المحتجون الإيرانيون يوثقون دموية النظام بالصوت والصورة

العديد من الإيرانيين اختاروا إرسال تسجيلات فيديو مباشرة التي توثق القمع الدموي إلى الصحافيين والنشطاء في الخارج خوفا على حياتهم.
السلطات لم تعلن بعد عدد القتلى الإجمالي بسبب الاضطرابات
انقطاعات الانترنت أخفت عن العالم ما جرى خلال الاحتجاجات
فيديوهات تتدفق على الانترنت وتكشف حجم القمع في إيران
الاحتجاجات انطلقت من مناطق يسكنها الأكراد والعرب

طهران - تدفقت على الانترنت تسجيلات فيديو تصور مشاهد مفزعة لمحتجين ينزفون وحواجز طرق مشتعلة وقناصة على الأسطح بعد أن رفعت إيران التعتيم التام على الانترنت، لتظهر حملة القمع التي يصفها محللون بأنها الأكثر دموية التي يشنها النظام.

وصرح كامران متين، المحاضر البارز في العلاقات الدولية بجامعة ساسكس في بريطانيا في نيقوسيا، إن هذا القمع "كان أشد قسوة" مما كان عليه خلال الاحتجاجات السابقة في إيران.

وأضاف "جميع مقاطع الفيديو التي شاهدتها قبل أن يتم إغلاق الإنترنت تظهر أن الفترة ما بين تجمع الناس وإطلاق النار 'بهدف القتل' كانت قصيرة جدا".

واندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد في 15 تشرين الثاني/نوفمبر بسبب قرار السلطات رفع أسعار الوقود كجزء من محاولة تخفيف الضغوط على الاقتصاد المتضرر من العقوبات المفروضة على طهران.

وقامت السلطات بوقف الانترنت بحسب ما ذكر موقع "نيت بلوكس" الذي يرصد انقطاعات الانترنت، ما أخفى عن العالم ما جرى خلال الاحتجاجات.

مع استعادة الإنترنت تدريجياً بعد أسبوع وتصريح المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بأنه تم إحباط مؤامرة "خطيرة للغاية"، بدأت صورة الأحداث تظهر تدريجياً.

وتظهر العديد من مقاطع الفيديو من بعض المناطق التي اندلعت فيها التظاهرات ويقدر عددها بنحو 100 منطقة، قوات الأمن تطلق النار من مسافة قريبة على المتظاهرين العزل أو تضربهم بالهراوات.

وتظهر بعض اللقطات غير الواضحة أشخاصا ينزفون وهم ملقون على الأرض وهم يصرخون بفزع بينما يهرع آخرون لمساعدتهم.

وتُسمع أيضا أصوات حشود تطلق شعارات ضد الأجهزة الأمنية والنخبة الحاكمة وتعبر عن احباطها بسبب التضخم والبطالة.

ويقول مواطن إيراني يعيش في الخارج وكان يزور إيران أثناء الاحتجاجات وطلب عدم كشف هويته، إن "إيران لم تشعر بيأس وحزن مثل هذا في تاريخها".

وأحرقت متاجر وبنوك ومحطات وقود وعربات شرطة، بينما أغلقت طرق رئيسية بحاويات قمامة وإطارات مشتعلة.

وفي أحد تسجيلات الفيديو من حي شرق طهران تحققت منه منظمة العفو الدولية التي مقرها لندن، تهرع مجموعة من رجال الأمن من وراء مبنى وتطلق النار على متظاهرين في الشارع.

ويظهر تسجيل آخر العديد من المسلحين في زي أسود يطلقون النار من على سطح مبنى حكومي في جافانرود غرب طهران في محافظة كرمنشاه.

وقال متين إن المناطق الغربية التي يسكنها الأكراد ومحافظة كازخستان التي تسكنها غالبية من الإتنية العربية كانت مواقع أولى للاحتجاجات.

وقالت راحة بحريني الباحثة في منظمة العفو الدولية في مقال نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" الاثنين إن السلطات استخدمت القوة المفرطة في الماضي ضد المتظاهرين المسالمين.

وأضافت "ما رأيناه هذه المرة هو استخدام غير مسبوق للقوة الفتاكة ضد المتظاهرين العزل".

وذكرت منظمة العفو الدولية انه يعتقد أن 208 أشخاص قتلوا في الاحتجاجات، ويتوقع أن تكون الحصيلة أكبر بكثير.

ورفضت السلطة القضائية الإيرانية حصيلة القتلى واعتبرتها "محض أكاذيب".

وقالت السلطات إن خمسة أشخاص قتلوا، وإنها اعتقلت أكثر من 500 شخص بينه نحو 180 من "زعماء العصابات"، وألقت باللوم في الاضطرابات على "البلطجية" المدعومين من أعداء خارجيين بينهم أعداؤها اللدودون الولايات المتحدة وإسرائيل.

ورغم عمليات التدقيق، إلا أن رسم صورة كاملة لما حدث لا يزال أمراً صعباً.

في المقابل أكدت منظمة العفو الدولية أن "عائلات الضحايا تعرضت للتهديد وتم تحذيرها من التحدث للإعلام".

ولكن بعض العائلات لم تأبه بالتحذير، بينها عائلة بويا بختياري، أحد الأشخاص الذين أكدت المنظمة مقتلهم.

وأرسلت العائلة تسجيلات فيديو إلى الناشط المقيم في الولايات المتحدة ماسيح علي نجاد.

وفي التسجيل يكشف شخص ما جثة بختياري والمكان الذي أصيب فيه بعيار ناري في الرأس.

ولكن بالنسبة للعديد من العائلات فإن الخوف من الانتقام يمنعها من الحديث.

وتردد أن الصحافي محمد مساعد اعتقل بعد التفافه على حظر الانترنت وكتب تغريدة "مرحبا أيها العالم الحر. لقد استخدمت 42 طريقة مختلفة لكتابة هذا! ملايين الإيرانيين منقطعون عن الانترنت. هل تسمعوننا؟".

وقال كافيه ازارهوش الباحث البارز في "سمول ميديا" التي ترصد الوصول إلى المعلومات والحقوق الرقمية في إيران، أن العديد من الإيرانيين خائفون على الأرجح من نشر تسجيلات الفيديو مباشرة ويختارون بدلا من ذلك إرسالها إلى الصحافيين والنشطاء في الخارج.

وأضاف "مؤسسة صنع القرار أدركت أنه لا يمكن التحكم في كيفية استخدام الأشخاص للانترنت بمجرد التحكم في عملية قطعها أو توفيرها، يجب أن يكون هناك عامل التخويف من استخدام الانترنت".