المغرب يعزز حضوره داخل الهيئات الدولية في اليونسكو
الرباط – يعزز انتخاب البروفيسور عزالدين كارا نائبا لرئيس المجلس الاستشاري العلمي والتقني لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، من الحضور المغربي في المحافل الدولية ذات البعد الثقافي ويعتبر فرصة لتقوية التعاون جنوب-جنوب في مجال التراث البحري، خصوصا مع دول إفريقيا وغرب المتوسط.
وانتُخب كارا خلال الدورة السادسة عشرة للمجلس الاستشاري العلمي والتقني التابع لاتفاقية اليونسكو لعام 2001 التي عقدت الأربعاء، ويمثل التتويج اعترافا دوليا بالمكانة العلمية للبروفيسور الذي يشغل منذ عام 2013 مهمة تمثيل المغرب في هذا المجال، وسبق أن ترأس نفس الهيئة سنة 2017، ما يجعله من الشخصيات البارزة عالميا في مجال حفظ التراث البحري والبحث الأركيولوجي تحت الماء.
وتشير نتيجة هذه الانتخابات إلى الثقة الدولية بالتزام المغرب الراسخ والدائم بالحفاظ على التراث الثقافي المغمور بالمياه، وتعزز في الآن ذاته حضورها النشيط والفاعل داخل الهيئات الدولية المتخصصة التابعة لليونسكو.
كما تجسد اعترافا دوليا بالخبرة المغربية وقدرتها على الإسهام الفعال في الجهود العالمية الرامية إلى صون التراث ذي القيمة الإنسانية الرفيعة.
ويضم المجلس، الذي يعد هيئة استشارية تابعة لمنظمة اليونسكو، 14 خبيرا دوليا، وتناط به مهام تقنية دقيقة، تشمل تقديم المشورة العلمية للدول الموقعة، ومراقبة تطبيق المعايير المنصوص عليها، وتطوير القدرات الوطنية، وإعداد خطط استراتيجية لحماية التراث البحري الذي غالبا ما يكون عرضة للإهمال أو النهب أو التدمير البيئي.
وأكدت منظمة اليونسكو في بيان لها أن انتخاب المغرب لهذا المنصب يعكس "دوره المتزايد في حماية الإرث الغارق، والتزامه الفعلي بالمشاركة في الجهود العالمية للحفاظ على مكونات التاريخ الإنساني في أعماق البحار والمحيطات".
ويمتلك المغرب ثروة أثرية بحرية لا تزال قيد الدراسة، تشمل موانئ أثرية ومواقع لسفن غارقة تمتد من العصور الفينيقية إلى الحقبة الاستعمارية، مما يضفي أهمية خاصة على تمثيله داخل هذه الهيئة الدولية.
ويعكس هذا الإنجاز أيضا التحول الاستراتيجي في السياسة الثقافية للمغرب، الذي بات يوظف أدواته الحضارية والتاريخية في بناء شراكات دولية فاعلة، لا تقل أهمية عن ملفات الاقتصاد والأمن في ميزان العلاقات الدولية.
واتفاقية اليونسكو لعام 2001 لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه تهدف إلى الحفاظ على مواقع أثرية بحرية مهددة، مثل السفن الغارقة والموانئ القديمة والمعابد تحت سطح البحر، ويُعد المغرب من الدول الرائدة إفريقيا في تسجيل وحماية مواقع التراث، ويمتلك ساحلا يزيد عن 3500 كيلومتر غنيا بالمخلفات الأثرية البحرية من حقب مختلفة.
ويؤكد خبراء مغاربة على ضرورة تكثيف الجهود من أجل تعزيز حضور التراث المغربي في المحافل الدولية، عبر توسيع الشراكات الثقافية وتعزيز البرامج التي تعكس تنوع وغنى التراث الوطني. ودعوا إلى تعزيز التوعية بأهمية هذا التراث لدى الأجيال الصاعدة لضمان استمرارية دوره كجسر للتواصل والدبلوماسية.
وفي فبراير/شباط الماضي، صادق مجلس النواب المغربي بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بحماية التراث وكشف وزير الثقافة والشباب والتواصل محمد مهدي بنسعيد، عن تفاصيل وأهداف مشروع قانون رقم 33.22، مشيرا إلى أن عددا من المستجدات التي تهم التراث غير المادي والجيولوجي والمغمور بالمياه والكنوز الإنسانية الحية، إلى جانب العقوبات السالبة للحرية للحد من المخالفات.
ويهدف المشروع، إلى تعزيز المحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، ودمج المفاهيم الجديدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بالتراث الثقافي.
ومن المستجدات الجديدة في مشروع القانون، صون وحماية التراث غير المادي، إذ أشار بنسعيد في تقديمه للمشروع إلى أن التراث الثقافي غير المادي الوطني أصبح مستهدفا، بشكل غير مسبوق، لمحاولة الاستيلاء على بعض عناصره التراثية التي تشكل رموزا للهوية الثقافية المغربية المتجدرة في التاريخ، والتي تشهد على حضارته المتفردة.
ومن المستجدات التي جاء بها مشروع هذا القانون، التعريف الجديد للتراث الثقافي الوطني وتحديد أصنافه، والتي أصبحت تتلاءم مع المفاهيم الواردة بالاتفاقيات الدولية التي صادقت المملكة المغربية، ومع التعريفات الواردة بأهم التشريعات العالمية في مجال التراث الثقافي، مع الأخذ بعين الاعتبار صلاحيات كل القطاعات الوزارية.
كما أشار إلى أن مشروع هذا القانون خصص حيزا مهما للتراث الثقافي المغمور بالمياه، والذي يفرضه توفر المغرب على طول ساحلي متوسطي وأطلسي يصله بعمقه الإفريقي والمتوسطي، وازدهار الحركة الملاحية المهمة التي عرفتها السواحل والطرق البحرية المارة بالمياه الإقليمية للبلاد.
ويُقصد بصون وحماية التراث المغمور بالمياه، أثار الوجود الإنسان التي تتسم بطابع ثقافي أو تاريخي أو أثري أو علمي أو فني، والتي ظلت مغمورة بالمياه جزئيا أو كليا، والموجودة تحت المياه الوطنية، ولاسيما المواقع والبنيات والبنايات والمواد والبقايا الآدمية أو الحيوانية وحطام السفن أو الطائرات أو أية مركبات أو آلات أخرى.
إلى جانب ذلك، جاء مشروع القانون بمستجد حماية التراث الطبيعي الذي يشمل المواقع الطبيعية والبيئات والفضاءات والمناظر الطبيعية، وبصفة عامة كل المعالم الطبيعية التي لها قيمة علمية أو بيئية أو جمالية، إضافة إلى التراث الجيولوجي الذي يشمل التشكيلات الجيولوجية والمواقع الجيولوجية ذات الأهمية التراثية بالنسبة للتاريخ الطبيعي لحقبة ما قبل العصر الجيولوجي الرابع، خاصة هياكل الفقريات والأحافير الحيوانية وكذا الرواسب المعدنية والأنماط الطبقية الموصوفة بالمغرب.