المبدعون العرب يستهجنون نتيجة جائزة معهد العالم العربي بباريس

التونسي محمد آيت ميهوب: أين اللغة العربية في كل هذا؟ وما علاقة هاملتون بالأدب العربي؟
جائزة الأدب العربيّ في باريس لا تعبّر مطلقًا عن الأدب العربيّ كما نعرفه ونعرّفه ونراه
ما يكتبه "هاملتون" ابن الأدب الإنجليزي لا العربي
اللغة ليست أداة للكتابة فحسب، بل هي خزان الثقافة والحضارة
اللغة وعاء يحمل معه طريقة تفكير خاصة ومنهجية معينة، وهكذا كل لغة، وهذا أمر معروف بين دارسي اللغات وفلسفاتها

تحقيق: مصطفى عبدالله

عاصفة مدوية استقبل بها المبدعون والنقاد العرب، قبل أيام، نبأ منح معهد العالم العربي بباريس بالتعاون مع مؤسسة جان لوك لا غاردير "جائزة الأدب العربي" لروائي إنجليزي منحدر من أصل مصري، لا يكتب بالعربية، ومجهول تمامًا للساحة النقدية العربية، فقد نال الجائزة عن أول رواية ينشرها، وهي مكتوبة بالإنجليزية ومترجمة إلى الفرنسية.
وقد طفنا ربوع الوطن العربي، بل وبعض المهاجر، نرصد الأصداء في أوساط المعنيين بخطورة هذه النتيجة.
كانت البداية من تونس مع الروائي والقاص والناقد الأكاديمي التونسي الدكتور محمد آيت ميهوب الذي قال: لفت انتباهي خبر فوز الكاتب البريطاني من أصل مصري عمر روبير هاملتون بجائزة الأدب العربي لعام 2018، التي يمنحها معهد العالم العربي بباريس ومؤسسة جان لوك لا غاردير عن روايات عربية مترجمة إلى اللغة الفرنسية أو مكتوبة بالفرنسية أصلًا. عنوان الرواية التي نال بفضلها هاملتون الجائزة هو "المدينة تفوز دائما"، وقد كتبت في الأصل بالإنجليزية ثم وقعت ترجمتها إلى الفرنسية ونشرت الترجمة في دار غاليمار التي تعدّ أعرق دور النشر الفرنسية. 

معيار تحديد انتماء النص الأدبي
محمد آيت ميهوب

لم أستطع وأنا أقرأ هذه المعطيات إلا أن أتساءل حائرًا متعجبًا: أين اللغة العربية في كل هذا؟ وما علاقة هاملتون بالأدب العربي؟ 
هل يكفي أنه من أصل مصري؟ وهل يكفي أنّ روايته تتحدث عن ثورة 25 يناير 2011، حتى يُحشر كتابه ضمن الأدب العربي؟
ويعيدنا هذان السؤالان إلى قضية أكبر مثلت خلافًا بين المدارس النقدية واتجاهات الأدب المقارن تحديدًا، وهي قضية معيار تحديد انتماء النص الأدبي؛ أيكون قوميًا أو لغويًا؟ والغريب في الأمر أنّ المدرسة الفرنسية صارمة جدًا في رفض أن تكون جنسية الكاتب معيارًا لتحديد انتماء النص، إذ ترى أن قومية الأدب هي لغته فقط. وذلك لأن مفهوم القومية مفهوم رخو لا يخضع لمقاييس علمية صارمة من جهة، ولأنّ اللغة ليست أداة للكتابة فحسب، بل هي خزان الثقافة والحضارة. فمن يكتب بالفرنسية حتى وإن كان إنجليزي الأصل، لا يفكر ويعبر كمن يكتب بالإنجليزية، وقس على ذلك مع سائر اللغات.
لذلك فالأقرب تعريف الأدب بلغته واعتبار ما يكتبه هاملتون ابن الأدب الإنجليزي لا العربي. ولنا أن نتذكر رموز الشعر العربي في العصر العباسي من ذوي الأصل الفارسي بشار وأبي نواس وأبي العتاهية فهل يعقل أن ننسب شعرهم إلى الأدب الفارسي رغم أن صلتهم بفارس قريبة زمانا ومكانا؟ 
وبالمثل لقد عاش فرانز فانون في الجزائر وناصر ثورتها وحمل الجنسية الجزائرية بعد استقلالها فهل يمكن أن نعد كتاباته جزءا من الأدب الجزائري أو العربي؟ وكيف نصنف أدب ريلكه: هل نعتبره أدبا ألمانيا لأن صاحبه يكتب بالألمانية أم ننسبه إلى قومية ما وقد انتسب ريلكه في حياته إلى أربع جنسيات بفعل التحولات السياسية الكبرى التي عصفت بالإمبراطورية النمساوية المجرية؟؟ 
طبعًا لا بد أن نشير هنا إلى استثناء يتعلق بالكتاب الجزائريين الذين كتبوا زمن الاستعمار وبعده بالفرنسية لأسباب سياسية وتاريخية خاصة. فأدب هؤلاء يجسد وضعًا مزدوجًا، إذ الروح والأجواء والمضامين جزائرية عربية أما الأسلوب والتعبير وتقنيات السرد ففرنسية طبعًا. فالأديب لاسيما إذا كان قامة فنية عالية ككاتب ياسين ورشيد بوجدرة وميلود معمري لا ينقل وهو يكتب مضمونًا فقط، بل يحاور أيضًا تقاليد أدبية عريقة واستعمالات لغوية راسخة يخضع لبعضها ويتمرد على بعضها الآخر، وهو بهذه المحاورة يؤكد ولا شك تجذر نصه في أدب اللغة التي يكتب بها وفي حضارتها وفلسفتها، وعمله على التجديد داخل أدب تلك اللغة بالذات. 

