المغرب يعزز قدراته الدفاعية عبر صفقة استراتيجية مع الهند

القوات المسلحة الملكية المغربية توقع صفقة مع شركة "تاتا أدفانسد سيستمز ليميتد" الهندية لتزويد الجيش بمركبات مدرعة من طراز "WhAP 8×8".

الرباط – وقعت القوات المسلحة الملكية المغربية صفقة استراتيجية مع شركة "تاتا أدفانسد سيستمز ليميتد" الهندية لتزويد الجيش بمركبات مدرعة من طراز "WhAP 8×8"، ضمن خطة طويلة المدى لتحديث معدات الجيش المغربي وتحقيق المملكة اكتفائها الذاتي في الصناعات العسكرية، فيما يُظهر المغرب التزامه بتعزيز قدراته الدفاعية وتحقيق استقلاليته في هذه الصناعات، وهو ما يضعه في موقع قوي لتلبية احتياجاته الأمنية، ويجعله لاعبًا رئيسيًا في سوق الدفاع الإفريقي.

وتتضمن الصفقة تصدير 150 وحدة في مرحلة أولى، سيتم تصنيعها محليا عبر شركة "تاتا أدفانسد سيستمز المغرب" (TASM) مما يمهد الطريق لإنتاج أكثر من 400 مركبة على المدى الطويل، مع زيادة نسبة المكونات المحلية من 35 بالمئة إلى 50 بالمئة، حيث ستشكّل خطوة هامة نحو تقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية وتعزيز مكانة المغرب كمركز إقليمي للصناعات الدفاعية.

كما ستشمل نسخًا متطوّرة مزودة بمدافع 105 ملم و120 ملم، إضافة إلى نموذج طبي للإخلاء والدعم، ومن المتوقع أن يسهم هذا التطور في تعزيز قدرة الجيش المغربي على مواجهة التحديات المستقبلية، حيث ستمكن هذه المركبات من التكيف مع مختلف بيئات العمليات العسكرية.

وتشهد الشراكة العسكرية بين المغرب والهند تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التعاون في هذا المجال الحيوي.

ويرى خبراء أن التعاون البحري والعسكري بين الرباط ونيودلهي يحمل إمكانيات واعدة لتوسيع وتعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين، ما يمكن المملكة من تنويع مصادر معداتها العسكرية وتقليل اعتمادها على موردين تقليديين، مستهدفة تعزيز قدراتها الدفاعية من خلال الحصول على أحدث التقنيات العسكرية الهندية.

ويلعب الموقع الجغرافي الاستراتيجي لكل من الدولتين دورا محوريا في هذه الشراكة، إذ يضعهما في موقع يمكن من خلاله تعزيز التعاون الأمني والبحري.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، عُقدت الدورة الخامسة للمشاورات السياسية المغربية-الهندية في الرباط وقد أثمر هذا التعاون عن توقيع اتفاقية بين المغرب وشركة "تاتا" للأنظمة المتقدّمة المحدودة الهندية لإنتاج عربات قتالية برية متطوّرة WhAP 8×8 في المغرب.  

ووقعت الحكومة المغربية عقداً مع الشركة لشراء دفعة جديدة من مركبات "LPTA 2445" العسكرية. وفي يوليو/تموز 2022 تسلم الجيش المغربي شاحنات نقل تكتيكية هندية من طراز "TATA LPTA 2038"، بينما يشمل التعاون المغربي الهندي أيضا المجال الأمني البحري، وهو ما يساهم في تعزيز الأمن البحري الإقليمي، حيث تواجه كلا الدولتين تحديات مشتركة مثل القرصنة والتهريب والهجرة غير الشرعية.  

مدرعة
تجهيزات عسكرية متطورة

ويبذل المغرب جهودًا حثيثة لتوطين الصناعات الدفاعية، وذلك في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، وتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة وتنويع الاقتصاد الوطني.

وتسعى الرباط إلى جذب الشركات العالمية المتخصصة في الصناعات العسكرية للاستثمار في البلاد، وذلك من خلال تقديم حوافز وتسهيلات استثمارية، فضلا عن ابرام شراكات مع دول عدة لتطوير هذه الصناعات محلياً، من أبرزها الشراكة الأمنية المغربية-الأميركية والتعاون المغربي-الصيني.

ويعمل المغرب على تطوير البنية التحتية اللازمة لهذه الصناعات المتطورة، مثل المناطق الصناعية المتخصصة والمراكز البحثية والمعاهد التقنية وتنمية البحث العلمي فيها من خلال دعم الجامعات والمراكز البحثية وتشجيع الابتكار والتطوير، بالإضافة الى إعفاء قطاع صناعة عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة من ضريبة الشركات

وتتجه السلطات المغربية نحو تنويع شركائها في مجال الصفقات العسكرية، وذلك ضمن استراتيجيته لتعزيز قدراتها الدفاعية وتنويع مصادر تسليحها، وهو ما سيعزز استقلالية المملكة في اتخاذ القرارات الدفاعية والحصول على أحدث التقنيات العسكرية المتاحة في السوق العالمية، وذلك من خلال التعاون مع دول مختلفة وإقامة شراكات مع شركات عالمية.

يوفر للمغرب فرصة لتعزيز طموحه في توطين الصناعة الدفاعية على المستوى المحلي، من خلال تبادل الخبرات والتجارب مع أذربيجان على هذا المستوى، خاصة وان البلدين يدمجان الطائرات المسيرة ضمن ترسانتهما العسكرية ويتقاسمان الطموح نفسه.

وعلى مستوى التعاون العسكري مع دول المنطقة، يتطلع المغرب إلى إقامة شراكات مع دول إفريقية وعربية، بينما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية الشريك العسكري الرئيسي للمملكة، حيث تزودها بالعديد من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة.

ويشهد التعاون العسكري بين الرباط وإسرائيل تطوراً ملحوظاً، إذ أبرم البلدان العديد من الصفقات العسكرية في السنوات الأخيرة، فيما تسعى إلى تعزيز التعاون مع الصين من خلال شراء أسلحة ومعدات عسكرية صينية.

 كما يراهن المغرب على البرازيل من أجل تطوير العلاقات العسكرية على مستوى الصفقات والتكوين على المدى القصير والتصنيع على المدى المتوسط.

وتعكس هذه الصفقات العسكرية المتنوعة استراتيجية المغرب في بناء قوة دفاعية متطورة وقادرة على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة.