المغرب وحقوق الإنسان.. إنتصار طبيعي

كافأ العالم المتحضر المغرب في ضوء الجهود التي بذلها منذ ما يزيد على عشرين عاما.

ليس نجاح المغرب في الفوز برئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سوى انتصار طبيعي لبلد نجح في تمييز نفسه عن محيطه وعن الأزمات والعقد التي يعاني منها هذا المحيط. إنّه انتصار لبلد سار على طريق التحول إلى بلد حضاري على تماس مع كلّ ما هو متطور في هذا العالم.

ليس سرّا أن السائح العربي أو الأجنبي لم يعد يجد فارقا عندما يعبر من بلد أوروبي مثل إسبانيا... إلى المغرب. استثمر المغرب في البنى التحتية لكنّه إستثمر في الإنسان المغربي قبل أي شيء آخر وفي ضمان حقوقه.

جاء هذا الإنتصار تتويجا لجهود بذلها الملك محمّد السادس على كلّ صعيد من أجل تكريس واقع يتمثّل في جعل المملكة بلدا يمتلك مؤسسات راسخة في ظل إحترام دقيق لحقوق الإنسان من دون تمييز بين مواطن وآخر أو بين الرجل والمرأة. كافأ العالم المتحضر المغرب في ضوء الجهود التي بذلها منذ ما يزيد على عشرين عاما من أجل بلوغ ما بلغه في الوقت الراهن.

يُعتبر الحدث انتصارا ذا أبعاد سياسية وإقليمية ودولية وإشارة إلى مدى نجاح المغرب في أن يكون حاضرا إفريقيا. يعود ذلك إلى أن هذا الإنتصار جاء على حساب جنوب أفريقيا حليفة النظام العسكري الجزائر، وهو نظام لا هدف له سوى متابعة حرب الإستنزاف التي يشنها على المغرب بسبب تمكنه من استعادة أقاليمه الصحراوية في العام 1975 بطريقة سلميّة.

منذ صعود الملك محمّد السادس إلى العرش في العام 1999، كان ملف حقوق الإنسان هاجسا من هواجسه. حقّق المغرب خطوات كبيرة إلى أمام في هذا المجال. يكفي أنّ المغرب هو من البلدان القليلة في إفريقيا التي تجري فيها الانتخابات النيابية في موعدها وحيث الحزب الذي يحصل على أكبر من المقاعد من يشكلّ الحكومة ويتولى موقع رئيس الوزراء. جاء دستور العام 2011 ليكرس واقعا جديدا في المغرب هو واقع يؤكّد مجدّدا تلك العلاقة التي تربط بين الشعب والملك في بلد متصالح مع نفسه قبل أي شيء آخر.

ربح المغرب معركة رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أخيرا بعدما حصل ممثل المملكة عمر زنيبر على 30 صوتا مقابل 17 صوتا لممثل جنوب أفريقيا. جاء انتخاب المغرب، بفضل تأييد عدد كبير من البلدان من كلْ أنحاء العالم، تعبيرا عن الثقة والصدقيّة التي يحظى بها المغرب داخل العالم العربي وفي أفريقيا، وعلى الساحة الدولية.

تطوّرت قضيّة حقوق الإنسان في المغرب تطورا ملحوظا منذ العام 1999.

قالت وزارة الشؤون الخارجية المغربية في بيان: "جاء انتخاب المملكة، بفضل تأييد عدد كبير من البلدان من كل أنحاء العالم على الرغم من التعبئة المضادة للجزائر وجنوب أفريقيا. يعبّر ذلك عن الثقة التي يحظى بها التحرك الخارجي للمغرب".

جاء فوز المغرب بهذا المنصب في معركة مع خصومه الذين يسعون بين ما يسعون إليه التشكيك في مغربيّة الصحراء بغية جعل أهلها يعيشون في مخيمات الذلّ على غرار ما هو حاصل في مخيّم تندوف في الجزائر. المعركة مرتبطة في جانب منها بملف الصحراء المغربية حيث يمتع المواطن بكلّ حقوقه على غرار ما يتمتع به المواطن المغربي من حقوق.

هزم المغرب خصومه في ما يخصّ ملفّ الصحراء مظهرا إعترافا دوليا بتطور وضع حقوق الإنسان في المملكة من جهة ومغربيّة الصحراء من جهة أخرى. يؤكّد ذلك "تحقيق المغرب لاستقرار أمني وسياسي واقتصادي قياسا بمحيطه الإقليمي الذي اهتز على وقع أزمات مختلفة منذ ثورات ’الربيع العربي‘".

أكثر من ذلك، إنّ "الفوز المغربي هو أيضا اعتراف بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال ترسيخ دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان، والتي تجسدت في مجموعة من الإصلاحات الدستورية والتشريعية والهيكلية التي أقرّت في السنوات الأخيرة".

لا شيء ينجح مثل النجاح. في النهاية، لا مفرّ من الإعتراف بوجود استثناء مغربي. صنع هذا الإستثناء فعل تراكمي بدأ بالإعتراف بأن أخطاء ارتكبت في الماضي وأنّ هناك وضعا لا بدّ من تصحيحه. الواضح أنّه أمكن تصحيح معظم الأخطاء، خصوصا في ما يتعلّق بحقوق الإنسان.

لا شكّ أنّه لا تزال أمام المغرب تحديات كبيرة. تفرض بعض هذه التحديات ظروف طبيعية كما حدث في أيلول – سبتمبر الماضي نتيجة الزلزال الذي ضرب مناطق في جنوب المغرب. لكنّ ما يظلّ لافتا في كلّ وقت وجود إرادة صلبة في مواجهة هذه التحديات بالإعتماد على الإنسان المغربي قبل أي شيء آخر. هذا الإنسان كان محور إهتمامات محمّد السادس الذي ركّز دائما على هذا الإنسان وعلى حماية حقوقه على كلّ المستويات وفي كلّ المجالات.