المحافظون يحشدون لمحاكمة ظريف وعينهم على إفشال مفاوضات فيينا

مستشار الامن القومي الأميركي يرى أن مفاوضات فيينا النووية بين واشنطن وطهران تقف في منطقة غامضة المعالم، فيما يتصاعد الجدل في طهران حول التسريب الصوتي لوزير الخارجية الإيراني.
حسابات انتخابية تدفع المحافظين لشن حملة على ظريف ومساعده
مقرب من خامنئي يتهم ظريف بأنه مقرب من الأميركيين
المحافظون يدفعون لتأجيل المفاوضات النووية لما بعد الانتخابات الرئاسية
القائد السابق للحرس الثوري الايراني ومساعد قائد فيلق القدس يترشحان لانتخابات الرئاسة

طهران - دعا أعضاء ونواب في تيار المحافظين إلى محاكمة وزير الخارجية محمد جواد ظريف وعزله بعد تسريب تسجيل صوتي لحوار سري كان ينتقد فيه النظام السياسي وتأثير الحرس الثوري الإيراني في السياسة الخارجية وتدخلات قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في مطلع 2020 في غارة أميركية ببغداد، لجهة تقويض الاتفاق النووي للعام 2015.

وتأتي دعوة المتشددين في إيران بينما قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن محادثات الاتفاق النووي الإيراني التي تجري في فيينا "في منطقة غير واضحة"، في أحدث إشارة أميركية على وجود صعوبات قد تقوض المحادثات.

ويعتبر ظريف أحد مهندسي الاتفاق النووي للعام 2015 وأبرز شخصية اصلاحية رتبت للاتفاق المعروف بـ"خطة العمل المشتركة" الذي أنهى سنوات من العقوبات على إيران مقابل تقييد برنامجها النووي قبل أن يتحلل منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مايو/ايار 2018 واعادة فرض عقوبات قاسية على طهران.  

وأوردت دعوة المتشددين في غيران لمحاكمة وعزل ظريف وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (اسنا) نقلا عن عضو من اللجنة التنفيذية البرلمانية.

ومن المتوقع أن يواجه وزير الخارجية الغيراني وهو حاليا خارج البلاد، أسئلة في البرلمان الأسبوع المقبل.

وخلال المقابلة التي أجراها أحد مستشاري الرئيس حسن روحاني في مكتب الرئاسة، انتقد ظريف تدخل الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الدبلوماسية بوزارة الخارجية.

وأفادت تقارير بأن التسجيل سرقته "دوائر داخلية" وقدمته لمحطات إخبارية بالفارسية في لندن. وبحسب روحاني فإن هذا يرقى إلى الخيانة حيث أن المحطتين يمولهما "أعداء" إيران وبالتالي فهما محظورتان في البلاد.

وقال روحاني في تصريحات نقلتها وكالة أنباء إسنا "إن الشريط الصوتي المسروق يعد وثيقة حكومية سرية وإن السرقة هي محاولة لتحقيق مكاسب سياسية"، مضيفا أن نشر الشريط يعد بمثابة إستراتيجية من جانب المتشددين لزيادة الضغط قبل الانتخابات، المقرر إجراؤها في 18 يونيو/حزيران وكذلك لعرقلة المفاوضات النووية.

وتأتي الدعوة لمحاكمة وعزل ظريف ضمن ضغوط شديدة يمارسوها المحافظون لتحقيق مكاسب سياسية تعزز موقعهم في الانتخابات الرئاسية، مستثمرين تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي وتحلل واشنطن من الاتفاق النووي قبل عامين ومحاولات متعثرة للعودة للاتفاق السابق.

ويسعى المحافظون بزعامة المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي وبدعم من الحرس الثوري، لتعطيل العودة للاتفاق النووي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التي يخوضونها بأكثر من مرشح غالبيتهم من العسكريين المتشددين.

ودفع المتشددون بعدد من المرشحين من القادة الكبار في الحرس الثوري لخوض الاستحقاق الانتخابي كان آخرهم محسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري الذي أعلن اليوم الجمعة ترشحه رسميا لخوض سباق الرئاسة.

وقال رضائي "سأخوض الانتخابات كجندي للوطن وسأقف أمام سراب الدبلوماسية الزائف، وسأقضي على تيار التغلغل في البلاد وأشكل حكومة وطنية لبناء إيران ومحاربة الفساد والتغلغل".

وكان رستم قاسمي وهو مساعد قائد فيلق القدس للشؤون الاقتصادية، قد أعلن يوم الثلاثاء الماضي في مؤتمر صحفي أيضا ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية.

