المغرب يردّ بحزم على ازدواجية الخطاب الاسباني

وزير الخارجية المغربي يوجه انتقادات حادة لمدريد على ضوء حملة ضد المغرب تقودها حكومة بيدرو سانشيز ووسائل إعلام وأحزاب اسبانية بعد أن افتضح أمرها في التكتم على وجود زعيم البوليساريو على أراضيها
محكمة إسبانية ترفض اعتقال زعيم البوليساريو
غالي يراوغ القضاء الاسباني بجنسية مزورة و
اسبانيا عالقة بين مواقف رسمية ونقيضها في التعاطي مع أزمة سبتة  
بوريطة لمدريد وبروكسل: مغرب اليوم ليس مغرب الأمس

الرباط/مدريد - عبر المغرب اليوم الخميس عن رفضه القاطع لازدواجية الخطاب والمواقف الاسبانية في خضم توتر بين البلدين الجارين بدأت مع استضافة مدريد سرّا زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي الذي رفضت المحكمة الاسبانية العليا (الخميس) اعتقاله رغم دعوة قضائية ضدّه بارتكاب جرائم حرب بحق صحراويين، وصولا إلى أزمة تدفق آلاف المهاجرين على جيب سبتة المغربي المحتل.

ووجه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة انتقادات حادة لاسبانيا على ضوء حملة تقودها حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز ووسائل إعلام وأحزاب ضد المملكة المغربية.

وأكد في لقاء مع وكالات أنباء أنه "يتوجب على مدريد أن تعي بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس وعلى بعض الأوساط في إسبانيا أن تقوم بتحيين نظرتها للمغرب"، مضيفا أن "الهجوم الإعلامي الإسباني تجاه المغرب على أساس أخبار زائفة، لا يمكن أن يخفي السبب الحقيقي للأزمة".

وأكد الوزير المغربي أن "السبب الحقيقي للأزمة يتمثل أساسا في استقبال مدريد لزعيم ميليشيات البوليساريو الانفصالية بهوية مزورة"، مطالبا الحكومة الإسبانية بأن تكون على قدر من المسؤولية وأن "تتحلى بالشفافية إزاء الرأي العام الإسباني".

وندد بما تروج له الحملة الاسبانية ضد المغرب، موضحا أن "الحديث عن ضعف التنمية في المملكة ينم عن تصورات قديمة لدى الجار الشمالي، فالمغرب حقق نسب نمو مطردة رغم الأزمة".

ويأتي الردّ المغربي لوضع حدّ لمغالطات تسوق لها الحكومة الاسبانية التي تشدد على علاقات حسن الجوار والتنسيق مع المملكة المغربية بينما تفعل النقيض.

وكشفت أزمة سبتة مدى خطورة استهانة اسبانيا بالحساسيات المغربية خاصة منها ما يتعلق بأمن المغرب وسيادته ووحدة أراضيه وهي من الثوابت الوطنية التي أكد عليها مرارا بوصفها خطا أحمر وقضية لا تقبل المساومة ولا التلاعب والابتزاز.

وقال بابلو كاسادو زعيم حزب الشعب المنتمي ليمين الوسط إن استقبال غالي سرا كان خطأ دبلوماسيا فادحا، مضيفا أن الحكومة أبدت ضعفا في حماية حدود إسبانيا.

وفي الوقت الذي كانت الرباط تنتظر فيه تفسيرا اسبانيا رسميا مقنعا لتكتم مدريد على وجود كبير الانفصاليين الصحراويين إبراهيم غالي على أراضيها رغم علمها بحساسية الأمر بالنسبة للمملكة المغربية، وبينما كان ينتظر أن يتم اعتقال ه بوصفه زعيما لميليشيا اجرامية متهم بارتكاب فظاعات بحق صحراويين ترقى إلى جرائم حرب، رفضت المحكمة الإسبانية العليا اليوم الخميس طلبا لاعتقاله

وتسببت استضافته مدريد سرا لغالي بدعوى العلاج في مستشفى إسباني لتلقي العلاج منذ الشهر الماضي، في إثارة غضب المغرب.

ويأتي ذلك بعد أن عبر آلاف المهاجرين لجيب سبتة الإسباني في شمال أفريقيا، فيما يبدو أنه ردّ اسباني على الأزمة الأخيرة، بينما كانت التوقعات والتحليلات تشير إلى أن مدريد التي تكتمت على وجود غالي على أراضيها، تعمل على تسريع الإجراءات القانونية بحق غالي لاحتواء التوتر مع المغرب.

 

المحكمة العليا الاسبانية تبرر قرار عدم اعتقال زعيم البوليساريو الموجود في مدريد على الرغم من دعوى قضائية تتهمه بارتكاب جرائم حرب، بوجوب حضوره تلقائيا للاستماع له في ما هو منسوب غليه من اتهامات

ويقول الخبراء إن قاضي التحقيق يقبل في العادة مثل تلك الطلبات عندما تعتقد المحكمة بوجود خطر للفرار أو تدمير الأدلة.

وقال متحدث باسم المحكمة إن زعيم البوليساريو إبراهيم غالي متهم من جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بارتكاب جرائم حرب ويجب أن يحضر أولا جلسة استماع أولية.

وتقدمت الرابطة الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان ومواطن إسباني من أصل صحراوي بطلب اعتقال غالي.

لكن من المفترض أن يمثل غالي أمام المحكمة في الأول من يونيو/حزيران للاستماع إليه في ما هو منسوب إليه من اتهامات. وتتهمه جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وغيره من زعماء الجبهة بالإبادة الجماعية والقتل والإرهاب والتعذيب والتورط في عمليات اختفاء قسري.