استهجان كبير
أحلام معمري

ومن تونس إلى الجزائر حيث تعلق الدكتورة أحلام معمري، الأستاذ المحاضر بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، والمتخصصة في السرد وتحليل الخطاب قائلة:
 باستهجان كبير تابعت خبر فوز عمر روبير هاملتون بجائزة الأدب العربي للعام 2018، عن روايته الصادرة عن دار "غاليمار"، وقد ترجمتها من الإنجليزية إلى الفرنسية "سارة غورسيل".
 ويذكر أنه العمل الأول لصاحبه، ولدي أسئلة عديدة لا بد من طرحها في هذا السياق: ما هي المعايير والشروط التي تضعها مؤسسة "جان لوك لاغاردير"، ومعها معهد العالم العربي في باريس لأجل الحصول على هذه الجائزة؟ فإذا قلنا إنها "جائزة الأدب العربي"، فباعتقادي لا بد وأن نأخذ اللغة التي كتب بها النص بعين الإعتبار بغض النظر عن ترجمتها، فإذا كنا نقول إن ترجمة النص هو خيانة للغة في حد ذاته، فما بالك بأن نكتب بغير لغتنا؟ كيف لكاتب - دون النظر لجنسيته - أن يكتب نصًا بغير لغته الأم، لنقول إنه فاز بجائزة عن لغته وهويته، وإلا كان المستشرقون أولى بالكتابة عن الشرق باعتبارهم يتقنون اللغة. 
ولعلي أذكر شاهدًا واقعيًا يوضح رؤيتي؛ عندنا في الجزائر مَنْ يكتب أدبًا جزائريًا ولكنه بلغة فرنسية لكون صاحبه لا يتقن الكتابة باللغة العربية، ولنا في محمد ديب صاحب رائعة ثلاثية دار سبيطار، أو "مولود معمري"، أو كاتب ياسين وغيرهم كثر خير مثال، فهل نصنف أدب هؤلاء في خانة الأدباء العرب، وهل يمكنهم الحصول على جائزة عربية وهم لايتقنون الكتابة بلغتها؟
 أجزم بأن هذا لا يمكن. 
ولدينا في الجزائر دراسات كثيرة كتبت حول هذا الموضوع بحكم العامل الاستعماري، أين نصنف هؤلاء؟ هل ما كتبوه هو أدب جزائري أي عربي، أم هو فرنسي؟ هناك مَنْ أثبت أنه جزائري لكون صاحبه جزائريًا، والأغلب نفى وقال إنه فرنسي بحكم اللغة التي كتب بها، وحتى لا نكون متطرفين في أحكامنا، ننضم إلى الفريق الوسط الذي وازن بين الرأيين فقال إنه أدب جزائري، لكنه مكتوب باللغة الفرنسية، فهل يقبل المنطق أن يفوز بجائزة عربية مَنْ لا يتقن الكتابة بها مع ما نعرفه من مدى تشكيل اللغة الأم في نفسية صاحبها عظيم التأثير في بلورة الفكر والرؤيا؟ 
أعتقد أننا أمام ورطة عربية كبيرة يصنعها مَنْ نسلمهم زمام التلاعب بهويتنا وأصالتنا وكينونتنا، بغض النظر عن كون الأدب يعبر عن الإنسان أينما كان وغيره من شعارات أخرى.
لا بد وأن ننتفض ونقول: كفى... ما ينبغي أن يكون أن لا يقبل مثقفونا بمثل هذه المهازل التي تتكرر ويغطى عليها لأسباب سياسية وإيديولوجية بحته، هي، بكل أسف، صاحبة القرار لا غير.

