المحامون الجزائريون يتوجسون من مشروع قانون يهضمُ حق الدفاع

مشروع قانون الإجراءات الجزائية يوسع صلاحيات النيابة العامة ويقلص عدد المحلفين في محاكم الجنايات، ما يشكل تهميشا لدور المحامي.

الجزائر - أثار مشروع قانون الإجراءات الجزائية الذي عرضه وزير العدل الجزائري بوجمعة لطفي خلال الأسبوع الجاري تحت قبة البرلمان، غضب المحامين الذين ذهب بعضهم إلى حد التساؤل عن الجدوى من حضور المحامي جلسات التحقيق والمحاكمات في حال تم إقرار التشريع، باعتباره يتضمن تضييقا على حقوق المتقاضين، وسط مخاوف حقوقية من تشديد الأحكام بحق المعارضين للنظام الذي يواجه اتهامات بتكميم الأفواه وتحويل البلاد إلى سجن كبير.

ونقل موقع "الخبر" الجزائري عن رئيس اتحاد منظمات المحامين الجزائريين إبراهيم طايري قوله إن "الهيكل يرفض هذا المشروع"، فيما تساءل عن توقيت عرضه الذي يتزامن مع الاستعدادات لتنظيم انتخابات تجديد هياكل منظمات المحامين.

وانتقد إقصاءهم من صياغة مشروع قانون الإجراءات الجزائرية، مردفا أن الاتحاد عقد في وقت سابق جلسات مع وزارة العدل أفضت إلى الاتفاق على حذف وتعديل بعض بنود المبادرة التشريعية، مشيرا إلى أنه لا وجود لها في النص المعروض.

وانتقد العديد من المحامين الجزائرين هذه الخطوة ومن بينهم سعيد زاهي المحامي عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين الذي قال في منشور على صفحته بموقع فيسبوك إذا "تم تمرير هذا التعديل بهذه الصلاحيات الموسعة للنيابة وبهذا التضييق على حقوق الدفاع فالأفضل للمحامي عدم الحضور لدى قاضي التحقيق ومقاطعته نهائيا".

ويشمل المشروع "إنشاء وكالة وطنية لإدارة الأموال المجمدة أو المصادرة وتنظيم تصفية الممتلكات المحجوزة دون انتظار الأحكام النهائية كما يهدف إلى تعزيز الوساطة كبديل قضائي ويتضمن تقليص عدد المحلفين في محاكم الجنايات وتوسيع صلاحيات النيابة العامة"، وفق مواقع جزائرية.

ويتضمن المقترح القانوني إجراءات تهدف إلى حماية المسؤولين المحليين من الملاحقات القانونية غير المبررة، كما يقترح تعميم "نظام الأمر الجزائي" لتسريع البت في القضايا البسيطة مع ضمان تعزيز حقوق الدفاع وحق الطعن أمام النائب العام، إلى جانب إعادة تنظيم الأقطاب القضائية وتحديد صلاحياتها.

ويتوجس الحقوقيون والمنظمات من أن يطلق مشروع القانون الجديد، في حال إقراره، يد السلطة القضائية، مقابل إضعاف دور المحامي، في وقت ترتفع فيه وتيرة ملاحقات المعارضين في قضايا توصف بـ"الملفقة"، خاصة وأن التجربة أثبتت أن العديد من الأحكام التي قضت بها محاكم جزائرية بحق إعلاميين ونشطاء صدرت بعد انتقادهم للسلطة السياسية القائمة أو مساندتهم لموقوفقين في قضايا مشابهة وظفت فيها قوانين فضفاضة مثل قانون العقوبات وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.

وتجمع تقارير دولية على أن وضع الحريات في الجزائر يزداد قتامة، في ظل ارتفاع وتيرة قمع أصحاب الرأي المخالف وتقييد حرية التعبير وتضييق الخناق على الجمعيات وكافة التحركات الاحتجاجية.

وندّدت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الخميس بما أسمته "تصعيد القمع" خلال الأشهر الخمسة الماضية في الجزائر، خصوصا ضد حركة احتجاجية على الإنترنت، وتحدثت عن "اعتقالات تعسفية" وتتبعات قانونية "جائرة".

وأوقفت السلطات الجزائرية وحكمت على ما لا يقل عن 23 ناشطا وصحافيا خاصّة على خلفية دعمهم لحملة "مانيش راضي" الاحتجاجية على الإنترنت، وهي حركة أطلقت في ديسمبر/كانون الأول الماضي للتنديد بالقيود المفروضة على حقوق الإنسان وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة"، بحسب بيان للمنظمة غير الحكومية.

وأشارت "أمنستي" إلى أن هؤلاء الأشخاص أوقفوا لمجرد ممارستهم لحقوقهم بطريقة سلميّة"، فيما قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة "ينذر نهج قمع النشاط على الإنترنت الذي تتبعه السلطات الجزائرية بالخطر ويجب تغييره. لا شيء يمكن أن يبرر احتجاز الأشخاص وسجنهم لمجرد إعرابهم عن عدم رضاهم عن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية".