المزروعات الصيفية في الأردن تدفع مبكرا ثمن الاحترار

التغيرات المناخية تسبب انخفاضا كبيرا في مخزون المياه الجوفية بالمملكة ونسب الأسطح المائية ما يؤدي إلى اختلال واضح في الدورات الزراعية وتغير في مواقيتها السنوية خاصة بالنسبة لمحاصيل صيفية تشتهر بها الأرياف.

عمان - يشهد الأردن كغيره من دول العالم تغيرا ملحوظا في مناخه من خلال ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة صيفا، وتأخر موسم الشتاء مع تراجع نسبة الهطول المطري.
ونتج عن التغيرات المناخية في الأردن انخفاض كبير في مخزون المياه الجوفية ونسب الأسطح المائية، ما أدى إلى اختلال واضح في الدورات الزراعية وتغير في مواقيتها السنوية.
وبحسب الأرقام الأخيرة سجل الموسم المطري الأخير في الأردن تراجعا عن سابقه بما نسبته 60 بالمئة، ما أدى إلى تراجع المخزون المائي في البلاد، ودفع المملكة إلى توقيع اتفاقية مع إسرائيل لتزويدها بـ50 مليون متر مكعب، كما بلغت درجات الحرارة ارتفاعا غير مسبوق خلال السنوات الماضية، لامس بعضها الـ50 مئوية.
المقاثي بأنواعها إضافة إلى الكوسا واليقطين واللوبيا والباميا، أحد أبرز المزروعات الصيفية التي تشتهر بها أرياف الأردن وخاصة في المناطق الشمالية، كانت الأكثر تأثرا جراء ارتفاع درجات الحرارة.
ويطلق المقاثي على مزروعات البطيخ والخيار والقثاء، لكنها تعرف بـ"الجعابير والفقوس والشمام" وفق التسمية المحلية بالأردن‎.
وقال أكرم طه (56 عاما)، وهو أحد المزارعين في محافظة إربد شمالي البلاد "إن هذه المزروعات صيفية وموسمية، تعتمد على رطوبة مياه الأمطار في التربة".
وأضاف "أمطار العام كانت ضعيفة وتراجع منسوبها بشكل كبير، ونتيجة لارتفاع درجات الحرارة، لم نشهد ليالي الندى التي تساعد في الحفاظ على رطوبة المزروعات، وبالتالي انتهى الموسم قبل موعده بأشهر".
وأشار "هذه المزروعات تسمى المقاثي، وكانت تستمر حتى شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين أول، وكما رأيتم المحاصيل جفت من حرارة الشمس ونحن ما زلنا في يوليو/تموز".
وبين "نحن كمزارعين نعتمد على ما نجنيه من بيع هذه المحاصيل، ولكن حرارة الشمس نشفت الرّبة (رطوبة التربة) وقصرت عمر الموسم".
راجح الأحمد (54 عما)، مزارع أخر سوري الجنسية أوضح "نعتمد على هذه المزروعات من العام للعام، وكان الموسم الحالي بسبب الظروف الاقتصادية وحرارة الجو، موسما سيئا".
وزاد "نسبة إنتاج الأراضي الزراعية من هذه المحاصيل الصيفية لهذا العام لم يتجاوز 10 بالمئة مقارنة بالأعوام الماضية".
وتابع موضحًا "المزروعات كانت تستمر لشهر تشرين أول، لكن هذا العام انتهت من أول تموز، ولم نجن المحاصيل سوى 30 يوما فقط، علما بأننا نعتمد على مردوها سنويا وتعيننا على مصاريف الحياة".
أما إبراهيم الظاهر (36 عاما) الذي يعمل بائعا للخضار فقال: "إن الناس تنتظر هذه المزروعات بشكل سنوي وتطلبها باستمرار عندما يحين موسمها".

وأكمل في حديثه "كنت أبيع من هذه المحاصيل سنويا نحو نصف طن (500 كيلو)، لكن هذا العام لم نبع سوى 50 كيلو".
وعن اختلاف أسعارها قال الظاهر: "العام الماضي ولكثرة المحاصيل كنا نبيع الكيلو بربع دينار أردني (0.35 سنت أميركي)، لكن هذه السنة ولقلة المحاصيل تراوح سعر الكيلو للمقاثي ما بين 1- 1.5 دينار (1.4 - 2.1 دولار)".
من جهته، أكد لورنس المجالي متحدث وزارة الزراعة أن "التغيرات المناخية خلال العقدين الماضيين أثرت بشكل حاد على الأردن تمثل ذلك في ارتفاع درجات الحرارة وانحباس الامطار وتغير مواعيد الهطول المطري السنوي".
ومضى قائلًا "جراء ذلك، انخفضت انتاجية الأراضي الزراعية من الخضار الصيفية، وخاصة الفقوس والكوسا والشمام والبطيخ والباميا والبصل".
وأضاف "قامت الوزارة خلال العقود الماضية بمساعدة المزارعين لتبني إجراءات للتخفيف من آثار هذه الظاهرة، حيث تقدم منح لإنشاء تدابير حفظ التربة لزيادة قدرة الترب الزراعية على الاحتفاظ بمياه الأمطار والرطوبة".
وتسعى دول العالم إلى مقاومة التغيرات المناخية، وقد شارك العديد من القادة في قمة المناخ الأخيرة التي عقدت في إبريل/نيسان الماضي بدعوة من الرئيس الأميركي جو بايدن، وجرى خلالها التأكيد على مواجهة التغيرات المناخية.
وطالب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حينها قادة الدول المتقدمة بالوفاء بتعهداتها المالية التي أعلنتها في اجتماع قمة السبع في يونيو/حزيران 2020، بتقديم 100 مليار دولار لصالح العمل المناخي في البلدان النامية.
وأضاف الأمين العام أن "العقد الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، والغازات الدفيئة الخطرة وصلت مستويات لم تحدث منذ 3 ملايين سنة، فيما نشهد ارتفاعًا مستمرًا في مستويات سطح البحر ودرجات حرارة شديدة وأعاصير مدارية مدمرة".