تفاجأت بأن الجائزة لا تُمنح إلا لكاتب عربي ألّف بالفرنسية
محمد عبدالرحيم الخطيب

ومن مصر يقول باحث الدكتوراه محمد عبدالرحيم الخطيب، المتخصص في السرد العربي: ظننت - للوهلة الأولى - أن الرواية مكتوبة بالعربية بناءً على تسمية الجائزة، غير أنني تفاجأت بأن الجائزة لا تُمنح إلا لكاتب عربي ألّف بالفرنسية، أو تُرجم عمله من العربية إلى الفرنسية.
وفي اعتقادي أن الأمرين مختلفان، فالأدب - في رأيي - ينتسب إلى اللغة المكتوب بها وإن كان كاتبه أجنبيًّا، فالأدب المكتوب بالفرنسية أدب فرنسي، والمكتوب بالإنجليزية إنجليزي، وهكذا.
فاللغة وعاء يحمل معه طريقة تفكير خاصة ومنهجية معينة، وهكذا كل لغة، وهذا أمر معروف بين دارسي اللغات وفلسفاتها.
أما الأدب المُترجَم فمختلف، إذ هو مجرد محاولة لنقل نص من لغته بما يحيط به (وعائه) إلى لغة أخرى، وقد ينجح المترجم في نقل النص وما يحيط به بحذق وحصافة إلى لغة أخرى، وقد لا ينجح، ولذا تتعدد ترجمات النص الواحد، كما هو حاصل مع نصوص شكسبير مثلًا. ويبدو أن وصف المترجم بالخيانة إنما هو ناتج عن تلك الإشكالية.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: هل من الممكن للقارئ العربي المتمكن من الفرنسية – مثلًا - أن يتخطى قراءة النص الفرنسي ليقرأه في ترجمته العربية؟ إن القارئ - أي قارئ - دائمًا ما يودّ ويرغب في أن يتخطى الأعمال المترجمة ويقرأ النص في لغته الأصلية إن أمكنه ذلك. 
وكم وددنا - ويود كثير من القراء - لو تمكّنا من لغتين وثلاث لننهل من النصوص في لغاتها الأصلية.
إذن، نحن مع "جائزة الأدب العربي" أمام إشكالية مركبة، لغوية ومنهجية وفكرية، وفي هذه الحالة أظن أن التسمية المقبولة لهذه الجائزة هي أن تكون "جائزة الأدب المترجم من العربية إلى الفرنسية".
وفي هذه الحالة لا أظن إلا أن المترجِم هو الأولى بهذه الجائزة، إذ هو صاحب الفضل في نقل النص من لغته الأصلية إلى اللغة التي يتحدث بها مانحو الجائزة، ويحرصون على انتشارها. 
ولنحاول مثلًا أن نعكس الوضع، هل يمكن للفرنسيين المعتزين بلغتهم أن يتقبلوا استحداث إحدى الدول العربية جائزة باسم "جائزة الأدب الفرنسي" ليحصل عليها نص عربي مترجم عن الفرنسية؟!
ويكتفي الإذاعي عمرو الشامي صاحب البرنامج الإذاعي الشهير "مع النقاد" بإذاعة البرنامج الثقافي بمصر بهذا التعليق القصير: أظن أن تحديد الجوائز بدقة من حيث شروطها ومعاييرها أمر لا غني عنه. 
وبالنسبة لي شخصيًا أفضل أن تكون الجائزة للأعمال التي تكون لغتها الأصلية العربية مادمنا نتحدث عن العالم العربي، وعن ضلوع معهد العالم العربي في منح الجائزة.

