الموقف الأميركي من القدس والجولان يوحد المواقف العربية

القادة العرب يتفقون في ختام القمة العربية على تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن ضد القرار الأميركي المتعلق بالجولان السوري المحتل، معلنين عزمهم السعي لاستصدار رأي من محكمة العدل الدولية بـ"عدم شرعية وبطلان الاعتراف الأميركي".
عون: القرار الأميركي بشأن الجولان يهدد سيادة لبنان أيضا
القمة تنعقد وسط اضطرابات في الجزائر والسودان واليمن
العرب غاضبون من قرارات ترامب بشأن الجولان والقدس
عباس للقادة العرب: نتطلع لنصرة فلسطين قضية العرب الأولى
السيسي: لا مخرج من الصراع إلا بتحرير جميع الأراضي العربية

تونس - قال الزعماء العرب اليوم الأحد إنهم سيسعون إلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ضد قرار الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان وحذروا أي دول أخرى من أن تحذو حذو واشنطن.

وأضافوا في بيان ختامي صدر عقب القمة العربية في تونس أن الدول العربية ستقدم مشروع قرار لمجلس الأمن وستسعى لاستصدار رأي من محكمة العدل الدولية "بعدم شرعية وبطلان الاعتراف الأميركي".

كما طالبوا إيران بالامتناع عن أي ممارسات تهدد أمن المنطقة ودعوها إلى العمل مع الدول العربية على أساس علاقات حسن الجوار ودون تدخل أي من الطرفين في الشؤون الداخلية للطرف الآخر.

وقال الزعماء في بيان في ختام القمة العربية في دورتها الثلاثين "نؤكد على أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية وإيران قائمة على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها والامتناع عن الممارسات والأعمال التي من شأنها تقويض الثقة والاستقرار في المنطقة".

كما دعا القادة العرب إلى تسويات سياسية شاملة في المنطقة، محذرين من أن الخلافات تتسبب في استنزاف خيراتها، مؤكدين على دعم الحل السياسي في سوريا وفق مسار جنيف وقرارات مجلس الأمن.

ودعا البيان الختامي أيضا جماعة الحوثي إلى الالتزام بالهدنة واتفاق ستوكهولم والقرارات الدولية، وفق المبادرة الخليجية.

واتفق القادة العرب المنقسمون منذ فترة طويلة بفعل الصراعات الإقليمية اليوم الأحد على إدانة اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية. وقالوا إن السلام في الشرق الأوسط مرهون بإقامة دولة فلسطينية.

وانعقدت القمة العربية في دورتها الثلاثين بتونس وسط تحديات واضطرابات تشهدها الجزائر والسودان واليمن وحرب أهلية سورية لم تضع أوزارها بعد إضافة إلى خلافات بين دول خليجية وعربية مع قطر بسبب تورط الأخيرة في التدخل في شؤون الدول الأخرى وصلتها بأنشطة إرهابية وتحالفها مع إيران الخصم الاقليمي.

وكان لافتا خلال قمة تونس صدور موقف عربي موحد من اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"سيادة" إسرائيل على الجولان السوري المحتل وقبلها اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده للمدينة التي تعتبر من المقدسات الإسلامية والمسيحية.

والأسبوع الماضي وقع ترامب على وثيقة اعترف فيها بسيادة إسرائيل على الجولان التي ضمتها في العام 1981 بعد احتلالها في حرب العام 1967.

وجاءت هذه الخطوة من جانب ترامب بعد أقل من أربعة أشهر على اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وهو القرار الذي قوبل بإدانة عربية. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولة يسعون لإقامتها في المستقبل بالضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي كلمته إلى الملوك والأمراء والرؤساء ورؤساء الحكومات العرب، أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز رفض بلاده "القاطع" لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان.

واتفقت كلمته مع ما قاله مسؤولون عرب كبار قبل القمة التي تختتم في العادة ببيان توافق عليه الدول الأعضاء.

وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن في كلمته بعد تسلمه لرئاسة القمة العربية من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن القمة العربية يجب أن تؤكد أهمية إقامة دولة فلسطينية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

وأضاف أن المطلوب من القادة العرب "إبلاغ رسالة واضحة إلى كل أطراف المجتمع الدولي تفيد بأن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بل في العالم بأسره يمر حتما عبر إيجاد تسوية عادلة وشاملة" للقضية الفلسطينية.

كما أكدّ أن التسوية يجب أن تضمن حقوق الشعب الفلسطيني وتؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، مقترحا في الوقت ذاته أن تدار القمة العربية تحت شعار "قمة العزم والتضامن".

كما تحدث قائد السبسي عن التطورات الأخيرة المتعلقة بالاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.

وقال أن هذه الخطوة تستهدف تثبيت احتلال الجولان السوري وفرض سيادة إسرائيل الكاملة عليه، داعيا إلى ضرورة تضافر الجهود لإنهاء الاحتلال، تحقيقا للأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

وبالنسبة لليبيا جدد الرئيس التونسي دعم بلاده للجهود الأممية والإقليمية الساعية للمساعدة على إنهاء الأزمة  بعيدا عن صراع المصالح والتدخلات في الشؤون الليبية الداخلية.

