطري على أن بلاده "تواصل الدعم المالي وإقامة المشاريع في إطار اهتمامها بالناس في هذا المكان من أجل توفير حياة أفضل لهم".

لكن مراقبون للشأن الفلسطيني يقولون إن الدوحة تستغل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يشهدها قطاع غزة، بسبب الحصار المستمر منذ أكثر من عقد بالإضافة إلى الحروب المتكررة التي دمرت البنية التحتية وأثرت سلبا على مليوني نسمة تعيش في القطاع، وذلك تنفيذًا لرغبات حماس التي تسعى لإفشال الجهود الرامية لإخضاع إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية.

ويقول البنك الدولي إن نسبة البطالة بين صفوف الغزيين بلغت 52 بالمئة، مشيرا إلى أن ثلثي الشباب عاطلون عن العمل.