المغرب يشارك خلاصة تجاربه الأمنية مع وكالات مكافحة الإرهاب
أكادير (المغرب) – تشكل الدورة الرابعة للاجتماع رفيع المستوى لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب والأمن في إفريقيا "منصة مراكش"، استجابة لتحولات التهديدات الإرهابية في القارة، التي أصبحت عابرة للدول، وتكتسب أهمية خاصة بانعقادها في المغرب باعتباره راكم تجارب في محاربة الإرهاب، واعتمد مقاربة استباقية للظاهرة وأرفقها بمقاربة دينية، لذلك حقق قفزة نوعية في هذا المجال.
وحذر ممثل وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ماورو ميديكو، من أن "التهديد الإرهابي يتغير باستمرار وأصبح أكثر تعقيدا"، مشيرا إلى أن "منصة مراكش" أصبحت الملتقى الأهم لمكافحة الإرهاب في أفريقيا ومن أجل أفريقيا.
وانطلقت بمدينة أكادير المغربية الدورة الرابعة من الاجتماع رفيع المستوى لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب والأمن في إفريقيا، بمشاركة نحو 40 جهاز استخبارات وأمن من القارة، إلى جانب وفود من أوروبا وأميركا وآسيا، وممثلي الأمم المتحدة، ضمن "منصة مراكش" التي باتت نقطة ارتكاز إقليمية في التنسيق الأمني.
ويؤكد متابعون أن الخبرة التي راكمها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب وتفكيك خلاياه في ظل التهديدات الإرهابية المتنامية في المنطقة جعلت حلفاءه وشركاءه التقليديين من الدول الغربية يسعون في طلب هذه الخبرة والإشادة بها.
المملكة انخرطت في إرساء عقل أمني جماعي، يؤمن بأن الأمن ليس مسألة قمعية أو تقنية فحسب، بل هو صناعة إستراتيجية معقدة، تنهض على المعرفة والتعاون وبناء الثقة
ويعتبر احتضان أكادير وسط المملكة المغربية، لهذا الحدث يكرس انخراط المملكة في إرساء عقل أمني جماعي، يؤمن بأن الأمن ليس مسألة قمعية أو تقنية فحسب، بل هو صناعة إستراتيجية معقدة، تنهض على المعرفة والتعاون وبناء الثقة.
ويأتي الاجتماع الذي عقد يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط تحذيرات من تحولات نوعية في طبيعة التهديدات الإرهابية في إفريقيا، حيث أكد المشاركون أن الإرهاب بات "متغيرا معقدا وغير ممركز"، ما يتطلب نهجا جماعيا طويل الأمد لتعزيز تبادل المعلومات، وتحديث آليات المواجهة، وتعزيز قدرات الدول الهشة.
وقال ماورو ميديكو، أن "منصة مراكش" التي افتتحت الثلاثاء بأكادير، تشكل نموذجا للتعاون الاستراتيجي المثالي بين الأمم المتحدة والمغرب في مجال مكافحة الإرهاب.
وأضاف ميديكو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الاجتماع الهام يجمع كل المديرين العامين لأجهزة الاستخبارات في إفريقيا وغيرها من الدول الشريكة الحاضرة لدعم جهود الدول الإفريقية.
وأضاف أن "منصة مراكش" تسمح بإجراء تحليل معمق للتهديد الإرهابي وتحديد العمل الجماعي الذي سيتم اتخاذه خلال الاثني عشر شهرا التي تلي كل اجتماع.
ويعد هذا اللقاء استمرارية لسلسلة اجتماعات أمنية احتضنتها مدن مغربية في السنوات الأخيرة، وكان آخرها بمدينة فاس عام 2024، ما يعكس موقع المغرب المتقدم في الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب.
وناقشت اللقاءات التهديدات العابرة للحدود في منطقة الساحل والصحراء، وتزايد دور الجماعات المتطرفة في زعزعة الاستقرار بدول غرب إفريقيا، ودعت الأمم المتحدة إلى تمويل مستدام للمبادرات الإقليمية، محذّرة من اتساع الفجوة بين التهديدات المتطورة وقدرات المواجهة في بعض الدول الإفريقية.
وتكرس المنصة مكانتها كموعد أساسي لتعزيز تبادل الخبرات وتقوية التعاون الإقليمي وتحديد أولويات بناء القدرات في مجال مكافحة الإرهاب في إفريقيا.
ويرى بعض المحللين إن السياسة الاستباقية التي تنهجها الدولة في تفكيك "الخلايا الإرهابية أعطت صورة عن المغرب أنه بلد مستقر إذ أن عدد المقاولات الأجنبية في المغرب في ارتفاع مستمر.
واكتسبت الأجهزة الأمنية المغربية خبرة وطورت إمكانياتها وتمتلك كفاءات في مواجهة هذه القضايا سواء من خلال فهمها الجيد أو من خلال احتواء هذه الظاهرة في جانبها الأمني مما جعل مقاربتها تدخل في إطار السياسة الأمنية المغربية الاستباقية.
ويرى محللون أن المغرب لا يضع خبرته الأمنية الصرفة فقط رهن إشارة حلفائه لمواجهة الإرهاب بل يزاوجها مع مقاربات أخرى لا تقل أهمية عن المقاربة الأمنية وهي المقاربة الدينية أو الروحية.
وأطلق المغرب قبل أكثر من عام خطة لإصلاح الحقل الديني "تقوم على تحصين المساجد من أي استغلال والرفع من مستوى التأهيل لخدمة قيم الدين ومن ضمنها قيم المواطنة وذلك في إطار مبادئ المذهب المالكي."
وامتدت سياسة المغرب في المجال الديني من "تحصينه من التطرف" إلى تأهيل المغرب لأئمة في دول أفريقية عديدة بطلب منها من بينها ليبيا ومالي والسنغال وغينيا وساحل العاج والغابون.. كما طلبت فرنسا من المغرب تأهيل أئمة مساجدها.
وكان تأهيل الحقل الديني عاملا مهما يأتي على رأس الأولويات على اعتبار أن هذه التنظيمات المتطرفة تتغذى على أفكار هدامة، لذلك فإن عدة دول طلبت من المغرب مساعدتها في تأهيل أئمة المساجد والحديث عن "نموذج الإسلام المغربي المعتدل."
وتأسست "منصة مراكش" عام 2022، بمبادرة مشتركة بين المغرب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بهدف التصدي للتهديدات الإرهابية في القارة الإفريقية، وتعزيز التعاون الإقليمي من خلال تبادل المعلومات والخبرات وتنسيق الجهود.