المراسل الحربي.. الإعلام الحربي في الفضائيات العراقية

كاظم عيدان شديد يتصدى لموضوع المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية ودوره في تعزيز معلومات الجمهور عن العمليات العسكرية.
حاجة الجمهور تزداد في الصراعات المسلحة إلى المعلومات لفهم والتعرف على الذي يحدث حولهم
للتلفزيون تأثير على الجمهور وصانع القرار السياسي في الدول المختلفة

يتعاظم الدور الإعلامي لاسيما الإخباري للفضائيات في أوقات الحروب والأزمات الدولية والصراعات الإقليمية، وذلك عن طريق الجدل حولها، وتقديم انطباعات وتصورات بشأن الأطراف المشتركة فيها، وإضفاء الشرعية على بعض الأطراف، وفي الوقت ذاته تجريد أطراف أخرى من الشرعية وإبراز قضايا فرعية معينة وتجاهل أخرى. 
وتزداد حاجة الجمهور في الصراعات المسلحة إلى المعلومات لفهم والتعرف على الذي يحدث حولهم، فيكون المراسلون الحربيون هم المصدر الأول الذي يلجأون إليه لاستقاء معلوماتهم بشأن تلك الأحداث العسكرية، لأنهم أول من يصل إلى مكان الحدث أو قربه، وتتصاعد درجات ومستويات اعتماد الجمهور على المراسلين الحربيين كمصدر للمعلومات عن العمليات العسكرية، وتتزايد هذه العلاقة بوضوح في ظل ظروف عدم الاستقرار الاجتماعي والتغيرات الاجتماعية والتهديدات الأمنية، فيلجأ الأفراد في هذه الحالة إلى الفضائيات في محاولة لكشف الغموض للأحداث وإيجاد التفسير المناسب لها.
من هنا تنبع أهمية هذا الكتاب "المراسل الحربي.. الإعلام الحربي والتغطية الإعلامية" للباحث العراقي د.كاظم عيدان شديد الصادر عن دار العربي، والذي تصدى لموضوع المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية ودوره في تعزيز معلومات الجمهور عن العمليات العسكرية والذي يتمثل في ضرورة تحديد صورة واضحة ودقيقة للجمهور بعد أن أصبحت تغطية الأحداث العسكرية في مقدمة اهتمامات القنوات الفضائية العراقية، لاسيما في ظل التنافس بين القنوات الفضائية لتغطية الأخبار والأحداث العسكرية، فضلا عن اهتمامها بجوانب التركيز الإعلامي في تغطيتها التفصيلية والمباشرة عن طريق تقديمها لمجموعة من الأخبار الحربية، وكيف يمكن للتغطية أن تعدل أو تعزز تلك الاتجاهات وهو الجوهر الحقيقي لعملية الاتصال الجماهيري والغاية التي يروم القائمون بالاتصال، الوصول إليها.

كاظم عيدان شداد سعى عن طريق الأساليب والأدوات البحثية المتاحة لديه إلى تحقيق جملة من الأهداف

