المغرب يحذر من خطر ارهاب عابر للحدود يتربص بأمن افريقيا

الرباط نجحت مطلع عام 2025 في إفشال محاولات تنظيم داعش لتوسيع نفوذه الجغرافي وإنشاء "ولاية" له داخل الأراضي المغربية.

الرباط – حذر عبداللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي، من تنامي خطر التنظيمات الارهابية في افريقيا، مؤكدا أنه رغم النجاحات الأمنية التي يحققها المغرب فإن خطر الارهاب لايزال قائما.

 وتنتهج السلطات المغربية سياسية الوضوح والمصارحة في التعامل مع التهديدات الإرهابية بهدف التوعية والتحذير من هذه النشاطات ومنع انجرار الشباب وراء المتطرفين بما يهدد مستقبلهم وأمن البلاد، حيث أفاد الحموشي بأن 132 مغربياً انضموا لتنظيمات إرهابية في إفريقيا منذ نهاية 2022، محذراً من تهديدات مستمرة رغم النجاحات الأمنية.

وأوضح المسؤول الأمني المغربي خلال مشاركته في اللقاء الدولي الثالث عشر للممثلين الساميين المكلفين بالقضايا الأمنية المنعقد في موسكو، أن هؤلاء المتطرفين انضموا إلى ما يُعرف بـ"ساحات الجهاد" في القارة الإفريقية، وتحديداً في الصومال ومنطقة الساحل وجنوب الصحراء.

وأكد أن بلاده تواصل جهودها بنشاط في مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى نجاح المغرب مطلع عام 2025 في إفشال محاولات تنظيم داعش لتوسيع نفوذه الجغرافي وإنشاء "ولاية" له داخل الأراضي المغربية.

ويعتبر المغرب نموذجًا إقليميًا في مكافحة الإرهاب، بفضل مقاربة أمنية متعددة الأبعاد تجمع بين الجهود الأمنية الوقائية، والتعاون الدولي، والتنمية الاجتماعية والفكرية. وهذه الاستراتيجية لم تقتصر على الداخل المغربي فقط، بل امتدت إلى مساهمات بارزة على مستوى القارة الإفريقية، ما جعل المغرب شريكًا محوريًا في مواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة.

وأنشأ المغرب سنة 2015 المكتب المركزي للأبحاث القضائية كجهاز متخصص في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وتمكنت الأجهزة الأمنية المغربية، من تفكيك مئات الخلايا المرتبطة بداعش والقاعدة، قبل تنفيذ عملياتها. حيث تعمل هذه الخلايا على التجنيد، التخطيط لهجمات، أو إرسال مقاتلين إلى مناطق التوتر.

كما تعتمد السلطات الأمنية على تقنيات متطورة في تتبع الأنشطة الإرهابية على الإنترنت، خاصة المتعلقة بالتجنيد أو التواصل مع التنظيمات الإرهابية خارج الحدود.

وحذر الحموشي من استمرار أنشطة التنظيمات الإرهابية في الدول المجاورة للمغرب، مع التركيز على تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، وحركة الشباب في الصومال.

وقال "رغم النجاحات التي حققناها في القطاع الأمني والأضرار الجسيمة التي لحقت بتنظيمي القاعدة وداعش، فإن التهديدات التي يشكلها هذان التنظيمان الإرهابيان لا تزال تثير قلقاً بالغاً لنا".

وعزز المغرب علاقاته الأمنية مع عدد من الدول الإفريقية، ووقع اتفاقيات تبادل معلومات استخباراتية وتدريب الكوادر الأمنية، خاصة في منطقة الساحل التي تعرف تهديدات متزايدة من تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة".

ويُقام الاجتماع الدولي في الفترة من 27 إلى 29 مايو بالمركز الوطني "روسيا" في موسكو، بمشاركة 45 وفداً من أكثر من 40 دولة إفريقية، بالإضافة إلى ممثلي منظمات دولية من القارة السمراء، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه منطقة الساحل الإفريقي تصاعداً في نشاط الجماعات الإرهابية، بينما تواصل الدول المعنية تعزيز تعاونها الأمني لمواجهة هذا التهديد المشترك، ويُعتبر المغرب شريكا موثوقا في المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الأمنية.

وتعيش منطقة الساحل الإفريقي، الممتدة حالة من الاضطراب الأمني المتزايد بسبب تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وداعش في منطقة الصحراء الكبرى. وهذا التصعيد يشكّل تهديدًا مباشرًا على الأمن الإقليمي والدولي، ويطرح تحديات عميقة أمام دول المنطقة والمجتمع الدولي. خصوصا أن جيوش دول الساحل تعاني من ضعف في القدرات والتدريب، ما يجعلها غير قادرة على صد الهجمات المتكررة أو حماية المدنيين في المناطق النائية.

ونجح المغرب في بناء مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد لمكافحة الإرهاب داخليًا وإفريقيًا، تجمع بين الحزم الأمني والمرونة الفكرية والانخراط الديني المعتدل. وقد سمح له هذا النهج بأن يكون شريكًا موثوقًا على الساحة الإفريقية والدولية. ومع تزايد التهديدات العابرة للحدود، تبرز الحاجة إلى تعزيز هذا النموذج من خلال مزيد من التعاون الإقليمي، والتأهيل المجتمعي، وتجفيف منابع الفكر المتطرف.

وأشادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مرارًا بنجاعة المقاربة المغربية، حيث تم اعتماد التجربة المغربية في عدد من المنتديات الدولية كنموذج فعال في محاربة الإرهاب عبر الدمج بين الأمن والوعي الديني.