المتوقع من إيران في الحج

إيران هربت متفجرات مع الحجاج 1985 ونظمت تظاهرات دموية 1987 وفجرت قنبلة عند باب الحرم 1989 وقتلت المئات بغاز سام داخل نفق المعيصم في يوم عرفة 1990 وختمت بتدافع مشبوه لحجاجها 2015 خلّف نحو ألفي ضحية.

بقلم: فارس بن حزام 

عند كل موسم حج، تتجه الأنظار إلى أمرين؛ قدرة الأمن على حفظه، وترقب سلوك طهران. هذه المواسم اختبار ثابت لكفاءة المملكة الأمنية، ومدى انضباط البعثة الإيرانية، بعد أن مضت أربعة عقود درامية وقاسية كثيراً، شوهت أطهر البقاع، وسفكت فيها الدماء، وأصابت المؤمنين بالفزع.

في موسمنا هذا شيء من التفاؤل تجاه أداء بعثة الحج الإيرانية، ومن ملامحه التعاون اللافت مع وزارة الحج في الأشهر الماضية، والالتزام بالشروط العامة الموضوعة لجميع الدول، والتعهد بعدم تسيس الموسم، وتجنيبه كل ما يعكر صفو الحجاج.

القلق دائم من إيران؛ لأنها استغلت الحج لضرب السعودية، وحولته إلى مناسبة سياسية عبثية، وسلكت إلى ذلك عبر أربعة طرق؛ سفك الدماء، والتظاهرات الكبرى، والمقاطعة وحرمان حجاجها، ودعوات التدويل، ونادراً ما يمضي عام واحد من دون هذه الأدوات المحرمة.

ففي المواسم الماضية ارتكبت إيران الكثير من المعاصي في الحج؛ هربت متفجرات مع الحجاج عام 1985، ونظمت تظاهرات دموية قاتلة عام 1987، وفجرت قنبلة عند باب الحرم عام 1989، وقتلت المئات بغاز سام داخل نفق المعيصم في يوم عرفة عام 1990، وختمت مسيرتها بتدافع مشبوه لحجاجها عام 2015، خلّف أكثر من ألفي ضحية.

وعلاوة على العبث الأمني، حرمت حجاجها من أداء مواسم 1988 و 1989 و 1990، احتجاجاً على أحداث 1987، وعلى خفض حصتها من 150 ألف إلى 45 ألف حاج، وهو قرار لـ"منظمة التعاون الإسلامي" حدد لكل دولة ألف حاج عن كل مليون نسمة. وفي عام 2016 عادت لتحرم حجاجها، ورفضت التعهد بعدم تنظيم تظاهرة، كما رفضت خطوة الحصول على التأشيرات عبر السفارة السويسرية، سعياً للضغط على المملكة، وكان ذلك بعد قطع العلاقات، وتولي سويسرا رعاية المصالح بين البلدين في الرياض وطهران، لكنها عادت في الأعوام التالية ملتزمة بالشروط السعودية، وبآلية إصدار التأشيرات والتصاريح عبر الممثلية السويسرية.

لكن الاستغلال الإيراني للضغط على السعودية استمر عبر دعوت التدويل، وتحريض المجتمعات الإسلامية على كفاءة المملكة في إدارة شؤون الحج. جربت قطر حظها مع هذا التدويل مرة، ليخرج لها الوزير عادل الجبير مهدداً بإعلان الحرب، فتراجعت سريعاً. ومثلها تفعل إيران في موسمنا الحالي، إذ غابت هذه الدعوات عن خطاب قادتها، سعياً لتمرير مناسك حجاجها بهدوء.

واليوم هناك نحو 90 ألف حاج إيراني يؤدون المناسك بسلاسة، وقبل سنوات سجل أكثر من مليون ونصف المليون مواطن إيراني أسماءهم في قوائم حج السنوات المقبلة. فهل تغيرت إيران؟ طبعاً، لا. لكنه الضغط الاقتصادي الداخلي الكبير عليها، وخشية أن ينفجر الوضع، ولولاه لما تجاوبت مع شروط استقبال الحجاج في السعودية، لكنها اضطرت إلى التنفيس عن مواطنيها بعد أن انتهت صلاحية الحيل السابقة.

نُشر في الحياة