ولم يعلن وزير الخارجية الحالي ظريف الذي يتعرض لضغوط شديدة عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة لكنه يحظى بشعبية واسعة وتلقى دعوات من عدد من الاصلاحيين للترشح، حيث لا يسمح الدستور الإيراني للرئيس الحالي حسن روحاني للترشح لولاية رئاسية ثالثة.

ويتوجس المحافظون من أن يرشح تيار الإصلاحيين ظريف لانتخابات الرئاسة وهو ما يقلل من حظوظ مرشحيهم المتشددين.

وسلطت تصريحات أحد الشخصيات النافذة والمقربة من نجل المرشد الأعلى في إيران، الضوء على قلق المحافظين من امكانية ترشح ظريف للرئاسة.

واتهم مهدي طائب قائد مقر عمار والمقرب من مجتبى خامنئي ظريف من دون أن يذكره بالاسم، بأنه "مقرب من الأميركيين وأنه يتعامل مع وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري".

وبحسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية قال طائب "أيها السيد الوزير، سنحل العالم وإمام الزمان بشرط أن تتخلى عن كيري. الحاج قاسم لم يقف إلى جانب كيري"، مضيفا "كل هذه الأحافير الأمنية، جميع الأميركيين خططوا لتأجيج الانتخابات المقبلة. إن الكلام الذي خرج للعلن (التسريب الصوتي لظريف) كان من أعماق ذلك القلب. إنه قال إن الحاج قاسم منعنا من رفع العقوبات".

وتشمل الحملة التي يقودها المحافظون إلى جانب ظريف، مساعده عباس عراقجي الذي يقود الوفد الإيراني المفاوض في محادثات فيينا غير المباشرة مع الولايات المتحدة بوساطة أطراف الاتفاق النووي.

وكانت وسائل اعلام إيرانية رسمية مقربة من المحافظين قد اتهمت عراقجي بالتعرض للخداع من قبل الأميركيين، مشيرة إلى أنه يجري دفعه لتقديم تنازلات وشككت في قدرته في إدارة التفاوض بكفاءة تسمح بتحقيق مكاسب.

ودخل عراقجي في سجالات مع التلفزيون الإيراني الرسمي الذي تساءل عن مدى ما حققه في مفاوضات فيينا.

ويرى الاصلاحيون أن الحملة الممنهجة ضد ظريف وعراقجي جزء من حملة تشكيك واسعة لاغراض سياسية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

وكان روحاني ذاته قد اتهم من وصفهم بـ"القلة" في البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون، بعرقلة المفاوضات النووية وتعطيل مسار رفع العقوبات عن إيران.

وفي مؤشر على حالة الجمود التي قد تطرأ على المفاوضات النووية، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان اليوم الجمعة إن المفاوضات غير المباشرة في فيينا بشأن عودة واشنطن وإيران إلى الالتزام بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 تقف "في منطقة غير واضحة المعالم".

وتأتي تصريحاته في أعقاب بدء جولة ثالثة من المحادثات هذا الأسبوع في العصمة النمساوية، يعكف فيها ممثلون عن بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي على الوساطة بين الوفدين الأميركي والإيراني.

وقال سوليفان في منتدى أمني "لن أصف مستوى المفاوضات في هذه المرحلة لأنها ...في منطقة غير واضحة المعالم".

وأضاف "لمسنا رغبة من كل الأطراف ومنهم الإيرانيون، في الحديث بجدية عن تخفيف العقوبات وعن العودة إلى الاتفاق النووي، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الرغبة ستسفر في نهاية المطاف عن اتفاق في فيينا".

وكان الاتفاق يقيد برنامج إيران النووي لمنعها من تطوير أسلحة نووية، مقابل تخفيف العقوبات الأميركية والدولية قبل أن ينسحب منه ترامب ويعيد فرض عقوبات على الجمهورية الاسلامية ملغّما اي مسار تفاوضي يقوده خلفه الرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي أعلن في حملته الانتخابية الرئاسية عزمه العودة للاتفاق النووي.

وفي معرض سؤاله عما إذا كان الإيرانيون يتفاوضون بحسن نية، قال سوليفان "أعتقد أن حسن النية واضح... أقبل الإيرانيون بجدية لخوض مباحثات جادة حول التفاصيل وتعمل الفرق الآن على ضوء تلك التفاصيل".

وتدور الخلافات الرئيسية حول العقوبات التي يجب على أميركا رفعها والخطوات التي يتعين على إيران اتخاذها لاستئناف التزاماتها بموجب الاتفاق والتي تقيد برنامجها النووي.