ورفع تلك الدعوى في إسبانيا قد يكون خطوة أولى في تحقيق قد يؤدي لمحاكمة غالي. ويأتي ذلك بعد تدفق آلاف المهاجرين من المغرب إلى جيب سبتة الإسباني في شمال أفريقيا هذا الأسبوع.

لكن غالي، الذي دخل المستشفى باسم مستعار، امتنع عن التوقيع على أمر الاستدعاء. وقال مصدر قريب من التحقيق الجنائي إنه قد لا يمثل أمام المحكمة لأنه ربما يحمل جواز سفر دبلوماسي جزائري، مما قد يعطيه حصانة.

وقالت إسبانيا إنها وافقت على السماح بعلاج غالي في لوجرونو بشمال إسبانيا "كبادرة إنسانية".

وكانت تقارير إعلامية اسبانية قد ذكرت قبل فترة أن السلطات القضائية اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة لمنع غالي من الفرار أو مغادرة اسبانيا حتى التحقيق معه في ما هو منسوب إليه من اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

وقبل أزمة الحدود هذا الأسبوع، حذرت السلطات المغربية إسبانيا من تداعيات وجود غالي على أراضيها بجواز سفر جزائري مزور واسم مستعار.

وحذرت الرباط منذ افتضاح أمر وجود غالي سرا على الأراضي الاسبانية، مدريد من الاستهانة بملفات تشكل حساسيات بالنسبة للمغرب وأمنه واستقراره.

واتهم مسؤولون مغاربة إسبانيا بأنها لم تأخذ في اعتبارها تلك الحساسيات ولم تلتزم بمبادئ حسن الجوار بينما يبذل المغرب جهود ا مضنية في مكافحة الهجرة السرية والإرهاب والجريمة المنظمة.

واعترفت السلطات الاسبانية وأخرى أوروبية بالدور الذي تلعبه المملكة في تجنيب أوروبا اعتداءات إرهابية وأشادت مرارا بمستوى عال من التنسيق المغربي في مثل هذه القضايا.

بابلو كاسادو زعيم حزب الشعب المنتمي ليمين الوسط يعتبر استقبال اسبانيا سرا زعيم البوليساريو ومحاولة التكتم على وجوده وتبرير استقباله لاحقا بدواع إنسانية، كان خطأ دبلوماسيا فادحا وأن حكومة بيدرو سانشيز أبدت ضعفا في حماية حدود إسبانيا

وسارعت الحكومة الاسبانية للالتفاف على الخطأ الدبلوماسي باستضافتها سرا زعيم البوليساريو بالتصعيد ضد المغرب واتهامه بالابتزاز بعدما تدفق على جيب سبتة المغربي المحتل آلاف المهاجرين.

وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس في مقابلة مع الإذاعة العامة في إسبانيا "إنه اعتداء على الحدود الإسبانية وحدود الاتحاد الأوروبي وهذا أمر غير مقبول بموجب القانون الدولي"، مضيفة أن الرباط "تستغل" القصّر.

وتابعت "نحن لا نتحدث عن شبان تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما، سمح لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 7 أو 8 سنوات بالمرور وفقا لمنظمات غير حكومية... في تجاهل للقانون الدولي"، مضيفة "سمّوا هذا الوضع ما تريدون لكنني أسميه ابتزازا".

وكانت الرباط قد كشفت عن تعرض المملكة المغربية لحملة تضليل ومغالطات تقودها جهات حكومية ووسائل إعلام وأحزاب اسبانية. ولا تخرج تصريحات روبليس عن هذا السياق.

ومنذ صباح الاثنين، وصل نحو ثمانية آلاف مهاجر سباحة أو سيرا أو على متن قوارب مطاطية صغيرة إلى جيب سبتة المغربي المحتل، ما أثار أزمة بين الرباط ومدريد.

وبعد ليلة مضطربة، عاد الهدوء صباح الخميس إلى مدينة الفنيدق شمال المغرب التي تدفق إليها شباب يبحثون عن مستقبل أفضل، وبدت طرقاتها مقفرة، فقد نفذت القوات المغربية عملية إخلاء كبيرة واستعانت بحافلات في عملية الاخلاء.

وبدا مدخل الطريق المؤدي إلى المعبر الحدودي بمحاذاة الشاطئ خاليا في الصباح، وعلى الجهة المقابلة من الحدود عاد الهدوء أيضا إلى شاطئ تارخال.

والأربعاء، أكد الاتحاد الأوروبي أنه لن يسمح بأن يتعرض "للترهيب" في قضية الهجرة.

وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارغاريتيس سكيناس إن "سبتة هي أوروبا، هذه الحدود هي حدود أوروبية وما يحصل هناك ليس مشكلة مدريد إنما مشكلة يُعنى بها جميع" الأوروبيين.

وردت الرباط بمواقف غاضبة نشرتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية مذكرة بأن المغرب "هو بلد ذو سيادة وليس دركيا لأوروبا"، مؤكدة على جهود المغرب في تدبير أزمة الهجرة "بروح من المسؤولية والرصانة".

وجاء في أحد النصوص الذي نشر الأربعاء أن "قام الاتحاد الأوروبي الذي تعد آلته الدبلوماسية باهتة التأثير على الساحة السياسية الدولية بزج نفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، لكن للدفاع عن أوروبية الثغرين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية".

وفي خبر آخر، اتُهمت إسبانيا الخميس "بإساءة معاملة المهاجرين" واستخدام وسائل "غير متناسبة" مثل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي "كما لو كانت في حالة حرب مع المهاجرين".

وحل وسم #سبتة ومليلية_مغربيان" بين الأكثر تداولا الأربعاء على تويتر في المغرب، مع وصله بحسابات تثير تساؤلات إذ أنها أنشأت قبل فترة وجيزة.