المحكمة الأوروبية تسمح لفرنسا بترحيل سجين إلى الجزائر

القضاء الفرنسي حكم على رجل يدعى أ. م. بالسجن لتسليمه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نظارات للرؤية الليلية وأموالا. وكان يعتزم أيضا الانضمام إلى هذا التنظيم.

ستراسبورغ - سمحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الاثنين لفرنسا بإبعاد رجل يمضي عقوبة بالسجن في قضية إرهاب إلى الجزائر، في "سابقة" لهذه المحكمة التي كانت حتى الآن تتحفظ على إعطاء الضوء الأخضر لذلك بسبب خطر التعرض للتعذيب.

وقال مصدر في المحكمة "إنها المرة الأولى التي تسمح فيها المحكمة بإبعاد شخص مدان في قضية إرهاب إلى الجزائر".

حتى الآن كانت المحكمة تتحفظ على الموافقة على إبعاد أفراد إلى الجزائر بسبب لجوء أجهزة مكافحة الإرهاب هناك للتعذيب.

في شباط/فبراير 2018 دانت المحكمة باريس لإبعادها إلى الجزائر رجل دين في قضية إرهاب رغم "الخطر الحقيقي للتعرض لمعاملة غير إنسانية"، كما قال على تويتر نيكولا إرفيو الأستاذ الجامعي والأخصائي المعترف به لدى المحكمة.

ولم يتردد هذا الأستاذ في التحدث عن "تغيير ضخم في موقف" المحكمة التي "باتت تعتبر أنه يمكن لفرنسا إبعاد جزائري" حكم عليه سابقا في قضية إرهاب لأنها ترى أنه "لا خطر لتعرضه لمعاملة غير إنسانية ومهينة في بلده".

وقال مصدر في المحكمة التي تتخذ مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقرا لها إن الأمر "لا يتعلق بتغيير في قواعد المحكمة" قائلا إن "الوضع في الجزائر تغير" في السنوات الأخيرة، فقد "عدلت الجزائر ممارساتها" وأدخلت "إصلاحات دستورية" ما يسهل اليوم عمليات الإبعاد.

وقال مصدر في المحكمة إن هذه الهيئة سمحت في نيسان/أبريل 2018 بإبعاد إمام من مرسيليا إلى الجزائر "لكنه لم يكن محكوما في قضية إرهاب"، ما يجعل قرار المحكمة الأوروبية الجديد "سابقة".

والقرار الصادر بالإجماع من قبل القضاة السبعة يشير بوضوح إلى "عدم وجود أسباب جدية ومحققة" تدفع إلى الاعتقاد بأن الجزائري البالغ الـ34 من العمر الذي حكم عليه في فرنسا في 2015 بالسجن ست سنوات "للمشاركة في عصابة للإعداد لعمل إرهابي" ومنع بشكل نهائي من دخول الأراضي الفرنسية مجددا، سيتعرض لـ"معاملة غير إنسانية" في بلده.

وأكد القضاة الأوروبيون أن "محاكم عديدة للدول الأعضاء الـ47 في مجلس أوروبا (منها فرنسا) بعد درس معمق للأوضاع العامة في الجزائر خلصت مؤخرا إلى غياب مخاطر انتهاك المادة 3 في المعاهدة" الأوروبية لحقوق الإنسان (حظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو المهينة) في حال الإبعاد.

وأضافوا أن "معظم التقارير المتوفرة حول الجزائر للعامين 2017 و2018 لم تعد تشير إلى تسجيل حصول أعمال تعذيب بحق أشخاص مرتبطين بقضايا إرهاب".

وكانت القضاء الفرنسي حكم في باريس على الرجل الذي قالت المحكمة الأوروبية أنه يدعى أ. م. بالسجن لتسليمه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نظارات للرؤية الليلية وأموالا. وكان يعتزم أيضا الانضمام إلى هذا التنظيم.

وقد لجأ إلى المحكمة الأوروبية ليعترض على قرار إبعاده الذي صدر عن شرطة لوار في شباط/فبراير 2018، مشيرا إلى أنه يمكن أن يتعرض للتعذيب في الجزائر.

وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلبت في حينها من باريس تعليق قرار الإبعاد طالما لم تنته الإجراءات أمام هذه الهيئة.

ومنذ العاشر من أيلول/سبتمبر 2018 وضع أ. م قيد التوقيف الإداري .

وقالت المحكمة في حيثياتها "لا شيء يثبت بأن السلطات الجزائرية التي لم تطلب أبدا من باريس إبعاده، أظهرت اهتماما خاصا بهذا الشخص غير الملاحق قضائيا في الجزائر".

وأمام أ . م مهلة ثلاثة أشهر لاستئناف هذا القرار. وقال مصدر في المحكمة "المنطق يقول إن السلطات الفرنسية لن تقوم بإبعاده قبل انتهاء هذه المهلة لأن القرار ليس نهائيا".

وفي السنوات الأخيرة أصبحت السجون الفرنسية تؤرق الدولة، حيث يشكل المتطرفون الإسلاميون نسبة كبيرة من المساجين في فرنسا ما يعكس المخاوف من تحول السجون إلى  بؤر لتفريخ الإرهابيين.

ويوجد من بين 70 ألف سجين في فرنسا 500 أدينوا بالإرهاب، و1200 شخص مصنفين كمتشددين، وفق وزارة العدل الفرنسية.

وكان خبراء ونقابيون أطلقوا صفارات الإنذار مؤخرا بشأن انتشار التطرف في السجون الفرنسية، ما دفع بالحكومة إلى التسريع بإيجاد حلول عاجلة لإيواء العناصر الخطيرة.

وشهدت فرنسا العديد من العمليات الإرهابية على يد متطرفين بوتيرة تعتبر أكثر من بقية البلدان الأوروبية، ويبقى ملف التطرف المحلي داخل فرنسا ودول أوروبية أخرى أيضا تحديًا كبيرا يتصاعد مع عودة المقاتلين الأجانب من سوريا.

والشهر الجاري أعلنت السلطات الفرنسية للمرة الأولى عن فتح ملف المتطرفين الإسلاميين أمام بعض الباحثين أملا في فهم الظاهرة أو منعها.

وقال رئيس الوزراء إدوار فيليب إن فرنسا تريد "أن تفهم بشكل أفضل" ظاهرة التطرف الإسلامي "ليس للتبرير بل من أجل رصد أفضل (للظاهرة) ومنعها بشكل أفضل وببساطة من أجل حماية أفضل" منها.