المدارس الخاصة مقياس للطبقية مع تدهور التعليم في سوريا
دمشق – تزايدت في السنوات الماضية أعداد المدارس الخاصة في سوريا إذ لم يقتصر انتشارها على المدن الرئيسية، بل شملت البلدات المحيطة في ظل تدهور التعليم الحكومي وسوء أوضاع مدارسه، غير أن المدارس الخاصة متباينة أيضا في مستواها التعليمي والتلاميذ الذين يرتادونها تبعا لأوضاعهم الاقتصادية، مما جعل المؤسسات التعليمية الخاصة والعامة أشبه بمقياس للطبقية في سوريا.
ويعاني قطاع التعليم في سوريا من تدهور كبير على صعيد المستوى التعليمي الحكومي بعد هجرة الكثير من الكوادر، ما جعل من التعليم الخاص ابتداء من الروضة وحتى الجامعة بديلا عنه، لكنه يعتبر بديلا مُرهق على الصعيد المالي، وهو الأمر الذي جعله يبدو أقرب إلى التجارة منه إلى التعليم.
وأدّى انخفاض مستوى التعليم في القطاع الرسمي وارتفاع تكاليفه وضعف جودته في القطاع الخاص، إلى بحث شرائح مجتمعية واسعة عن بدائل عملية تتيح تحقيق جودة في النتائج التعليمية التي يتطلبها سوق العمل أو مقتضيات الخروج من البلاد. انتشرت بشكل واسع المعاهد التعليمية الخاصة والدروس الخصوصية في المنازل والمقاهي. وعلى الرغم من محاولة وزارة التربية في دمشق منع الظاهرة (عبر إصدار تعميمات تمنع الدروس الخاصة في المنازل وإرسال دوريات من الوزارة لمراقبة الدروس الخصوصية)، إلا أنها فشلت في ذلك، والأمر نفسه انتشر في مناطق خارج سيطرتها.
وتناولت تقارير إخبارية محلية انحراف منظومة التعليم الخاصة في سوريا، والمكونة من معاهد ومدارس وجامعات، بعد أن كانت رديفا للتعليم الحكومي، إذ تحولت إلى تجارة أكثر رواجا وربحا من غيرها، ونمت وازدهرت مؤخرا مستفيدة من تدهور التعليم الحكومي الذي يشهد نزيفا للمعلمين بسبب ضآلة الرواتب.
ولفتت أن التعليم الخاص دخل مرحلة متقدمة من الاستغلال والممارسات التي تضرّ بسمعة ومكانة وقيمة المُعلّم والذي بات سلعة ضمن بورصة المدارس والمعاهد الخاصة المرخصة وغير المرخصة لترغيب الأهالي والطلاب من كافة المراحل الدراسية، مقابل مبالغ مالية وتسعيرة شهدت خلال هذه الفترة التحضيرية لشهادتي الثانوي والتعليم الأساسي ارتفاعا كبيرا وبصورة غير مألوفة فاقت قدرة الأهالي على التحمل في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، وهو ما ينسحب على المعاهد المتخصصة بالدورات التعليمية.
وشهدت أجور التعليم الخاص ارتفاعاً ملحوظاً في العام الدراسي 2024 - 2025، بسبب التصنيفات التي أصدرتها الحكومة لرياض الأطفال والمدارس والجامعات الخاصة، والتي يُضاف إليها أجور النقل، وبالتالي زيادة الأعباء.
وكشفت وزارة التربية عن اتباع نظام جديد يقوم على تصنيف المدارس الخاصة "وفق نقاط الخدمات المالية" المقدّمة من قبلها، بهدف ما وصفته بـ"تحقيق العدالة" بين المدارس الخاصة.
ونقلت صحيفة "الوطن" عن مدير التعليم الخاص في وزارة التربية راغب الجدي قوله "سيتم اعتباراً من العام الدراسي القادم اعتماد تصنيف المدارس الخاصة وفق النقاط لتحديد قيمة الخدمات التي تقدمها هذه المدارس".
وأضاف الجدي "سيُحدد مبلغ مالي لكل نقطة ومن ثم يتم جمع هذه النقاط وضربها بهذا المبلغ الذي جرى تحديده، وبالتالي يتم تحديد قيمة الخدمات وفقاً لنقاط كل مدرسة، ومن ثم يُجمع المبلغ الخاص بالخدمات مع المبلغ الخاص بالتعليم. وبناء عليه، سيُحدد قسط المدرسة الخاصة باستثناء النقل"، مشيراً إلى أنه سابقاً كان يتم ترك المبلغ الخاص بالخدمات مفتوحاً لكل مدرسة.
وأوضح أن تصنيف النقاط في المدارس الخاصة تم العمل عليه منذ عام 2017، لكن في العام الدراسي القادم سيتم تطبيقها "لضبط المدارس عند احتساب قيمة الخدمات بشكل عشوائي، ولذلك من الممكن أن تكون هناك مبالغ كبيرة من بعض المدارس، كما أن هذا النظام يساعد على تحقيق العدالة وذلك بعدم مساواة مدارس خاصة ذات تصنيف عال بأخرى تصنيفها أقل".
ولفت إلى أن مديريات التربية هي التي ستشرف على تصنيف هذه المدارس واحتساب المبالغ وفقاً لهذا التصنيف، مشيراً إلى أنه "تم وضع معايير لهذه التصنيفات، وأن صاحب المدرسة الخاصة في النهاية هو مستثمر ومن حقه أن يكون لديه هامش ربحي معين، ولذلك تم تحديد هوامش لهذا الموضوع حتى تكون هناك مساواة في المدارس".
ويفضّل الأهالي وضع أبنائهم في المدارس الخاصة بدلاً من العامة، بسبب النظام والانضباط فيها، ووجود كوادر تعليمية مؤهلة، إضافة إلى كونها تغني الطلاب عن اللجوء إلى الدروس الخصوصية.
وتصنف الحكومة المدارس الخاصة في البلاد إلى أربع فئات (أولى، ثانية، ثالثة، رابعة)، ويتم تحديد قيمة القسط المدرسي بناءً على مجموعة من العوامل التعليمية والخدمية التي تقدمها.