الميلشيات تفشل في التصدي لتقدم الجيش الليبي جنوب طرابلس

قوات الجيش الليبي تقضي على أبرز عنصر في ميليشيات مصراته المدعو محمود شيرخان خلال المواجهات الدائرة في محور صلاح الدين جنوبي طرابلس.

طرابلس - ترتفع أعمدة الدخان من كل مكان فوق سهل في جنوب العاصمة الليبية طرابلس حيث تحاول قوات حكومة الوفاق الوطني صد هجمات تشنها قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وهدف قوات حكومة فائز السراج بسيط لكنه صعب: "التقدم".

ومن على سطح مستشفى مهجور على مشارف اسبيعة الواقعة على بعد أربعين كلم جنوب العاصمة، يضع مسلح يرتدي سروالا قصيرا وقميصا أسود وحافي القدمين، قاذفة صواريخ مضادة للدروع (ار بي جي) على أرض تناثرت فيها أغلفة الذخيرة.

وأشار بإصبعه قائلا "هناك موقع المطار". وهو يعني مطار طرابلس الدولي سابقا الواقع على بعد 15 كلم. وهذا المطار الذي لم يعد يستخدم منذ تضرره من معارك مجموعات مسلحة فيه في 2014، يقع في مفترق طرق استراتيجي جنوب العاصمة الليبية حيث تدور معارك عنيفة.

وواصل المسلح قائلا "وهنا اسبيعة" مشيرا إلى قرية مجاورة على بعد مئات الأمتار.

ويحاول المسلحون الموالون لحكومة السراج على أبواب طرابلس، التصدي لتقدم قوات الجيش الوطني الليبي الذي شن في الرابع من نيسان/أبريل حملة عسكرية للسيطرة على العاصمة حيث مقر حكومة الوفاق.

ومنذ 20 نيسان/أبريل تشارك مجموعات مسلحة حكومة الوفاق في القتال لمنع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر من السيطرة على طرابلس.

وتسعى تلك الميليشيات لتحصين سلطتها ضمن تحالفات جعلت طرابلس وليبيا عموما أماكن لتقاسم النفوذ بين المتطرفين.

وأمس الاثنين قال المتحدث باسم بالجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، خلال المؤتمر الصحفي الاستثنائي، إن مبالغ طائلة تقارب المليار دولار صُرفت على الإرهابيين بطرابلس.

وأضاف "طهرنا محيط طرابلس وبدأنا التقدم نحو وسط المدينة، قواتنا تتقدم في أغلب محاور طرابلس، نسير وفق خطة عسكرية محكمة في عملية تحرير طرابلس"، مشيرا إلى أن العمليات تتركز في محور اليرموك - صلاح الدين".

وأوضح المسماري، أن طائرات القوات الجوية استهدفت تمركزات المجموعات المسلحة في مناطق التكبالي والسواني والكريمية، قائلا "نقاتل ميليشيات من تحالف تنظيم القاعدة وتنظيم الإخوان الإرهابي في طرابلس وقد بدأت هذه القوات بالانهيار".

وتابع "قواتنا لديها عقيدة واحدة وهي الحفاظ على الوطن ووقف التدخلات الخارجية بشأن ليبيا، الجيش الوطني الليبي سيحمي المدنيين ومن يرفع الراية البيضاء في معركة طرابلس".

وطالب المسماري، المجتمع الدولي باحترام السيادة الليبية ووقف التدخلات القطرية والتركية، قائلا "إن شركة الخطوط الأفريقية في طرابلس نظمت رحلات جوية سرية إلى إيران". كما دعا المسماري، جميع الشباب الذي وصفهم بـ"المغرر بهم" إلى الاستسلام وترك "الإرهابيين".

ومع استمرار المعارك في الضاحية الجنوبية من العاصمة وخصوصا في عين زارة، تدور المعارك الأكبر خارج المدينة على بعد بضعة كيلومترات جنوبا.

