المعمول يحلّي أيام عيد الأضحى في سوريا وفلسطين
الخليل/ عفرين - لا تحضر الحلويات في بعض الدول العربية خلال أيام عيد الفطر فقط، بل لا تغيب أيضا عن عيد الأضحى لما يتميز به من تعدد الضيافات ومواكب الاستقبال وأجواء المعايدة التي يتبادلها الأهل والأصدقاء.
مع قرب عيد الأضحى الذي يحل، الأربعاء، تفوح رائحة طيبة من الخليل بالضفة الغربية، حيث تجتمع نساء فلسطينيات لصنع الكعك المحشو بالتمر الذي يُسمى "المعمول"، ومن المخيمات المنتشرة بمنطقة عفرين (شمال غرب سوريا) تعد سوريات مقيمات هذه الحلوى لإدخال البهجة على قلوب الأطفال.
وتحاول تلك النسوة – رغم الحرب والتهجير – إدخال السرور في نفوس أطفالهن من ناحية، والحفاظ على تقاليد العيد من ناحية أخرى.
وتقول السورية خديجة قدور وهي أم لستة أطفال "الأطفال يرغبون بارتداء ملابس العيد وأكل الحلوى، ونحن نعد لهم المعمول"، مشيرة إلى تعاون الجيران في إعداد المعمول، ومشاركته مع غير القادرين على تكاليفه المادية.
ويتكون معمول العيد التقليدي من عجينة من السميد والسمن الطبيعي ويُستخدم الزبد كبديل ويضاف إليها "المحلب" وهو مستخلص يعطي المعمول نكهة مميزة، إضافة للمستكة العربية ومكسبات طعم أخرى، ثم يتم حشوها بالتمر والجوز والفستق.
وطعم المعمول المنزلي له نكهة خاصة تميزه عن المنتوجات الشبيهة الأخرى، حيث يدخل إلى مكوناته الجوز والتمر والفستق الحلبي والقشطة وتضاف إليها وصفات مبتكرة عديدة بالفاكهة المجففة مثل التوت والمشمش وغيرها أو حتى الشوكولاتة، ويجهز المعمول في صوان كبيرة، وكان قديما يشوى على الفحم أو في أفران الحطب قبل دخول أفران الغاز والكهرباء.
وتتجمع النساء في جمعية "بيوت السعادة" الخيرية في الخليل، ويستمتعن بوقتهن في خبز مئات الكيلوغرامات من المعمول، لبيعها في المتاجر أو للأفراد.
وقبل عطلة العيد، يقوم أفراد الأسرة بجمع وإعداد الكعك وإشراك الأطفال والأقارب والجيران، وهو تقليد يضيف بهجة إلى الاحتفال بالعيد، ويترك ذكريات جميلة.
ويتميز المعمول بالأشكال التي يأخذها، فمنه ما يكون دائريا، ومنه ما يكون مستطيلا. وقد جرت العادة أن يكون معمول التمر أو الجوز دائري الشكل في حين تكون الحبة بحشوة الفستق الحلبي مستطيلة.
وتتحدث أم عمران بدر وهي عضوة بالجمعية عن القوالب قائلة "أجدادنا هم أول من ابتكر أشكالا خشبية رائعة لا يزال استخدامها مستمرا إلى اليوم، وهي من مواد طبيعية لا تؤثر سلبا على جسم الإنسان".
وينشغل النجار أحمد إدريس بصنع القوالب الخشبية لغرض تزيين الكعك في أشكال وقوالب مختلفة، وقد قرر الحرفي الشاب الشغوف بالقطع الخشبية التي تُصنع يدويا، مواصلة ما بدأه جده منذ سنوات في مدينة الخليل بالضفة الغربية.
ويبيع إدريس منتجاته في الداخل والخارج من خلال صفحته على إنستغرام التي تحمل اسم "زعتر".
ويقول "أعمل في حفر الخشب منذ كان عمري 15 سنة"، معتبرا أن "صنع قوالب المعمول إرث عائلي أسس له جده لتواصل بقية العائلة السير على نهجه".
وتحدث عن أشكال التطور التي تم إدخالها على الحرفة، موضحا "اليوم نعمل على إعطاء الأمر طابعا خاصا بنا.. فنجن وجدنا أنه لا بد من المزج بين الأدوات بطابعها التقليدي وبين ما يقدمه التطور التكنولوجي وهو ما قمنا به بالفعل".
ويلفت إدريس إلى أن للقوالب رمزية تذكر كل فرد بأجواء العيد، إذ كنا ونحن صغار نشارك آباءنا وأمهاتنا صنع كعك المعمول.
ومع تكبيرات العيد في المساجد أو قبيل العيد بيوم وحسب كل منطقة تبدأ النساء بتحضير العجينة الخاصة بخبز القالب أو المعمول بأنواعه وحشواته المختلفة في جو من البهجة والألفة والسرور.