برهة لتبيان ما هو الأدب العربي
شريف مليكة

وللدكتور شريف مليكة، الأديب المصري الأميركي المقيم في مريلاند رأي آخر وهو يشير إلى أنه تابع باهتمام بالغ خبر فوز الكاتب المصري البريطاني عمر روبير هاملتون بجائزة الأدب العربي لعام 2018، عن روايته "المدينة تفوز دائمًا". ويرى مليكة أن هذه الرواية، بحسب الخبر المنشور، هي العمل الأول للكاتب، كما أنها مكتوبة بالإنجليزية، ثم تُرجمت إلى الفرنسية، حيث تمنح مؤسسة جان لوك لاغاردير هذه الجائزة سنويًّا لروايات عربية مكتوبة، أو مترجمة إلى اللغة الفرنسية.
ويضيف: هنا أتوقف عند هذه الحالة الفرنسية الخاصة جدًا، التي قد يصعب مطابقتها على وضع مماثل في أي مكان آخر في العالم؛ فالجائزة فرنسية، عن الأدب العربي، وتشترط أن يكون العمل مكتوبًا بالفرنسية.
 إذن فهي موجهة على نحو خاص لملايين المهاجرين العرب إلى فرنسا، والذين تزخر بهم البلد.
 ودعونا لنتوقف برهة لتبيان ما هو الأدب العربي لعلنا نكشف حل هذا اللغز.
 في رأيي - والكلام لا يزال على لسان الروائي شريف مليكة - أن الأدب يُعبِّر عن ثقافة الوطن ـ أو الأوطان ـ التي ينتمي إليها الكاتب ثقافيًّا.
 فمن يقرأه لا بد وأن يدرك هذا على الفور. وأذكر هنا تجربتين مررت بهما لتوضيح المعنى.
عندما هاجرت من مصر كانت رواية "أولاد حارتنا" للعظيم نجيب محفوظ، لا تزال ممنوعة من النشر في مصر. وحين عثرت عليها مترجمة للإنجليزية فوق أرفف مكتبة عريقة بمدينة نيويورك، انتزعتها وطرت عائدًا بها إلى البيت لأقرأها. وبالفعل استمتعت بها أيما استمتاع وأنا أطالعها متناسيًّا تمامًا أنها مكتوبة باللغة الإنجليزية، بل أكاد أزعم أنني كنت أترجمها إلى العربية من جديد بينما أقرأُها، إذ كنت معتادًا أسلوب محفوظ البديع. فلا يخالجك أدنى شك وأنت تقرأ محفوظ مترجمًا، إلا أنك بصدد قراءة أدب مصري أو عربي خالص.
أقرأ الآن رواية للكاتبة المكسيكية لاورا إسكيبيل بعنوان "كالماء للشكولاتة" بعد ترجمتها من الإسبانية إلى الإنجليزية، وبعد أن استمعت بالاستماع إليها عبر اليوتيوب مترجمة لصالح علماني. وفي الحالتين لن تداخلك ريبة بأنك تطالع أدبًا مكسيكيًّا خالصًا، لا يختلف عن أدب أميركا اللاتينية سوى في بعض التفاصيل الخاصة بالتاريخ والجغرافيا الخاصة بالبلدان الأخرى التي تماثل عجائبية الأدب المكسيكي في تلك القارة الأميركية الجنوبية.
إذن فاللغة المكتوبة بها الرواية هي الوسيط الذي يتيح لها انتقال الزخم الثقافي والحضاري لكاتبها، والمعبِّر عن الموروث العميق، ليَصِل بواسطتها إلى المتلقي الذي ربما يعجز عن إدراك ذلك البعد لو أنه كُتب بلغة أخرى.

