المفرج عنهم من طالبان قنابل موقوتة

المفرج عنهم من سجناء طالبان من المخططين للهجمات يشكلون مصدر قلق أكبر بالنسبة للسلطات الأفغانية من المسلحين وبنهم من استأنف بالفعل نشاطاته المسلحة، بينما ارتكب آخر جريمة قتل.
طالبان تجد نفسها في وضع المنتصر أيا كانت نتائج محادثات السلام
طالبان اشترطت الإفراج عن متدربين انتحاريين وصانعي السترات الناسفة
المفرج عنهم من طالبان سيكونون مقاتلين في الجبهة الأمامية
طالبان تنفي أي نية لعودة المفرج عنهم للقتال.. لديها ما يكفي من المقاتلين

كابول - ينطوي الإفراج عن الآلاف من مقاتلي حركة طالبان ضمن عملية تبادل السجناء بين الحكومة الأفغانية والحركة المتشددة، على مخاطر أكبر من المسعى الحالي لتهيئة الظروف الملائمة لاتفاق سلام، فالمفرج عنهم ربما فيهم كثيرون يستعدون للعودة لحمل السلاح ضدّ الدولة.

ولا يخفي محمد داود الذي أفرج عنه مؤخرا بعدما أمضى تسع سنوات في السجن استعداده للعودة إلى القتال مثل كثير من متمردي طالبان الذين أطلقت كابول سراحهم على أمل تحقيق تقدم في مفاوضات السلام، ويشكلون تهديدا جديدا.

ويقول السجين السابق الذي أطلق سراحه من سجن باغرام شمال كابول الشهر الماضي "ما لم ينسحب الأميركيون، سنواصل جهادنا لأنهم قتلوا الكثير من الأفغان في عملياتهم".

وقال قبل أن يستقل سيارة أجرة باتّجاه قريته وبحوزته مبلغا منحته إياه الحكومة بقيمة 65 دولارا "لم نعد نرغب بوجود قوات أجنبية في بلدنا". وكانت القوات الأميركية قد أوقفت داود (28 عاما) في ولاية فارياب قبل تسع سنوات.

وسرّعت السلطات الأفغانية عملية إطلاق سراح 5000 سجين من طالبان بمن فيهم داود، "كبادرة حسن نية" بعد أن دعا المتمردون إلى وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر.

وقال مسؤول أمني إن طالبان طلبت أن تتضمن قائمة المفرج عنهم أعضاء يتدربون على أن يصبحوا انتحاريين وصانعي سترات انتحارية وخاطفين وحتى مقاتلين أجانب.

وتأتي هذه الخطوة ضمن عملية تبادل أشمل للسجناء تم الاتفاق عليها كتمهيد لمحادثات السلام.

وقبل إطلاق سراحهم، تم الطلب من السجناء التوقيع على تعهد بعدم حمل السلاح مرة أخرى. ومن الواضح بشكل متزايد أن مثل هذه الالتزامات لا تعني الكثير وربما لا تعني شيئا.

وقال قيادي من طالبان في باكستان إنه "يجب ألا يكون هناك أي غموض" في أن المفرج عنهم سيتم نشرهم في نهاية المطاف في الخطوط الأمامية، مضيفا "إنه جهاد مستمر وسيستمر حتى نتوصل إلى نوع من الاتفاق مع حكومة كابول".

واشنطن تدفع لمصالحة افغانية افغانية لتأمين سحب قواته
واشنطن تدفع لمصالحة افغانية افغانية لتأمين سحب قواته

لكن المتحدث السياسي باسم طالبان سهيل شاهين رفض مزاعم أن السجناء سيعودون للقتال، قائلا إن لدى الحركة ما يكفي من "القوات النشطة والاحتياطية"، مضيفا "لسنا بحاجة إلى أي قوة تنشط في ساحة المعركة لأننا بصدد الدخول في المفاوضات الأفغانية الأفغانية".

ويقول العديد من المتمردين الذين تم إطلاق سراحهم إنهم لا يزالون غاضبين من القوات الأميركية، لكن بموجب اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان تم توقيعه في فبراير/شباط، التزم المسلحون بوقف مهاجمة القوات الأميركية والأجنبية أثناء انسحابها من البلاد بحلول العام المقبل. وبدلا من ذلك، باتت قوات الدفاع والأمن المحلية المنهكة العدو المباشر الذي لم تشمله تعهدات مشابهة.

وكان التنازل الرئيسي الذي حصلت عليه واشنطن من طالبان أثناء المفاوضات يتمثل في التعهد ببدء محادثات السلام مع كابول. وبالمقابل، تعيّن على الحكومة الأفغانية الإفراج عن 5000 سجين من المتمردين بينما تعهدت الحركة بإطلاق سراح 1000 سجين من قوات الأمن.

وقال مسؤولون إنه منذ بدء عملية التبادل، أفرجت السلطات الأفغانية عن 3000 سجين من طالبان، بينما أفرج المتمردون عن أكثر من 750 سجينا.

ولربما يمثل هذا الرقم ما يعادل 10 بالمائة من إجمالي قوات طالبان، حيث تشير تقديرات إلى أن عدد المتمردين يتراوح بين 50 ألفا و100 ألف.

وقال مسؤولون أمنيون أفغان إن الولايات المتحدة لم تستشرهم بينما استكملت واشنطن وطالبان عملية تبادل السجناء.

وقال مسؤول أمني رفيع إن "المخططين" يشكلون مصدر قلق أكبر بالنسبة للسلطات الأفغانية من المسلحين، مضيفا أن أحد سجناء طالبان المفرج عنهم استأنف بالفعل نشاطاته المسلحة، بينما ارتكب آخر جريمة قتل.

ورأت طالبان في الصفقة مع الولايات المتحدة دليلا على أنها هزمت واشنطن في حربها وهي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة والأكثر كلفة من حيث الخسائر البشرية والمالية.

وذكر نائب زعيم طالبان سراج الدين حقاني في تصريح الأسبوع الماضي أنه "لا يجب أن تؤخذ السياسة والمفاوضات على أنها تعني أننا سنهمل شؤون الجهاديين وتعزيز وتطوير قوتنا العسكرية الجهادية".

وتجد طالبان الآن نفسها في وضع ستخرج منه منتصرة أيا كان السيناريو حتى لو فشلت محادثات السلام مع كابول.

ولم يكن أمام الحكومة الأفغانية أي خيار سوى الرضوخ لمطلب واشنطن المضي قدما في عملية التبادل، خصوصا وأن الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة بالنسبة إليها.

ومع ذلك يعلق بعض المراقبين الآمال على نجاح محادثات السلام التي ستنهي حرب أفغانستان المستمرة منذ 19 عاما.

وقال أندرو واتكنز من مجموعة الأزمات الدولية إن "هذه المحادثات تحمل آمالا أفضل بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار من أي مقاربة أخرى حالية"، مضيفا أن "البدء السريع للمحادثات هو أفضل طريقة للقضاء على هذا التهديد"، فيما لم يتم بعد تحديد موعد لبدء المحادثات.