وقال "إنّنا على ثقة في قدرة الأطراف الليبية على تجاوز الخلافات وتغليب المصلحة العليا لبلدهم في إطار من التوافق والحوار البنّاء".

وذكر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في كلمته أن أي ترتيبات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستكون غير واقعية ما لم تستند إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

ومن جانبه قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه لا مخرج من الصراع إلا بتحرير جميع الأراضي العربية، مشددا في كلمته على أنه لن يقوم السلام "إلا بحل سلمي شامل وعادل يعيد الحقوق إلى أصحابها حيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وتعود الجولان إلى سوريا وتتحرر جميع أراضي الدول العربية المحتلة".

وفي كلمته انتقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الدعم الأميركي لإسرائيل قائلا "ما تشهده فلسطين من ممارسات قمعية ونشاطات استيطانية وخنق للاقتصاد الفلسطيني ومواصلة إسرائيل لسياستها العنصرية والتصرف كدولة فوق القانون ما كان له أن يكون لولا دعم الإدارة الأميركية للاحتلال الإسرائيلي". وقال للقادة العرب "نتطلع إليكم لنصرة فلسطين.. قضية العرب الأولى".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي تحدث في القمة العربية في تونس إن أي حل للصراع السوري يجب أن يضمن وحدة أراضي سوريا "بما في ذلك هضبة الجولان المحتلة".

وقبل انعقاد القمة قال المتحدث باسمها محمود الخميري إنه من المتوقع أن يجدد الزعماء التزامهم بالمبادرة العربية التي تدعو للسلام مع إسرائيل مقابل انسحابها الكامل من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967 ورفض أي مقترح لا يتوافق مع قرارات الأمم المتحدة.

وكان الخميري يشير في ما يبدو إلى خطة سلام أميركية لم تعلن بعد يتولى إعدادها مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر ويرفض الفلسطينيون مناقشتها.

وعلى الرغم من إظهار الوحدة بشأن رفض المبادرات الأميركية التي تدعم إسرائيل، ما زالت الدول العربية منقسمة بشأن عدة قضايا منها احتجاجات تطالب بالديمقراطية تشهدها المنطقة منذ عام 2011 والنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

وفي كلمته دعا الملك سلمان إلى مواجهة ما وصفه بـ"السياسات العدوانية للنظام الإيراني". وقال إن إيران تتدخل في الشؤون العربية وهو اتهام تنفيه طهران منذ وقت طويل.

وجمعت القمة بين العاهل السعودي الملك سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمرة الأولى منذ إعلان السعودية ودول عربية حليفة لها مقاطعة الدوحة في عام 2017.

وغادر أمير قطر القمة العربية فجأة. وقالت وكالة الأنباء القطرية إنه غادر تونس بعد أن شارك في الجلسة الافتتاحية للقمة الثلاثين. وقالت قناة العربية التلفزيونية إنه غادر تونس دون إلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية.

لكن وكالة الأنباء القطرية قالت لاحقا إنه أرسل برقية للرئيس التونسي شكره فيها على حسن الضيافة، متمنيا أن تسهم نتائجها في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك من أجل خير ومصلحة الشعوب العربية.

وتغيب عن القمة رئيسا الجزائر والسودان عبدالعزيز بوتفليقة وعمر البشير اللذين تشهد بلادهما احتجاجات تطالب بعزلهما.

وبوتفليقة (82 عاما) الذي يحكم الجزائر منذ 20 عاما مصاب بجلطة منذ عام 2013 بينما يحكم البشير السودان منذ 30 عاما ومطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بزعم مسؤوليته عن جرائم حرب ارتكبت في منطقة دارفور.

ومقعد سوريا في الجامعة العربية شاغر منذ عام 2011 بسبب قمع النظام للمحتجين في مستهل الحرب الأهلية التي اندلعت فيها.

وقالت الدول العربية إنه لا إجماع إلى الآن على السماح لسوريا باستئناف أنشطتها في الجامعة.

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الأحد، إن القرار الأميركي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، لا يهدد سيادة دولة شقيقة (سوريا) فحسب، بل يهدد أيضا سيادة لبنان.

وأضاف في كلمته أمام القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين المنعقدة بتونس أن "لبنان يمتلك أراض قضمتها إسرائيل تدريجيا لاسيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر والملكية اللبنانية مثبتة بالوثائق والخرائط المعترف بها دوليا".

وتساءل الرئيس اللبناني "كيف سنطمئن بعد، نحن الدول الصغيرة، عندما تضرب المواثيق الدولية والحقوق وتطعن الشرعية الدولية".

وخاطب القادة العرب بالقول "إن كنا ونحن مجتمعون موحدين بالكاد نقدر على مجابهة هكذا مشاريع، فكيف الأمر إن كنا مبعثرين مشتتين كما هو حالنا اليوم؟.

وتطرق إلى ملف النازحين السوريين في لبنان، فأعرب عن خشيته إزاء "الإصرار على ربط عودة النازحين بالحل السياسي رغم معرفتنا بأنه قد يطول".

