الملتقى الثقافي بالدمام يبحث عن "الرواية في المكان"

حبيب محمود يرى أن كتابة "المكان" تجر خلفها كتابة "الزمان" أيضا، مشيرا إلى أن المكان في روايتيه "زمبوه" و"النخلاوي" هو مسرح أسلافه.
ورطتني الرواية القصيرة بواقعية زمانها ومكانها وبنيتها ومضمونها
من المستحيل أن أجلب "الكنار" في الصيف، أو استشهد بـ "الخلال" في صيف أغسطس

الدمام (السعودية) ـ في أولى أمسيات "الملتقى الثقافي" بالمنطقة الشرقية في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، قدم الروائي حبيب محمود ورقة بعنوان "الرواية في المكان" في الأمسية التي أقيمت على مسرح الجمعية مساء الاثنين وأدارها محمد الخباز الذي افتتح اللقاء بمقدمة عن المكان في الأعمال الأدبية مستشهدا بأبيات لأمرئ القيس التي قال فيها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ** بسقط اللوى بين الدخول فحومل
مشيرا إلى أن الشاعر يريد للإشارة لمشاعره تجاه المكان الذي نشأت فيه علاقته الغرامية كما كان واقعها الجغرافي.
واسترسل الخباز في الحديث عن المكان في الأعمال الروائية مشيرا إلى بعض الدراسات تفضل استخدام مصطلح "الفضاء الروائي" ليقدم بعدها ضيف الأمسية الكاتب والروائي حبيب محمود للحديث عن المكان في رواياته الثلاث: "زمبوه"، و"النخلاوي"، و"كشوانية رقم 7".
في البداية أكد حبيب محمود على أن كتابة "المكان" تجر خلفها كتابة "الزمان" أيضا، مشيرا إلى أن المكان في روايتي "زمبوه" و"النخلاوي" هما مسرح أسلافه الذين انحدر منهم، مستذكرا مشهد والدته وهي تصلي في عريض محضون ببستان أسمه "العرجانية" الذي أشبعه مشاهد "الأكارين" وهم يحتفلون بـ "الصرام".
وقال محمود: أخترت "العرجانية" لأبني كل أحداث "زمبوة" على مشاهد رأيتها وتصورتها وتخيلتها، لأجلب صوت حمير البساتين، وبعض ما قبل صلاة المغرب، لذلك ورطتني الرواية القصيرة بواقعية زمانها ومكانها وبنيتها ومضمونها، لذلك من المستحيل أن أجلب "الكنار" في الصيف، أو استشهد بـ"الخلال" في صيف أغسطس، لذلك كان صراع الطبيعة الذي خاضه والد بطل الرواية مناخيا دقيقا في توقيته.

المنتج الأدبي ليس عليه أن يقدم الحلول بقدر ما يطرح القضية والمشكلة لتوجيه أنظار أصحاب القرار والمجتمع لها والذين بدورهم يستطيعون إيجاد الحلول الناجحة لها

وأضاف: وعلى عكس من ذلك كانت رواية "النخلاوي" التي اعتمدت على الصور البعيدة عن بطل الرواية والتي تفصله عنها 40 سنة من العمل في ارامكو وتغير كل شيء في فضاء المكان وحيز الأحداث، حيث إن المكان في الرواية حالة خاصة يعيشها متقاعد إلى حد أنه عاد بحنينه إلى أن يعوف أجهزة التكييف وتفضيل رطوبة الصيف في "عشة من الخوص" في فناء الفيلا الحديثة التي يسكن بها.
وذكر حبيب محمود أن الأماكن كثيرة في "النخلاوي" ولكن سيدها هو المكان الأبعد، تلك القرية بنخيلها وحياة ريفها وإنسانها، وحكايات أمهاتها.
كما تحدث ضيف الأمسية على ضرورة أن يهتم الروائي أو الفنان في أي مجال إبداعي لردود الفعل حول منتجه، والحرص على عدم التعرض لتخدير من المحيط الاجتماعي الذي يحيط به، حيث إن الأصدقاء والأقارب قد يتناولون المنتج الأدبي أو الإبداعي من خلال حبهم أو تعاطفهم مع الكاتب أو الفنان، فيما الحقيقة قد تكون مختلفة من خلال المتلقي أو الناقد المحايد، مشددا في ذات الوقت على أن المبدع في أي مجال لا يجب أن يتكلم عن عمله إلا كإفادة فقط وليست كتقييم.
وشهدت الأمسية عددا من المداخلات أكد خلالها حبيب محمود على أن الكاتب أو الروائي وحتى الفنانين في مجالات أخرى لا بد أن يشعر بالتوحد مع منتجه، خصوصا عندما يتعلق ذلك بالسرد، فيما علق على مداخلة أخرى بأنه يجد نفسه مع العمل الجميل ذي البنية المتماسكة التي تتعامل مع الزمن بحرفية جيدة حتى لو تضمنت قفزات زمنية من جيل إلى آخر في حال تم ذلك بسلاسه وبدون أي فجوات.
كما أجاب على أحد المداخلات بالتأكيد على أن المنتج الأدبي ليس عليه أن يقدم الحلول بقدر ما يطرح القضية والمشكلة لتوجيه أنظار أصحاب القرار والمجتمع لها والذين بدورهم يستطيعون إيجاد الحلول الناجحة لها.
وفي نهاية الأمسية كرم المشرف على البرنامج الثقافي بالمنطقة الشرقية د. طارق الخواجي الروائي والكاتب حبيب محمود إضافة لتكريمة لمدير الأمسية.