المغرب ضمن أقوى خمس اقتصادات افريقية في تصنيف النقد الدولي
الرباط – يبرز المغرب كقوة اقتصادية مستقرة وصاعدة في القارة الأفريقية مع توقع صندوق النقد الدولي أن يصل ناتجه المحلي الإجمالي خلال سنة 2025 إلى 165.8 مليار دولار، استنادا لمؤشرات الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يضعه في المرتبة الخامسة قاريا رغم عدم امتلاكه لموارد نفطية ضخمة، ما يعكس نتائج استراتيجيته في التنويع الاقتصادي وهيكلة القطاعات المنتجة.
وكشف صندوق النقد الدولي عن توقعاته لأداء الاقتصادات الإفريقية خلال سنة 2025، في تصنيف استشرافي، نُشر ضمن البيانات الاقتصادية الدورية للصندوق، ما يعكس المشهد التنافسي بين القوى الاقتصادية الكبرى في القارة، ويبرز موقع المغرب كقوة اقتصادية صاعدة.
وأفادت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب بأن نتائج الحسابات الوطنية لسنة 2024 أظهرت أن النمو الاقتصادي الوطني سجل تحسنا بلغ 3.8 في المائة عوض 3.7 في المئة سنة 2023.
وأوضحت المندوبية، في مذكرة إخبارية حول الوضعية الاقتصادية لسنة 2024، أن هذا النمو مدفوعا بالطلب الداخلي، تحقق في سياق اتسم بارتفاع قوي للتضخم وتفاقم الحاجة إلى تمويل الاقتصاد الوطني.
وأبرزت أن الأنشطة غير الفلاحية سجلت بالحجم ارتفاعا بنسبة 4.5 في المئة، في حين سجلت الأنشطة الفلاحية انخفاضا بنسبة 4.8 في المئة.
وسجلت القيمة المضافة للقطاع الأولي بالحجم، انخفاضا بنسبة 4.5 في المئة. ويعزى ذلك أساسا إلى انخفاض أنشطة القطاع الفلاحي، وإلى تباطؤ أنشطة الصيد البحري حيث انتقلت من 6.9 في المئة إلى 2.6 في المائة.
تفوق المغرب في تصنيف البنك الدولي على دول إفريقية مهمة يعكس متانة الاقتصاد المغربي وتنوعه في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية
ومن جهتها، عرفت القيمة المضافة للقطاع الثانوي ارتفاعا ملحوظا، منتقلة من 0.8 في المئة إلى 4.2 في المئة خلال سنة 2024.
ويأتي هذا الأداء نتيجة ارتفاع القيم المضافة لأنشطة الصناعات الاستخراجية بنسبة 13 في المئة، والبناء والأشغال العمومية بنسبة 5 في المئة، والصناعات التحويلية بنسبة 3.3 في المئة، والكهرباء والماء بنسبة 2.6 في المئة.
وبالأسعار الجارية، عرف الناتج الداخلي الإجمالي ارتفاعا بلغ 7.9 في المئة خلال سنة 2024 عوض 11 في المائة سنة 2023، مما نتج عنه زيادة في المستوى العام للأسعار بنسبة 4.1 في المائة.
وشهد المغرب تحولا عميقا في بنية اقتصاده خلال العقدين الأخيرين، حيث انتقل من اقتصاد تابع للزراعة أو للمواد الأولية، إلى نموذج منتج يستند إلى قطاعات صناعية وخدماتية متقدمة، واعتمد على تنويع قاعدة إنتاجه، وخلق تكامل بين الصناعة والسياحة والطاقات المتجددة.
وتفوق المغرب في تصنيف البنك الدولي على دول إفريقية مهمة مثل كينيا، إثيوبيا، أنغولا، كوت ديفوار وغانا، ما يعكس متانة الاقتصاد المغربي وتنوعه في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
ويؤكد التقرير حفاظ المملكة على تموقعها ضمن نادي الصف الأول من الاقتصادات الإفريقية، رغم الظرفيات الدولية المعقدة التي طبعت السنوات الأخيرة، من جائحة كوفيد-19 إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى موجات الجفاف التي أثّرت على القطاع الفلاحي الوطني.
ووفقًا للبيانات المنشورة، جاءت جنوب إفريقيا في المرتبة الأولى إفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي المنتظر، والذي يبلغ 410.3 مليار دولار، محافظة بذلك على ريادتها الاقتصادية القارية رغم التحديات الهيكلية الداخلية.
وفي المرتبة الثانية، حلّت مصر التي يُنتظر أن يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي سنة 2025 ما مجموعه 347.3 مليار دولار، وهو ما يعكس استمرار زخم الاقتصاد المصري رغم الصعوبات المرتبطة بالتضخم وسعر الصرف.
وجاءت الجزائر إلى المرتبة الثالثة، بناتج محلي إجمالي متوقع في حدود 268.9 مليار دولار، مستفيدة من ارتفاع أسعار المحروقات وتحسن بعض المؤشرات التجارية والمالية.
في المقابل، تراجعت نيجيريا إلى المرتبة الرابعة، رغم أنها أكبر دولة من حيث عدد السكان في القارة، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي المرتقب فقط 188.3 مليار دولار، مما يطرح تساؤلات حول فاعلية الأداء الاقتصادي مقارنة بالحجم السكاني الهائل والموارد الطبيعية الضخمة التي تتوفر عليها البلاد.
ويُعد هذا الترتيب إشارة إلى قوة النموذج الاقتصادي المغربي، الذي يراهن على تنويع القطاعات المنتجة، وعلى دينامية استثمارية تعززها البنيات التحتية، الإصلاحات المؤسسية، والانفتاح التجاري.
وتكمل كينيا قائمة الدول الست الأوائل في إفريقيا، حيث من المرتقب أن يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي سنة 2025 ما مجموعه 131.7 مليار دولار. وتليها إثيوبيا في المرتبة السابعة بـ 117.5 مليار دولار، ثم أنغولا ثامنة بـ 113.3 مليار دولار.
أما المرتبتان التاسعة والعاشرة فكانتا من نصيب كل من كوت ديفوار بـ 94.5 مليار دولار، وغانا بـ 88.3 مليار دولار، ما يعكس بداية صعود اقتصادات غرب إفريقيا، رغم التقلبات السياسية والنقدية التي تمر بها بعض بلدانها.
وتموقع المغرب في هذا الترتيب القاري لا يحمل فقط دلالة رقمية أو ترتيبية، بل يحمل أبعادا استراتيجي، فالناتج المحلي الإجمالي ليس فقط مؤشرا على حجم الاقتصاد، بل يعكس قدرة الدولة على تمويل السياسات العمومية، جذب الاستثمارات، التأثير في الفضاء القاري، والتموقع في مفاوضات الشراكات الدولية.