كما طالب المجتمع الدولي والدول المانحة في قمة بيروت الاقتصادية بالاضطلاع بدورها في "تحمل أعباء أزمة النزوح وتنفيذ ما تعهدت به من تقديم التمويل للدول المضيفة".

ويقول لبنان إنه يستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري، بينما تقول الأمم المتحدة إن عدد اللاجئين السوريين المسجلين لديها في لبنان أقل من مليون.

وفي الشأن الفلسطيني، حذر عون من سعي إسرائيل إلى حرمان الفلسطينيين نهائيا من أرضهم وهويتهم بإقرار قانون "القومية اليهودية" ونكران حق العودة.

وانطلقت اليوم الأحد القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين على مستوى الزعماء والقادة، برئاسة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بحضور نحو نصف القادة العرب وغياب 8 زعماء فضلا عن تجميد مقعد سوريا.

وفي كلمته، قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج، إن حل الأزمة في بلاده لا يأتي بتقاسم السلطة أو إقصاء أحد الأطراف كما يدعي البعض.

وأضاف في كلمته أمام القمة العربية في تونس "لن نتنازل عن مبادئنا وعن الحلول السلمية للوصول إلى دولة مدنية بما يضمن عدم عودة الحكم شمولي أو عسكرة الدولة"، مشدّدا على أن "عسكرة الدولة خط أحمر. لن نسمح له أن يحدث".

وتابع "نتطلع لعقد مؤتمر الحوار الوطني في أبريل/نيسان القادم، آملين الوصول لصيغة تفاهمية تضمن العمل على توحيد مؤسسات وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية دستورية صحيحة تتيح للشعب أن يقول كلمته"، معربا عن أمله في أن يقتنع البعض (لم يسمه) بأن الحل العسكري لن يربح منه أحد.

ومنذ 2011، تعاني ليبيا صراعا على الشرعية والسلطة يتركز حاليا بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا بالعاصمة طرابلس (غرب) وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

وألقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي كلمة أمام القمة العربية متحدثا فيها عن تطورات الأزمة في بلاده، متهما جماعة 'أنصار الله' (الحوثيين) بتقويض جهود تسوية الأزمة سياسيا.

وقال إن "الحوثيين أفشلوا كل مساعي التوصل إلى سلام دائم في اليمن وآخرها اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة ( في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي).

وجدد هادي في كلمة له خلال القمة العربية بتونس، اتهامه جماعة الحوثيين بالانقلاب بقوة السلاح على الدولة وتدمير المؤسسات، مشيرا إلى أن الجماعة ارتكبت جرائم فظيعة ضد المدنيين.

وأضاف أن "حجم الكارثة التي حلت باليمن والمنطقة نتيجة انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من قبل النظام الإرهابي الحاكم في إيران يفوق كل وصف".

وقال أيضا "المأساة طالت كل مدينة وحارة ومنزل في اليمن والحرب التي تسببت بها هذه المليشيات الإرهابية فاقمت المشاكل الاقتصادية والإنسانية والأمنية".

وأوضح أن الحكومة اليمنية لا ترفض السلام أبدا، مضيفا "دخلنا في مشاورات عديدة تحت رعاية الأمم المتحدة، لكن مليشيا الحوثي بتحريض إيراني كانت تتعمد في كل مرة إفشال هذه المشاورات وإفراغها من محتواها من خلال رفضها تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه".

وطالب الرئيس اليمني الدول العربية بتقديم الدعم والمساندة للحكومة اليمنية من أجل تطبيع الأوضاع والتغلب على التحديات وفي مقدمتها التحديات الأمنية والاقتصادية.

من جهته دعا الرئيس العراقي برهم صالح القادة العرب إلى حوار صريح في ما بينهم، فيما أكد أن بغداد لن تكون طرفا في أي محور.

وقال صالح خلال كلمته أمام القمة العربية الـ30 المنعقدة بتونس "بلداننا بحاجة إلى حوار صريح بين قياداتها"، لافتا إلى أن "العراق لن يكون طرفا مع أي محور في أي نزاع وسيكون نقطة للتلاقي".

وتابع "المبدأَ الأساس في علاقات العراق الدولية وخصوصا علاقاته مع جيرانه المسلمين وعمقه وامتداده العربي، هو مبدأُ العمل المشترك مع الجميع على أساس مصالح الشعوب والبلدان المشتركة".

وأوضح أن "ثقافةَ المعادلة الصفرية في التعاملات السياسية بين دول المنطقة أخّرت كثيرا فرص العمل المشترك بيننا".

وأكد الرئيس العراقي رفض بلاده القاطع والصريح لقرار ضم إسرائيل للجولان، مؤكدا أنها أرض سورية محتلة.

ودعا إلى ضرورة العمل العربي المشترك لإنهاء معاناة الشعب العربي الفلسطيني وتأمين حقه بإقامة دولته على ترابه الوطني وفي إطار الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

وجدد صالح موقف بلاده الداعي إلى ضرورة تسوية المشكلات في سوريا واليمن وليبيا بما يعزز أمن وسلام وحرية هذه البلدان ويساعد في القضاء على بؤر الإرهاب والتطرف.