الملايين في العالم ينكرون هبوط الإنسان على سطح القمر

بريطانيون وأميركيون وروس وفرنسيون يعتبرون أن صورا حابسة للأنفاس بثّتها وكالة الفضاء الأميركية ما هي إلا خدعة سينمائية.
دوافع مختلفة للمشككين في هبوط الإنسان على القمر
أخطاء في الصور والمقاطع المصورة للرحلات القمرية
أفكار تندرج ضمن نظرية 'المؤامرة'
أبولو11 منعطف كبير في تاريخ 'الأخبار الكاذبة'

باريس – بعد مرور خمسين عاماً على رحلة أبولو 11 التاريخية، ما زال ملايين الأشخاص حول العالم مؤمنين بأن الإنسان لم يهبط على القمر، وأن الصور الحابسة للأنفاس التي بثّتها وكالة الفضاء الأميركية ما هي إلا خدعة سينمائية.
يقود بحث صغير على الإنترنت إلى آلاف المواقع الإلكترونية التي تنشر تقارير وأخباراً وتعليقات تشكّك إلى اليوم في أن يكون الأميركيون قد هبطوا حقاً على سطح القمر.
ويقدّم أصحاب هذه النظرية دوافع مختلفة لتأييد مقولتهم، منها إن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ليست على هذا المستوى من الإمكانات التقنية، وأن الرحلات القمرية كانت غير مأهولة، فيما يتحدث آخرون عن مساع لإخفاء التعاون مع كائنات فضائية، أو لوجود حضارة على سطح القمر.
يحتجّ أصحاب هذه النظريات بما يقولون إنها أخطاء تظهر في الصور والمقاطع المصورة التي بثّتها الوكالة الأميركية عن الرحلات القمرية.
فبعضهم يتحدث مثلاً عن عناصر مثيرة للشك في الضوء والظلّ في الصور، ويشير آخرون إلى غياب النجوم من هذه الصور والمقاطع، فيما يركّز كثيرون على وجود تموّجات في العلم الذي زرعه نيل أرمسترونغ هناك، علماً أن القمر يكاد يخلو من غلاف جوي ولا يمكن أن تهبّ فيه رياح تحرّك العلم.
إلى ذلك، يتحدّث كثيرون عن أن الإشعاعات الكونية في الفضاء لا يمكن ان ينجو منها إنسان في رحلته ذهاباً وإياباً إلى القمر.
ومع أن الأوساط العلمية حاولت دحض هذه الأفكار بما في وسعها من وسائل، منها بثّ صور عن مواقع الهبوط على سطح القمر التقطت في العام 2009، لكن الأمور لم تتحسّن كثيراً مع ناكري الرحلات القمرية المأهولة، لا بل إن الأمور تزداد سوءاً.
ففي وقت الرحلات القمرية المأهولة، كان 5% من الأميركيين لا يصدقون أن ما تقوله ناسا، بعد ذلك ارتفعت النسبة إلى 6% بحسب ما أظهرت دراسات أحدث، كتلك التي أعدّها معهد "غالوب" في العام 1999.

االقمر
'استمرار إنكار أبولو 11 يجب ألا يدهش أحداً'

وبحسب استطلاع أعدّه معهد "إيفوب" في العام 2009، تبيّن أن 9% من الفرنسيين يحملون الأفكار نفسها، إضافة إلى ربع البريطانيين بحسب دراسة لمعهد "تي أن أس" في العام نفسه.
وفي العام 2018، كشف معهد "فتسيوم" أن 57% من الروس لا يصدقون أن الإنسان هبط فعلاً على سطح القمر.
 يقول الكاتب ديدييه ديزورمو الذي شارك في وضع كتاب بعنوان "نظرية المؤامرة، تفكيك وتصرّف" إن "هذه الحلقة من سلسلة غزو الفضاء هي من الأحداث الكبرى في تاريخ البشرية … التشكيك بها يقوّض أسس العلوم وتسخير الإنسان للطبيعة".
كثيرة هي الأفكار التي ظهرت في العالم الحديث والتي تندرج في نظرية المؤامرة، مثل ما يتعلّق باغتيال الرئيس كينيدي في العام 1963 أو ما يتحدّث عن صحون طائرة، لكن الشيء المختلف في قضية الهبوط على القمر أن ناكري الواقعة "يعمدون إلى تفكيك مضنٍ لكل ما يرونه إشارات سينمائية في مقاطع وكالة الفضاء الأميركية"، بحسب ما يقول الكاتب.
يرى المؤرخ الرسمي لوكالة "ناسا" رودجر لونيوس في كتاب صدر حديثاً بعنوان "أبولوز ليغاسي" أن "استمرار إنكار (رحلة أبولو 11) يجب ألا يدهش أحداً" لأن أصحاب نظرية المؤامرة يستندون إلى "الشك في المؤسسات العامة، والانتقادات الشعبوية" إزاء المجتمع والمؤسسات والعلوم.
ويضيف أن نجاح أصحاب نظرية المؤامرة قائم على "مخاوفنا العميقة"، مثل انعدام الثقة التي ولّدتها حرب فيتنام، وفضيحة ووترغايت، إضافة إلى المشاعر المعادية للأميركيين المنتشرة في الخارج.
ويرى ديزورمو أن "هذا النوع من النظريات يستمرّ مهما جرى، لأنه يصبح أشبه باعتقاد إيمانيّ يرافقه التبشير به".
ظلّت وكالة الفضاء الأميركية لوقت طويل ترفض مناقشة أفكار أصحاب نظرية المؤامرة، لكنها اضطرت للرد بعد حلقة بثّت العام 1978 على قناة "فوكس نيوز" جلبت شهرة واسعة لهذه الأفكار.
ومن المفارقات المدهشة أن هذه الأفكار المشككة تنتشر اليوم (عبر الفضائيات أو الإنترنت) بتقنيات كان للرحلات الفضائية فضل كبير في بلوغها، خصوصا رحلة أبولو 11 التي ينكر المشككون حصولها أصلا، بحسب الكاتب.