المواقع الاجتماعية تزين للشباب المغربي آمالا زائفة في عبور الحدود

خبراء يحذرون من تزيد الدعوات الجماعية للهجرة غير النظامية عبر الشبكات الاجتماعية ما يدفع الشباب لركوب المخاطر من أجل الفردوس الأوروبي الوهمي.

الرباط - حذر خبراء ومحللون من تضليل الشباب المغرر بوعود زائفة لحياة أفضل ومستقبل وردي على الضفة الأخرى للمتوسط، من خلال دعوات جماعية للهجرة غير النظامية عبر الشبكات الاجتماعية.

وأعرب هؤلاء عن استياءهم من النداءات اللامسؤولة التي تدفع آلاف الشباب إلى المخاطرة بحياتهم من أجل فردوس وهمي، مشيدين بالإجراءات والجهود المكثفة المبذولة من قبل السلطات المغربية، بشكل واع واحترافي، بغرض تجنب أن يجازف هؤلاء المرشحون للهجرة عبثا بحياتهم تحت وقع نداءات مضللة ومغرضة يتم تداولها على الشبكات الاجتماعية.

ولفت المحلل السياسي مصطفى طوسة إلى أن المحتويات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي التي حرضت علنا على اقتحام الحاجز الأمني بين مدينتي الفنيدق وسبتة يوم 15 سبتمبر/أيلول، "تبين إلى أي حد باتت الشبكات الاجتماعية تلعب اليوم دورا سلبيا، وتضخم هذه الظاهرة وترسم الأوهام التي تغوي الشباب والنفوس الضعيفة، وعبر تغذية آمال مزيفة بعبور الحدود".

وأكد طوسة في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه "بمجرد الإعلان عن هذه المحاولات لعبور الحدود، لوحظ أن السلطات المغربية اتخذت تدابير أمنية فعالة حدت إلى حد كبير من وقع هذا الهجوم ومن حجمه أيضا، ليصبح حدثا هامشيا، بعيدا عن مرامي مروجيه وصناع الفتن على الشبكات الاجتماعية الذين حاولوا استغلاله".

وتبرز هذه الحوادث مجددا التحديات الكبرى للهجرة السرية التي يواجهها المغرب الذي يعمل على قدم وساق من أجل إجهاض هذه المحاولات ومحاصرة ظاهرة دولية لا تفتأ تتعاظم، وفق طوسة، مذكرا بسياسة الهجرة المعتمدة من قبل المغرب والتي تحظى بتنويه رفيع على الصعيد الدولي نظير فعاليتها في مكافحة الهجرة غير النظامية.

ويرى المحلل السياسيأنه فضلا عن الاختيارات الأمنية الحازمة لمكافحة هذه الآفة العالمية، فإن المملكة منخرطة على عدة جبهات من أجل ضمان حياة كريمة للمغاربة، مع إيلاء عناية خاصة لشبابها عبر ورشات واستراتيجيات ضخمة، على غرار دعم تشغيل الشباب، هذا الرأسمال البشري الثمين، معتبرا أنه "لكي تؤدي سياسة ما إلى نتائج إيجابية وتؤتي ثمارا تكون في مستوى الانتظارات، فإن ذلك يحتاج إلى وقت"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد هناك بلد يملك عصا سحرية".

وندد رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، بالدعوات الهدامة للهجرة غير النظامية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تروم "المس بصورة المملكة"، مؤكدا أن الأفعال الضارة والتي تنم عن سوء نية تستهدف بالأساس الشباب الذي يعيش وضعية هشاشة، قائلا إن "هذه المحاولات تروم عرقلة ووقف الدينامية المدعمة للتنمية التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات".

وأبرز أن السلطات المغربية التي وضعت تدابير أمنية فعالة من أجل إحباط هذه المحاولات مسبقا وتفادي أي انفلات للوضع، أبانت عن مهنية وضبط للنفس عاليين، وذلك على الرغم من أعمال العنف والتخريب التي ارتكبها المرشحون للهجرة غير النظامية، لافتا من جهة أخرى إلى سياسة الهجرة التي اعتمدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، مشددا على أن المملكة تعد البلد الوحيد في أفريقيا الذي قام بتسوية أوضاع المهاجرين النظاميين، في انسجام تام مع التزاماتها الدولية.

وتجسد السياسات العمومية في مجال تشغيل الشباب إرادة المملكة في تثبيت أسس الدولة الاجتماعية لفائدة جميع شرائح المجتمع، وفق بنحمو.

واعتبر امحمد بلعربي، وهو أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن الدعوات التي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم اقتحام للحاجز الأمني بين مدينتي الفنيدق وسبتة أخذت حجما غير مسبوق، وهو ما دفع السلطات المغربية إلى اتخاذ تدابير أمنية هامة لمواجهة هذه الوضعية التي لم يسبق لها مثيل.

وأوضح أنه في الوقت الذي يواصل فيه المغرب بذل جهود جبارة لمحاربة الهجرة غير النظامية، في إطار مقاربة متعددة الأبعاد، أصبح ضغط الهجرة يتزايد أكثر فأكثر بسبب عصابات تنشط في هذا النوع من التعبئة الجماعية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أن المملكة منخرطة في عدد من الورشات والبرامج الهادفة إلى ضمان الشغل للشباب وتوفير شروط العيش الكريم لهم، بعيدا عن هذه الأصوات الحاقدة التي تبحث عن سبل تخدير عقول هؤلاء الشباب بوعود وهمية لا مستقبل لها.

وكان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أعلن، الخميس، أنه تم تقديم 152 شخصا أمام العدالة في إطار محاربة دعوات التحريض على الهجرة غير القانونية.

وقال بايتاس خلال لقاء صحافي عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، في سياق رده على أسئلة الصحفيين بخصوص أحداث الفنيدق، إنه "يتم تحريض بعض الشباب من طرف جهات غير معروفة عبر استغلال مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تعبئتهم" للهجرة بطريقة غير نظامية.

وصرح بأن عدد الأشخاص الذين حاولوا الهجرة غير القانونية انطلاقا من مدينة الفنيدق ناهز 3 آلاف شخصا، مبرزا أنه تم "إفشال جميع هذه المحاولات"، مؤكدا على أن إشكالية الهجرة غير القانونية "متواجدة وتتكرر في مجموعة كبيرة من الدول".