المتاجرة بالمهاجرين فضيحة جديدة تهز حكومة الوفاق الليبية

حرس سواحل الزاوية يقوم بعمليات مشبوهة ضد المهاجرين في عرض البحر بقيادة عنصر متهم بارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان من قبل محكمة الجزاءات الدولية في لاهاي.
دعوة في مجلس أوروبا لمراجعة أنشطته وطرائق تعاونه مع خفر السواحل الليبي
اتهامات لحكومة الوفاق بالاستيلاء على المساعدات الأوروبية لمكافحة الهجرة
حوالي 3400 لاجئ ومهاجر محتجز في العاصمة طرابلس
حكومة السراج استخدمت فزاعة المهاجرين لابتزاز دول الاتحاد الأوروبي

طرابلس - دعت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، اليوم الثلاثاء، البلدان الأوروبية إلى تعليق تعاونها مع خفر السواحل الليبيين الذي تديره حكومة الوفاق، ما لم تُقدم ضمانات واضحة تتعلق باحترام حقوق الإنسان في هذا البلد.

وكتبت البوسنية دنيا مياتوفيتش في تقرير صدر الثلاثاء، "يتعين على الدول الأعضاء (في مجلس أوروبا) الإسراع في القيام بمراجعة أنشطتها وطرائق تعاونها مع خفر السواحل الليبي... وتحديد تلك التي تؤدي، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى عودة الأشخاص الذين يُعتَرَضون في البحر بليبيا، أو غيرها من انتهاكات حقوق الإنسان. يتعين تعليق هذه الأنشطة حتى توافر ضمانات واضحة لاحترام كامل لحقوق الإنسان".

وأعربت مفوضة حقوق الإنسان بالمجلس الأوروبي عن الأسف بالقول إن "الأشخاص الذين ينتشلهم خفر السواحل الليبيون يُعادون إلى ليبيا ويُحتجزون على الفور ويتعرضون بالتالي للتعذيب وأعمال العنف الجنسية والابتزاز والانتهاكات الخطيرة الأخرى لحقوق الإنسان".

ويأتي التقرير الأوروبي تزامنا مع تحقيق نشرته صحيفة "أفينيري" الإيطالية اليوم الثلاثاء كشفت فيه عن تورط عبدالرحمن الميلادي المعروف بـ"البيدجا" الذي يقود عمليات أمنية ضمن ميليشيات حكومة الوفاق، في سرقة محرك زورق للمهاجرين أنقذته منظمة "سي ووتش" الأسبوع الماضي وكان على متنه 53 مهاجراً غير شرعي.

ونشرت الصحيفة الإيطالية صورا جوية واضحة لأحد قوارب دورية تابعة لحرس سواحل الزاوية يقودها "البيدجا" المتهم بارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان من قبل محكمة الجزاءات الدولية في لاهاي، إلى جانب رجال لا يرتدون الزي الرسمي وهم يحاولون الاستيلاء على محرك زورق المهاجرين بدل إنقاذهم.

وأظهرت الصور الدورية التابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق وهي تغادر مكان تواجد قارب المهاجرين في عرض البحر بعد سرقة أفراده للمحرك.

وأوضحت "أفينيري" في تقريرها أن "البيدجا" والأفراد الذين كانوا يعملون معه "ينتمون إلى حرس السواحل التابع لحكومة الوفاق وصلوا إلى قارب المهاجرين في قارب لدورية ليبية تحمل اسم "تليل 267" كان على متنها مدفع رشاش سوفيتي قديم استخدمه "البيدجا" سابقا في إطلاق النار على سفن منظمات الإنقاذ غير الحكومية".

وأضافت أن مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي أودع لدى مجلس الأمن الدولي ملف اتهام لإدارة المهاجرين في الزاوية، التي قالت أنه "تحولت إلى إقطاعية لدى البيدجا الذي يتحرك باسم المؤسسات الليبية ويشرف على ممارسات لا إنسانية ومهينة في حق المهاجرين".

كما اتهمت الصحيفة "البيدجا" والميليشات التي يشرف عليها بالمتاجرة بقضية المهاجرين والاستيلاء على المساعدات المالية التي دفعتها إيطاليا والاتحاد الأوروبي للحكومة الليبية لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

وحسب وسائل إعلام ليبية فإن عبدالرحمن الميلادي يعمل قائدا لحرس السواحل التابع لحكومة الوفاق بمدينة الزاوية يتبع كتيبة الفاروق التي يقودها شعبان هدية، المعروف باسم "أبو عبيدة الزاوي" أحد العناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وكان مكتب النائب العام أصدر مذكرة قبض بحقه مع 110 شخص آخرين على خلفية قضايا تتعلق بتهريب الوقود وتجارة البشر، كما أدرجه مجلس الأمن الدولي وفرنسا على قائمة العقوبات الدولية.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى انتهاكات عديدة تم تسجيلها في مراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين التي تديرها حكومة الوفاق.

