المغرب..  كيف يقود الإخوان البلاد إلى المجهول؟

فشل العدالة والتنمية في تدبير المؤسسات ذات الطابع الحكومي إلى حالة اللاثقة التي طبعت منذ البداية علاقة الحزب بالدولة وهو ما ضيع على الحزب وقتًا طويلًا في صورة الضحية لما يسمى بالدولة العميقة والإعلام والمؤامرات المرتبطة في زعمهم بالخارج والأمثلة على هذا النوع من المسلكيات كثيرة وأكثر من أن تحصى.

بقلم: رشيد العزوزي

شعارات قوية ووعود كبرى قدمها حزب العدالة والتنمية للمغاربة عام 2011، في ظرفية إقليمية خاصة، أوصلت كبير الإخوان عبد الإله بن كيران إلى الحكم في الولاية الأولى، بينما قاد سعد الدين العثماني ثانية شارفت على نهايتها، ولم ير النور البرنامج الانتخابي حتى الآن، في الانتقال الديمقراطي، كما في الاقتصاد والمجتمع، بل أصبحت الأوضاع أسوأ من قبل، بحسب مراقبين.

يبدو أن البيت الداخلي لحزب العدالة والتنمية لم يسترجع عافيته، ويعيش على وقع تجاذب تيارين منذ إسقاط أمينه العام السابق عبد الإله بن كيران من رأس الحزب في المؤتمر الوطني الأخير، عقب الإعفاء الملكي له من مهمة تشكيل الحكومة.

تجاذب داخلي أثر -بحسب متابعين- في تدبير خلافات التحالف الحكومي الحالي بزعامة العثماني، الذي عرف بدوره هزات عنيفة كادت تعصف بتجربته لولا توافقات سياسية على حساب القواعد الانتخابية، بمبررات تثبيت الخيار الديمقراطي، وحسن تنزيل مقتضيات الدستور خدمة للمصلحة الوطنية العليا، ضدًا في منطق “المناورة والابتزاز”، وغيرها من الادعاءات، رغم أن المرتكزات الـ5 الأساسية لميثاق الأغلبية واضحة ولا تحتاج لتأويل، أو اجتهاد، أو مزايدات.

وهنا، أرجع الكاتب المحلل السياسي سعيد مبشور في تصريح له: “فشل العدالة والتنمية في تدبير المؤسسات ذات الطابع الحكومي إلى حالة اللا ثقة التي طبعت منذ البداية علاقة الحزب بالدولة، وهو ما ضيع على الحزب وقتًا طويلًا في ترويج صورة الضحية، لما يسمى بالدولة العميقة، والإعلام، والمؤامرات المرتبطة في زعمهم بالخارج، والأمثلة على هذا النوع من المسلكيات كثيرة وأكثر من أن تحصى.

وأكد سعيد مبشور أن هذه “الصعوبات البالغة حالت دون تغلغل الحزب في بنية الدولة شديدة التعقيد، لتتحول تجربة الحزب تدريجيًا من قيادة الدولة عبر الحكومة لتحقيق برنامج الأغلبية المتكونة من الحزب وحلفائه، إلى القيام بدور العنصر التكميلي الذي توكل إليه أدوار ثانوية بالقياس إلى الملفات والقضايا الكبرى التي تقوم بها أطراف أخرى داخل الدولة.

وقدم المتحدث ذاته بعض النماذج على ذلك مثل دور الحزب في قضية الصحراء، أو مفاوضات الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي، أو الأمن والدفاع، أو الأوراش الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، وغيرها من القضايا الحيوية التي ظل الحزب بعيدًا عنها كل البعد مع أنها ذات أبعاد إستراتيجية وتدخل في صميم العمل الحكومي.