جوائز لتشويه الأدب العربي
حسين دعسة

ودون مواربة يعلنها الكاتب والناقد الأردني حسين دعسة: بكل أسف، هذه جوائز لتشويه الأدب العربي! وغالبا ما يظلم الأدب العربي بحجة تكريمه! إننا نواجه أكثر من عشرين جائزة عربية، وعالمية من المحيط إلى الخليج، عدا عن عشرات الجوائز المحلية في كل بلد.
 من صاحب الطلقة القاتلة التي أصابت الأدب العربي في مقتل رهيب؟ 
كناقد عربي متخصص في السرديات، أجد أن الأدب العربي الجاد والحقيقي، هو من يهمش مما يطرح من أساليب، و"ألاعيب" لوائح الجوائز، والترشح لها.
وأصر على عدم جدوى الروايات والتجارب السردية التي تنشر في لغات – غير العربية - وعدم أحقيتها لتمثيل الأدب العربي في منظومة الجوائز التي تتحايل على مؤسسات النشر، أو جهات التمويل الأجنبي، ناهيك عن الجامعات، والمنح الأكاديمية التي تهدف في المقام الأول إلى كسر شوكة الأدب العربي الحقيقي الصابر في واقعه.
ومع هموم الناشرين وتعب التوزيع والمشاركات في المعارض وحفلات التوقيع المزيفة.
وعلينا أن نوضح لمؤسسات العالم الثقافية ولجامعاته أن الأدب العربي لا يمثله إلا الكاتب العربي المقيم في بلده، الذي يتحمل هموم العيش في ظل أنظمة الرقابة والمنع والتضليل الإعلامي ومسخ الحقائق.
وأيضًا يجب ضرورة مناقشة آليات العمل في الجوائز العالمية، وهل لديها حق تمثيل الادب العربي؟!
ومن أجل ذلك علينا أن نراجع وندين أساليب الترشيح والتحكيم، وإجراءات التقييم والمنح.
وليس مستغربًا أن تواصل مؤسسة "جان لوك لا غاردير" ومعهد العالم العربي في باريس، الدعوة إلى منح جائزة وهمية الأثر، قليلة الصدى، لتغطية ما يصلها من منح وأعطيات لا تجد أي دوافع لصرفها غير الجوائز، ورعاية كتاب يكتبون في ظلال لغات أجنبية، ويحملون جنسيات جديدة، ويزيفون الحقائق بقولهم إنهم "عرب" ولديهم جنسيات يمثلونها من خلال "جوازات" فرنسية أو بريطانية،..أو..أو.. 
إن ما يكتبه أغلب الكتاب العرب الذي يكتبون أدبًا باللغات الإنجليزية أو الفرنسية أو غيرهما تغلب عليه  صفتان لا يُتصور أنهما تغيبان عن قارئه - سواء في اللغة التي صدر بها أو عندما يترجم إلى اللغة العربية - مهما كان مستواه ودرجة إطلاع  الكاتب أو الناشر أو القارئ؛ وهما التكرار، وقلة المعنى مع اللغو والترهل في الفهم والسرد من ناحية أخرى.
وهما صفتان مترابطتان متلازمتان تلازم السبب والنتيجة.
من هنا فإن ما يمنح من جوائز له غايات وإشارات لا بد وأن نتنبه لما فيها من تكريس للجهل وافتقار لجمالية الكتابة، وتفريغها من واقعها، ومجتمعها.
الكاتب في المهجر أو في الشتات لا يمثل الإ ذاته في مجتمع العولمة، والتواصل الإلكتروني، والأدب الرقمي، وغياب موضوعية المؤسسات التي تتاجر بالآداب العالمية عبر أوهام الجوائز.
أعتقد أن على مؤسساتنا وجامعاتنا العربية الكبرى أن تعالج هذا التطاول على الأدب العربي وعلى خصوصية الكتاب العرب في أوطانهم وهم من لهم حق إبراز صوتهم وإبداعهم عالميًا.
ونختتم جولتنا في لبنان إذ تقول المبدعة زينب عبدالباقي: بناءً على ما تقدّم يمكن القول باختصار إنّ الأدب يراد به تراث الأمّة مكتوبًا بلغتها، لغتها فقط فلا يمكن اعتبار العمل الأدبيّ عربيًّا إن كتب بلغة أخرى مهما كانت القضيّة التي يتناولها ملتصقة بالمجتمع العربيّ ومها كان التّصوير متقنًا والدّراسة عميقة، ومن هنا فإنّ جائزة الأدب العربيّ التي نتحدّث عنها لا تعبّر مطلقًا عن الأدب العربيّ كما نعرفه ونعرّفه ونراه.