أكد شديد أن للتلفزيون تأثيرا على الجمهور وصانع القرار السياسي في الدول المختلفة، فالمراسلون الحربيون يقومون بدور تعزيز الحقائق ودعمها أو تغييرها أو التأثير في أطراف النزاع إيجابا أو سلبا، والجمهور يعتمد على الفضائيات لتحقيق أهداف عدة تتمثل بالفهم والتوجيه، التي يتطلب الوصول إليها لأنها تسيطر على مصادر المعلومات لاسيما القنوات الفضائية عن طريق مراسليها الحربيين، بمعنى أنه كلما زاد اعتمادهم على المراسلين الحربيين في الحصول على احتياجاتهم من المعرفة والمعلومات، يزداد الدور الذي تؤديه في حياتهم اليومية ومن ثمَّ يزداد التأثير فيهم ولاسيما التأثيرات المعرفية. وتزداد أهمية المعلومات أثناء الحرب فتسعى القنوات الفضائية إلى تعزيز الأخبار وزيادة مساحتها لخلق تغطيات إعلامية مؤثرة، ومن هذا المنطلق نحاول دراسة "المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية ودوره في تعزيز معلومات الجمهور عن العمليات العسكرية" كموضوع بحثي يعتقد الباحث أنه سيسهم كثيرا في التعرف على الآليات التي تساعد العاملين في الأخبار للوصول إلى الجمهور. 
ورأى أن دراسة موضوع المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية ودوره في تعزيز معلومات الجمهور عن العمليات العسكرية ذات أهمية في ظل الظروف والتحديات التي تعصف بالعراق، والتغيرات المتسارعة التي تحدث في الميدان مما يستدعي معها تغيير مماثل يواكبه في وقت أضحى الجمهور فيه بأمس الحاجة إلى المعلومة الصادقة، فالقدرات المتزايدة للقنوات الفضائية في نقل الأخبار بسرعة وفورية إلى جانب ما تتميز به من عناصر الإبهار جعل متابعة الأخبار التلفزيونية مادة تحظى بمزيد من الاهتمام الجماهيري.
سعى شداد عن طريق الأساليب والأدوات البحثية المتاحة لديه إلى تحقيق جملة من الأهداف ومنها ما يأتي: الأهداف الخاصة بمتغير المراسل الحربي "القائم بالاتصال": أولا تحديد آليات تأهيل وتطوير أداء المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية. ثانيا تحديد دوافع ومقومات نجاح المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية، ثالثا تشخيص أهم المبادئ الأخلاقية التي يجب على المراسل الحربي الالتزام بها في تغطيته الإخبارية في القنوات الفضائية العراقية. رابعا كشف القوى أو العوامل والضغوط التي تؤثر في أداء المراسل الحربي في القنوات الفضائية العراقية. خامسا تحديد الأشكال والأساليب الإخبارية التي استخدمها المراسل الحربي في تعزيز معلومات الجمهور. 
أما الأهداف الخاصة بمتغير الجمهور، فسعي إلى: أولا؛ تحديد مدى اهتمام الجمهور بمتابعة الأحداث العسكرية التي يعدها المراسلون الحربيون في القنوات الفضائية العراقية. ثانيا؛ تشخيص أهم القنوات الفضائية العراقية التي يفضلها المبحوثون ويعتمدون عليها في الحصول على الأخبار والمعلومات. ثالثا؛ تشخيص أهم البرامج وأشكال الخدمة الإخبارية التي أسهمت في تعزيز المعلومات التي لها علاقة بالعمليات العسكرية. رابعا؛ تحديد مدى إعتماد الجمهور على المراسلين الحربيين كمصدر للمعلومات في القنوات الفضائية العراقية. خامسا؛ الكشف عن معدل إعتماد الجمهور على المراسل الحربي في متابعة الأحداث عن العمليات العسكرية في القنوات الفضائية العراقية. سادسا؛ تشخيص أي مدى يستطيع الجمهور عن طريقه تحديد قناعته بأداء المراسلين الحربيين في القنوات الفضائية العراقية. سابعا؛ تشخيص أبرز الآثار المعرفية التي اكتسبها الجمهور عن طريق تغطية العمليات العسكرية من قبل المراسلين الحربيين في القنوات الفضائية العراقية.
ووصل شداد إلى استنتاجات مهمة من دراسته الميدانية للمراسلين الحربيين منها: التأكيد على دافعية "الرغبة الذاتية" في المشاركة بتغطية العمليات العسكرية بالاستناد إلى "الواجب الوطني" كمسوغ وباعث للعمل الإعلامي الميداني المحفوف بالمخاطر بحسب نتائج إجابات المراسلين الحربيين. وكذا ضعف اهتمام الفضائيات العراقية بالواقع التدريبي للعاملين (المراسلين الحربيين) وعدم مسايرة التطور واللحاق بركب التقدم الإعلامي ومواكبة التقنيات الحديثة، ما يعطي مؤشرا واضحا على ضعف الكفاءة المهنية. أما استنتاجات دراسته الميدانية للجمهور فمنها أولا إن 88.8% من جمهور عينة البحث يتابع الأخبار والتقارير عن العمليات العسكرية التي يعدها المراسلون الحربيون في القنوات الفضائية العراقية بقدر كبير من الاهتمام. ثانيا حازت قناة (العراقية) الفضائية على ثقة غالبية المبحوثين وجاءت بالمرتبة الأولى من بين القنوات الفضائية العراقية الأخرى وبنسبة شكلت 25.6% من مجموع التكرارات بعدها أكثر القنوات الفضائية تفضيلاً بالنسبة للمبحوثين في متابعة تقارير المراسلين الحربيين عن العمليات العسكرية.
قسم شديد كتابه إلى خمسة فصول، خصص الفصل الأول للمنهجية العلمية للبحث المتمثلة بـ "المشكلة، والأهمية، والفروض، والمتغيرات، والأهداف، ونوع البحث ومنهجه، ومجالاته، واجراءاته، ومجتمع البحث وعينته وأدواته مع اختبارات الصدق والثبات لها، وتحديد مصطلحات البحث وتعريفها، والدراسات السابقة في مجاله". 
وتطرق الفصل الثاني إلى الإعلام الحربي التلفزيوني بثلاثة مباحث: المبحث الأول عن الإعلام الحربي.. المفهوم، الخصائص، الوظائف، والمبحث الثاني: تناول المراسل الحربي التلفزيوني.. من حيث المفهوم، والسمات العامة التي يتصف بها، والضغوط والعوامل المؤثرة فيه، فيما تناول المبحث الثالث: المراسل الحربي وتغطية العمليات العسكرية. 
وتناول الفصل الثالث نظريات التأثير والجمهور بثلاثة مباحث: جاء الأول متناولا نظريات الاتصال الجماهيري ومفهوم النظريات وأنواع الجمهور والثاني عن نظرية حارس البوابة بتفصيل عن مفهومها وبدايتها والعوامل التي تؤثر في حارس البوابة الإعلامية، أما المبحث الثالث فتناول نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام وآثارها الناتجة عن مفهوم النظرية، وفرضيات النظرية، ونماذجها. 
أما الفصل الرابع فخصص للدراسة الميدانية التي سعت إلى التعرف على اتجاهات المراسلين الحربيين ومواقفهم، وتناول الفصل الخامس والأخير، الدراسة الميدانية الثانية التحليل الوصفي والإحصائي لاتجاهات ومواقف الجمهور.
وبعد نهاية فصول البحث جاءت النتائج والاستنتاجات.