حسب تقارير رسمية، بلغت المديونية الحكومية الإجمالية في المغرب 93 مليار دولار، وأصبحت تمثل 67% من الناتج الخام الإجمالي للمملكة المغربية خلال العام الحالي. وتتكوّن هذه المديونية من الدين الداخلي الذي تبلغ نسبته 78.3%، والدين الخارجي الذي بلغت نسبته 21.7%، فيما وصلت خدمة الدين إلى 13 مليار دولار.

وخلال عام 2016، ارتفع حجم الدين الخارجي للبلاد إلى 31 مليار دولار تقريبًا مقابل حوالي 30 مليار دولار عام 2015، حسب وزارة الاقتصاد والمالية المغربية، التي أشارت في تقرير لها إلى أن الدين الخارجي للخزينة يمثل 30.8% من الناتج المحلي عام 2016، مقابل 30.6% في عام 2015.

أما توزيع حجم الديون، فالدين الثنائي الأطراف وصل إلى 28.9%؛ إذ بلغ مع الاتحاد الأوروبي 19.8%، ومع الدول العربية 2.8%، في حين سجلت المؤسسات الدولية 45.9%، إضافة إلى البنوك التجارية وأسواق المال الدولية بنسبة قدرت بـ25.2%، في وقت سجلت دول أخرى 6.3% فقط.

ومع ذلك، يشار إلى أن الدين الخارجي العمومي للمغرب سجل انخفاضًا طفيفًا خلال الأشهر الأولى من عام 2018، منتقلًا من 332.5 مليار درهم خلال الفصل الأخير من 2017، إلى 301.1 مليار عند نهاية الفصل الأول من العام الجاري، وفق أرقام أخيرة لمديرية الخزينة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية.

شهد المغرب خلال حكم الإسلاميين موجات من الاحتجاجات الاجتماعية في مناطق عدة فقيرة لم تستفد من الأوراش الكبرى التي فتحها المغرب مؤخرًا، إذ حمل شباب تزعم حراك في الريف وزاكورة وبركان المسؤولية الكاملة للحكومة، التي لم تفِ بوعودها، بل اعترف الملك نفسه بفشل النموذج المغربي، ودعا إلى التفكير في”نموذج تنموي جديد”، للحد من الاحتقان الاجتماعي المتصاعد يومًا بعد يوم.

احتقان أرجعه المحلل السياسي عبد الرحيم بن دغة في اتصال مع كيوبوست إلى “تراكمات الفشل السياسي لمجموعة من الحكومات السابقة، وبالتالي فعوض تدارك الوقت، وتقدير الزمن السياسي الباهظ جدًا، والعمل على إخراج حكومة منسجمة وقوية، تنهل من مرجعيات متشابهة إن لم نقل واحدة، وجدنا أغلبية حكومية مشتتة غير متجانسة، لا على مستوى الأيديولوجيات ولا التصورات”.

ودلل المتحدث على ذلك بـ”رأي حزب الاتحاد الاشتراك (يساري) في الحوار الاجتماعي المختلف عن نظرة حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقًا) مثلًا، هذه التوليفة ساهمت في عدم الاستقرار والاحتقان الاجتماعي المتسارع بشكل مهول في الأيام الأخيرة”.

وفي هذا السياق، كشفت جريدة “المساء” الورقية، الأربعاء الماضي، أن الملك محمدًا السادس أمهل الحكومة 3 أسابيع لهيكلة التكوين المهني، وإحداث جيل جديد من مراكز تكوين وتأهيل الشباب وتسهيل ولوجهم إلى سوق الشغل.

وأضافت الجريدة المغربية واسعة الانتشار أن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، يواجه امتحانًا صعبًا بعد توجيهات الملك في قطاعات الصحة والتعليم والحوار الاجتماعي، لكن العثماني ما يزال، وفريقه الحكومي، عاجز عن تفعيل التعليمات الملكية في هذا الشأن، وسيكون مطالبًا بإعادة هيكلة شعب التكوين المهني وإحداث جيل جديد من مراكز تكوين وتأهيل الشباب.

عن  كيوبوست