المكارثية الترامبية أو "الفلسطينوفوبيا"

أمر خطير أن تمدد النزعة المعادية للفلسطينيين وتشيطنهم في بعض الأوساط الحاكمة ونخبها السياسية في العالم العربي وخصوصا الدول المطبعة مع إسرائيل.

المكارثية نسبة إلى جو مكارثي (1908-1957) وكان أصغر نائب في الكونغرس الأميركي في بداية خمسينيات القرن الماضي وأخذ شهرته عندما زعم أن الشيوعيين متغلغلين في المجتمع الأميركي والدوائر الحكومية الأمر الذي أثار حالة من الفزع وعلى أثرها تم اعتقال الآلاف من الاميركيين وطرد وتوقيف آخرين من العمل بتهمة أنهم شيوعيون أو عملاء للاتحاد السوفيتي ولكن في عام 1954 اكتشف المشرعون الأميركان أن مكارثي كان يدلس عليهم ويشيطن كل من يختلف معه، وفي النهاية تمت محاكمته بتهمة الكذب والفساد.

هذه المكارثية تعود مجددا لأميركا من خلال الرئيس ترامب ليس في مواجهة الشيوعيين ولكن ضد الفلسطينيين ومن يناصر قضيتهم حتى بتنا أمام ظاهرة يمكن تسميتها "الفلسطينوفوبيا" حيث تقوم الإدارة الأميركية ومعها اليمين العنصري والانجليكي وكل من يدعمون إسرائيل بشيطنة الفلسطينيين وكل من يؤيدهم او ينتقد إسرائيل وممارساتها الاجرامية بحق الفلسطينيين، بل لم يتردد ترامب بأن وصف أحد معارضيه من السياسيين الاميركيين بأنه فلسطيني.

إذا كانت ظاهرة "الفلسطينوفوبيا" أو معادة الفلسطينيين وتخويف الشعوب منهم متأصله عند اليمين الحاكم في أميركا وفي بعض الدول الغربية لاعتبارات دينية ولأن دولة اليهود من صنعهم ومعنيون ببقائها واستمرارها والفلسطينيون يشكلون تهديدا لما خططوا له ويريدانه، فإن الأمر الخطير تمدد هذه النزعة المعادية للفلسطينيين وتشيطنهم في بعض الأوساط الحاكمة ونخبها السياسية في العالم العربي وخصوصا الدول المطبعة مع إسرائيل، وهي ظاهرة تأتي نتيجة التداخل في المصالح الاقتصادية بين هذه الدول والغرب عموما وخصوصا واشنطن، وهيمنة اقتصاد وثقافة العولمة الفجة على الطبقات الحاكمة. أيضا خوفا من عدالة القضية الفلسطينية وتغلغلها في الأوساط الشعبية التي شوهها الإعلام المعولم الفاقد للهوية والانتماء الوطني والقومي، وقدرة عدالة القضية وانكشاف حقيقة إسرائيل الاجرامية بعد حرب الإبادة على غزة على كشف زيف الرواية اليهودية الصهيونية وكشف التحيز الأعمى لهذه الحكومات والنخب لكيان متهم بأنه يمارس جريمة حرب إبادة وتطهير عرقي وقادته مطلوبون للمثول أمام العدالة الدولية.