ويسمع في سهل أشجار الزيتون والنخيل حول اسبيعة دوي إطلاق صواريخ غراد وأسلحة آلية ورشاشات ثقيلة ومضادات جوية.

ويرتفع غبار الانفجارات مختلطا بأعمدة دخان سوداء. وحتى إذا لم تصب القذائف أهدافها فإنها تشعل حرائق عند سقوطها على العشب الجاف.

ويسمع هدير طائرة. وعلى سطح المشفى تتوقف الحركة وتشرئب الرؤوس تراقب السماء الصافية. ويشير أحد المسلحين بإصبعه إلى جسم رمادي قائلا "هناك".

وقال مسلح آخر "يضربوننا ليلا ونهارا. في النهار بطائرات ليبية وليلا بطائرات أجنبية أكثر تطورا ودقة".

وعلق عبدالحميد أحد مسؤولي "الكتيبة 166" التي قدمت من مصراته شرق طرابلس، قائلا "لكن الطائرات لا يمكنها وقف المعارك على الأرض، والمعارك على الأرض هي التي يمكن أن تحسم حربا".

وقال أحمد الذي يرتدي قميصا ممهورا بعلامة لويس فويتون الفرنسية للمنتجات الفاخرة "نحن من مصراته لكن لدينا دعما أيضا من الثوار الحقيقيين من كافة المدن مثل الزنتان والزاوية والقلعة ونالوت وتاجوراء".

وبعض المسلحين ينحدرون من مناطق صحراوية بجنوب ليبيا وتميزهم بشرتهم الداكنة.

وتجلب عربات مدرعة وسيارات "بيك اب" وحتى سيارات مدنية بسيطة، مسلحين وعتادا للجبهة. وتبرز فوهات رشاشات ثقيلة من نوافذ شاحنات خفيفة آسيوية معفرة.

وفي مواجهة خطوط قوات الجيش الوطني الليبي، تقوم عربات "بيك اب" تعلوها مضادات جوية، برحلات ذهاب وإياب. وتسير هذه العربات مصوبة مدافعها إلى الخلف مثيرة شررا.

وفجأة تتراجع العربات بسرعة فائقة مع ظهور دبابة على بعد مئات الأمتار.

ويتقهقر المسلحون المنتعلين أحذية رياضية أو شبشبا، ركضا بحثا عن مخبأ نادر على طول طريق مستقيم. ثم انهمرت القذائف.

وبعد القصف وانتهاء حالة الفوضى، يبدو الوجوم على الوجوه. وحبس بعض المسلحين بالكاد دموعهم بعد مقتل أحدهم.

وأصيب آخر على الأقل بشظايا القذائف خلال النهار.

في المقابل أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة لقوات الجيش الليبي مساء أمس الاثنين، أن الأخيرة تمكنت "من قتل أبرز القيادات المسلحة المدعو محمود شيرخان الذي ينحدر من مصراته خلال المواجهات الدائرة في محور صلاح الدين جنوبي طرابلس".

ونشرت شعبة الإعلام الحربي تفاصيل النشاطات التي كان يقوم بها "شيرخان" وقالت إنه "كان يتاجر في الأراضي بطريقة غير شرعية ويقوم بعمليات تهريب وحصل على اعتمادات وأموال مقابل الحماية لبعض السياسيين، كما اتهم سابقا من قبل حكومة الوفاق بالعمل لصالح جماعة ليبية مقاتلة، بالإضافة إلي مشاركته في مجزرة غرغور".

يذكر أن "مجزرة غرغور" راح ضحيتها عشرات المدنيين الليبيين خلال تنفيذهم لوقفة احتجاجية سلمية نهاية العام 2013 في طرابلس طالبت برحيل الميليشيات من العاصمة، إلا أن المتظاهرين قوبلوا بإطلاق نار من مليشيات مصراته في منطقة غرغور بأسلحة متوسطة وثقيلة.