المعارك العنيفة تتسبب في نزوح نصف سكان قره باغ

'مأساة' ناغورني قره باغ تجبر أكثر من 70 ألف شخص أغلبهم نساء وأطفال على مغادرة الإقليم المتنازع عليه فرارا من القصف المستمر.
التدخل التركي يؤجج الحرب يين باكو ويريفان ويحول دون التهدئة
روسيا تلوح بتدخل مباشر في قره باغ اذا اتسع النزاع إلى أرمينيا
برلين تدعو باكو لقبول استعداد يريفان للهدنة في قره باغ
ماس: إن لم تخفض أذربيجان التصعيد فإن بروكسل مطالبة بزيادة الضغط عليها
مخاوف من تدويل الصراع في قره باغ بغد تأكد تدخل تركيا عسكريا

ستيباناكرت - نزح نصف سكان ناغورني قره باغ منذ اندلعت المعارك العنيفة بين الانفصاليين الأرمن والقوات الأذربيجانية في المنطقة قبل أكثر من أسبوع، وفق ما أفاد مسؤول في الجمهورية المعلنة من جانب واحد الأربعاء.

وتخوض باكو ويريفان نزاعا منذ عقود للسيطرة على المنطقة التي يهيمن عليها الأرمن والتي انفصلت عن باكو خلال حرب اندلعت في تسعينات القرن الماضي وأودت بحياة نحو 30 ألف شخص.

وتحدى الطرفان الدعوات لوقف إطلاق النار واتهم كل جانب الآخر بإشعال المواجهات الجديدة التي بدأت في 27 سبتمبر/أيلول واعتبرت الأشد منذ وقف إطلاق النار عام 1994.

وقال أرتاك بلغاريان المسؤول المكلف بملف حقوق المدنيين في أوقات الحرب في قره باغ، إنه "بحسب تقديراتنا الأولية، نزح نحو 50 بالمئة من سكان قره باغ و90 بالمئة من النساء والأطفال، أي ما يعادل نحو 70 إلى 75 ألف شخص".

وأكد أن السكان الذين نزحوا جراء القتال توجهوا إلى مناطق أخرى في المنطقة ذاتها أو إلى أرمينيا وغيرها.

وحوّل القصف الذي نفّذته القوات الأذربيجانية ستيباناكرت، المدينة الرئيسية في قره باغ، إلى مدينة أشباح مليئة بالذخيرة غير المتفجّرة والحفر الناجمة عن القذائف.

واتّهمت أذربيجان القوات الأرمينية بقصف أهداف مدينة في المناطق المأهولة، بما في ذلك ثاني كبرى مدن البلاد كنجه، التي تعد أكثر من 330 ألف نسمة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، إنه لم يتم بعد تحديد عدد السكان الأذربيجانيين الذين نزحوا جرّاء المعارك.

وتأكّد مقتل نحو 290 شخصا منذ اندلعت المواجهات بينهم أكثر من 47 مدنيا.

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء الأرمن والأذربيجانيين إلى وقف "المأساة" الجارية في إقليم ناغوني قره باغ، في أول موقف يصدر عنه منذ بدء النزاع.

وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي الروسي، قال بوتين "إنها مأساة هائلة. هناك ناس يموتون. نأمل أن يتوقف هذا النزاع في أسرع وقت ممكن".

وتابع الرئيس الروسي "إن كان من غير الممكن وقف هذا النزاع بشكل نهائي لأننا بعيدين عن ذلك، فإننا ندعو على الأقل، وأشدد على ذلك، إلى وقف إطلاق نار، وينبغي تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن".

سبق أن نقل الكرملين عن بوتين دعوته إلى وقف القتال في بيانات، لكنه أول موقف علني وتلفزيوني يصدر عنه مباشرة منذ بدء القتال في 27 سبتمبر/أيلول.

القصف العشوائي يخلي منازل ناغورني قره باغ
القصف العشوائي يخلي منازل ناغورني قره باغ

تقيم روسيا علاقات جيدة مع طرفي النزاع اللذين تمدهما بالسلاح، لكنها أقرب إلى أرمينيا العضو في حلف عسكري تهيمن عليه موسكو.

وأعلن بوتين أن روسيا "ستحترم التزاماها في إطار منظمة المعاهدة الأمنية الجماعية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المواجهات "لا تجري على أراضي أرمينيا" بل على أراضي ناغورني قره باغ، الإقليم الانفصالي الأذربيجاني المدعوم من يريفان.

لكن في حال توسيع بقعة النزاع إلى الأراضي الأرمنية، فإن ذلك قد يحمل روسيا على التدخل لا سيما وأن لديها قاعدة في أرمينيا.

ووجه رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان تحذيرا مبطنا في مقابلة مع وكالة فرانس برس إلى أذربيجان من توسيع النزاع، مذكرا بتحالفه العسكري مع الشقيق الأكبر الروسي، قائلا "إنني واثق بأن روسيا ستفي بالتزاماتها إذا تطلب الوضع ذلك".

من جانبه قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الاربعاء، إن بلاده ستعود إلى المحادثات مع أرمينيا بعد انتهاء مرحلة الصراع العسكري الحرجة في منطقة ناغورني قره باغ.

وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي الروسي قال علييف، الذي تحدث إلى بوتين عبر الهاتف، إن من حق تركيا المشاركة في الوساطة.

وكان باشينيان قد قال لمجلة تايم، إن بلاده لن توافق على وقف إطلاق النار إلا إذا كفت تركيا عن الانخراط في الصراع وجرى سحب المرتزقة.

بدوره دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الاربعاء، اذربيجان إلى قبول عقد هدنة في منطقة ناجورنو كاراباخ في جنوب القوقاز.

وخلال استجواب الحكومة في البرلمان الألماني، قال ماس، إنه في الوقت الذي أبدت فيه ارمينيا استعدادها المبدئي للقبول بهدنة، فإنه لم يرد حتى الآن وعد بهذا الخصوص من الجانب الاذربيجاني.

وأضاف ماس أنه في حال لم تخفض اذربيجان من حدة لهجتها في هذه القضية، فإنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يصعد من ضغوطه على باكو.

وكان الصراع الناشب بين الدولتين الجارتين منذ عقود، تأجج على نحو كبير منذ أسبوع ونصف الأسبوع على وقع التدخلات الخارجية خصوصا من قبل أنقرة التي تستمر في دعم مباشر لباكو رغم الدعوات الدولية للتهدئة.

وأكدت فرنسا الأربعاء أن تركيا تتدخل "عسكريا" في نزاع ناغورني قره باغ إلى جانب أذربيجان، وجددت مخاوفها من "تدويل" الصراع.

وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، بأن "الجديد في الأمر هو وجود تدخل عسكري لتركيا مما قد يؤدي إلى تأجيج تدويل الصراع".

وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا بما وصفه نشر "مقاتلين سوريين من جماعات جهادية" في ناغورني قره باغ ممن مروا، وفق الاستخبارات الفرنسية، عبر غازي عنتاب (تركيا). ولم ترد أنقره علنًا على هذه الاتهامات.