وقالت "أفينيري" إنها اطلعت على تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي الخاصة بقضية المهاجرين غير الشرعيين المحتجزين في ليبيا، مشيرة إلى أنها "تثبت استخدام طرق استغلال ممنهجة من قبل المهربين ضد اللاجئين، خاصة في مصراته والزاوية وطرابلس وبني وليد".

وقال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين روبرت كولفيل، منذ أيام أن موظفي المنظمة زاروا، مركز احتجاز الزنتان الذي يضم 654 لاجئا ومهاجرا. وأكد أن المهاجرين يعاملون هناك بشكل مهين وغير إنساني، ويعاقبون بشكل يشبه التعذيب أحيانا.

وتفيد بيانات الأمم المتحدة، بوجود حوالي 3400 لاجئ ومهاجر محتجزين في العاصمة طرابلس، التي تحتدم فيها المعارك منذ بداية أبريل الماضي.

وعبرت أوروبا مرارا عن مخاوفها من أن تسبب هذه المعارك إلى تزايد الرحلات السرية نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط بسبب تدهور الأمن وغياب الاستقرار.

واتسم العام 2018 بأزمة دبلوماسية بين البلدان الأوروبية حول استقبال اللاجئين، خصوصا بعدما أغلقت الحكومة الايطالية التي تعتمد خطابا معاديا للهجرة، المرافئ أمام السفن التي تنقل مهاجرين هذا الصيف.

وقالت السلطات الإيطالية الأسبوع الماضي إنها ستحاكم الألمانية بيا كليمب، قبطان سفينة "سي ووتش"، التي قامت بإنقاذ حوالي الألف مهاجر من الغرق في مياه البحر المتوسط منذ عام 2017، ويتهمها القضاء بالمساعدة والتواطؤ مع الهجرة غير القانونية، لتواجه بالتالي حكما بالسجن لمدة 20 عاما وغرامة قيمتها 150 ألف يورو عن كل مهاجر قامت بإنقاذه.

واتهم وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سالفيني الذي ينتمي لليمين المتطرف الجمعيات الإنسانية التي تقوم بإنقاذ المهاجرين من الغرق بالتواطؤ مع مهربي المهاجرين في ليبيا، وأصدر أمرا وزاريا لقوى الأمن الإيطالية لاستخدام كافة الوسائل واتخاذ مختلف التدابير اللازمة لمنع دخول سفينة "سي ووت" إلى المياه الإقليمية الإيطالية أو المرور بها.

المنظمات الإنسانية تندد بالمعاملة اللاإنسانية التي يتلقاها المهاجرون في مراكز الاحتجاز في ليبيا
المنظمات الإنسانية تندد بالمعاملة اللاإنسانية التي يتلقاها المهاجرون في مراكز الاحتجاز في ليبيا

واستخدمت حكومة الوفاق فزاعة المهاجرين لابتزاز دول الاتحاد الأوروبي لكسب دعمها ومساعدتها في يوقف الهجوم الذي يشنه الجيش الوطني الليبي منذ أبريل الماضي لاستعادة السيطرة على العاصمة طرابلس من الميليشيات والإرهابيين.

وحذرت الحكومة التي يقودها فايز السراج في شهر أبريل الماضي الدول الأوروبية من عدم منعها المهاجرين من مغادرة ليبيا، إذا لم يتراجع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر عن هجومه على طرابلس.

وقال نائب رئيس حكومة الوفاق أحمد معيتيق، آنذاك للصحافة الأجنبية خلال زيارة لروما "ليس ثمة اتفاق على الإطلاق لإبقاء المهاجرين في ليبيا، لا شيء".

ودائما ما تشير وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى معارضتها إعادة المهاجرين الذين يُقبض عليهم في البحر، إلى ليبيا التي تسودها الفوضى منذ سنوات، حيث يتم احتجازهم تعسفا أو يصبحون تحت رحمة الميليشيات.

والسواحل الغربية لليبيا والقريبة من العاصمة طرابلس التي تشهد معارك بين قوات الجيش وحكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها، هي منطقة الانطلاق الرئيسية للمهاجرين وأغلبهم من دول تقع جنوب الصحراء الكبرى حيث يحاولون الوصول إلى أوروبا هربا من الفقر والصراعات في بلادهم.

وندّدت الأمم المتحدة بالظروف السائدة داخل مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، ووصفتها بـ"المزرية".

يذكر أن مجلس الأمن الدولي مدد قرار حظر الأسلحة على ليبيا لعام واحد مطلع الشهر الجاري، فيما عبّر عدد من أعضائه عن أسفهم لتدفق الأسلحة إلى هذا البلد، غداة إعلان حكومة الوفاق تلقيها أسلحة وإمدادات عسكرية لدعم قواتها والميليشيات التابعة لها من تركيا.