'المشوهة' تلاحق التنمر

رواية الكاتبة ثريا أحمد مستوحاة من أحداث حقيقية تحكي قصة فتاة وُلدت بعيب خلقي، بشيء ناقص، يستحيل أن يكتمل، رسم لها مسار حياة مختلفة، حاولت أن تنتصر فيها لذاتها.

"المشوهة" (رواية مستوحاة من أحداث حقيقية) عنوان روائي اختارته الكاتبة ثريا أحمد كي يمثل بطاقة النص التعريفية وهوية بطلته المختلفة. هي "ساجدة" التي ولدت بعيب خلقي، بشيء ناقص، يستحيل أن يكتمل. شاء لها القدر أن تولد بعين واحدة، رفضها أطفال مدرستها، وتنمروا عليها، فكانت لذكريات طفولتها القاسية والتي حفرت جروحاً عميقة في شخصيتها، الأثر الكبير في تحديد مجرى حياتها، كبرت الفتاة وكبر كل شيء صغير معها، مضت محملة بأيامٍ لا تشبهها، ولا تريد تذكّرها... ولأنها اعتبرت نفسها ناقصة، حلمت أن يكون لها رجلاً كاملاً عندما تكبر، عرفت الأول من وراء الشاشة، وعندما رآها في الحقيقة رفضها، ووجدت في طبيبها المعالج نصفها المفقود، وعينها الناقصة، وقلبها المحطم. وعندما قررت الزواج تقدم إليها رجلاً أعرج، والحروق تكسو يده اليسرى، ورقبته أيضاً. لقد وافقت "ساجدة" كي تجرب شعور الفرح، ولو لمرة واحدة، شعور حُرمت منه في طفولتها وشبابها، تزوجت وما يزال لسان حال الناس من حولها يسأل: تُرى هل سيرث الأطفال عاهة أمهم أم إعاقة أبيهم؟

تتوالى السنون وساجدة تعيش تناقضات شخصيتها بين الخير والشر لا تعرف سبب سوئها، ولا تشعر بالندم لذنب اقترفته، وترى في كل ما تفعله الصواب، وعندما تبحث عن الجواب تقول في سريرة نفسها: ربما عيني الناقصة، وربما المجتمع الذي لم يتقبلني كما أنا؟ أصبحت ساجدة تفقد نفسها الخيرة شيئاً فشيئاً، حتى أصبح العالم بالنسبة إليها ساحة معركة، آذت زوجها، وتسببت في موت أطفالها، حتى أنها كانت في كل مرة تقتل أحد أبنائها تشعر بنشوة غريبة، وكأنها تنتصر، أما الغاية فهي "لطالما أردت أن أكون محط أنظار الجميع، وها أنا ذا أرى حلمي يتحقق أمام عينيّ".

تكشف رواية "المشوهة" عن أثر التنمر على الشخصية الإنسانية، وعدم تقبل الآخر للاختلاف في الشكل، واعتبار الإعاقة الخلقية نقصاً في شخصية من يحملها، وهنا يأتي دور التربية الأسرية في المجتمع للتنبيه من الأثر السيئ الذي يخلقه التنمر في شخص الآخر. وهو ما أجادت هذه الرواية في التعبير عنه.

من أجواء الرواية نقرأ:

لطالما تساءلت: كيف يمكن للإنسان أن يعرف المجهول؟ أيّ قدرات تلك التي يجب أن يمتلكها حتى يتفادى ما يمكن حدوثه.

عند ولادتي، كرّرت أمي بداخلها آلاف المرات السؤال نفسه الذي كانت تتوجه به إلى الرب:

ما الذنب الذي اقترفته حتى أستحق كل هذا؟ فلطالما سبَّب لها تشوهي ألماً أكبر مما سببه لي بكثير، أما أبي فتقبل الأمر برضا تام، كانت أمي تحسده عليه، وتلومه في الآن ذاته".