النسوية الإسلامية الفلسطينية.. عن حماس وتمكين المرأة

عندما يتعلق الأمر بالنساء والفكر الإسلامي هناك حكم سلبي مسبق لا أساس له من الصحة أكاديميا بشأن تمكين المرأة من خلال إطار إسلامي فما يتعلق بنساء حماس فهن يجمعن على أن الحركة تضطهدهن.

بقلم: إبراهيم غرايبة

هل تستطيع منظمات مثل حماس أن تمكن المرأة من دون نقد تفسيرات إسلامية أبوية؟ تحاول سارة عبابنة؛ الباحثة في الجامعة الأردنية- مركز الدراسات الاستراتيجية إجابة هذا السؤال في دراستها التي نشرت لها ترجمة ملخصة إلى العربية في موقع حبر، وهي محصلة دراسة ميدانية أعدتها الباحثة في العام 2007، وكانت حماس في ذلك الوقت قد شكلت الحكومة الفلسطينية، وأسندت وزارة شؤون المرأة إلى مريم صالح ثم أمل صيام، إحدى قيادات حماس، وتقول صيام للباحثة عبابنة إنها عندما تولت الوزارة واجهت معارضة كبيرة من الموظفين، "لم يتعاونوا معي. في الأشهر الثلاثة لم أستطع توظيف مديرة مكتب أو حتى مرافقة، كان هناك مخطط لعدم العمل معي".

تحولت العلاقة بين الحركة النسائية الفلسطينية وناشطات حماس من تجاهل متبادل إلى صدام مفتوح، وفي الوقت نفسه فإن الحركة النسائية الفلسطينية كانت تنحصر في طبقات اجتماعية وليس للناشطات دراية بحياة النساء في مخيمات اللاجئين، لكن البنية التنظيمية للحركة النسائية بدأت بالتغير منذ العام 1987، فالعمل النسائي تحول من التطوع إلى الاعتماد على التمويل الأجنبي وأعمال مدفوعة الأجر.

تقول عبابنة: عندما يتعلق الأمر بالنساء والفكر الإسلامي هناك حكم سلبي مسبق لا أساس له من الصحة أكاديميا بشأن تمكين المرأة من خلال إطار إسلامي، ورغم الاختلافات الكثيرة بين الناشطات النسائيات فإنهن كن يجمعن في النقاش مع الباحثة على أن حماس تضطهد النساء، وهنا تلاحظ الباحثة أنه في مقابل الطابع المدني والبرجوازي للحركة النسائية الفلسطينية التقليدية، فإن الكثير من نساء حماس هن من اللاجئات وسكان القرى، لكنهن على مستوى تعليمي متقدم لا يقل عن المستوى التعليمي لقيادات الحركة النسائية، وبعضهن حصلن على أعلى الشهادات الجامعية، ولكونهن درسن في جامعات عربية أو فلسطينية جعل فرص توظيفهن معدومة في قطاع المنظمات غير الحكومية.

استمرت حكومة حماس سنة وثلاثة أشهر، وفي ذلك فإن الوزيرتين صالح وصيام، تقولان للباحثة إنهما حاولتا نقل العمل النسائي من النخبوية إلى عمل تستفيد منه جميع النساء، فقد كانت معظم النساء يشعرن أن وزارة شؤون المرأة لا تمثلهن.

وتعرض الدراسة أيضا للعمل النسائي الإسلامي بين الطلاب، والتي يديرها مجلس من الطلاب والطالبات وعلى قدر من التساوي بين الذكور والإناث، وقد فازت الكتلة الإسلامية بانتخابات مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت في السنة الدراسية 2005-2006 بسبعة مقاعد، كان منها مقعدان للطالبات، وكانت كتلة اليسار الطلابية هي المنظمة الوحيدة إلى جانب الإسلاميين التي كان لها تمثيل نسائي، في حين كان التمثيل يقتصر في جميع المنظمات الأخرى على الذكور. وتقول الناشطات الإسلاميات للباحثة إنهن استأجرن مبنى ليكون سكنا للطالبات؛ ما شجع الأهالي على السماح لبناتهم بالدراسة الجامعية.

بالطبع يجب الأخذ بالاعتبار الطابع المحافظ للمجتمع وأن السلوك الإسلامي المحافظ ليس مناقضا للمجتمع، لكن يمكن القول إن العمل النسائي الإسلامي لديه قدرة على الفاعلية والعمل النسائي وليس معاديا للمرأة، وأنه يمكن تمكين المرأة في ظل الطابع المحافظ للمجتمع والحركة الإسلامية، فالاتجاه المحافظ (اجتماعيا وإسلاميا) وإن كان يتحفظ على كثير من الحريات والحقوق النسائية، لكنه يؤمن أيضا بتمكين المرأة وعملها وقدرتها على التأثير والمشاركة.

لست مؤيدا للاتجاه المحافظ ولا "الإسلامي" في العمل السياسي والاجتماعي، لكن يجب القول إن الاتجاهات الأخرى لا تملك مشروعا سياسيا و/أو اجتماعيا، وإن كان لديها مشروع فإنها لا تعمل لأجله، وليس لدينا في هذا المجال سوى مشاريع ومنظمات بتمويل أجنبي يذهب معظم جهودها ومواردها لصالح المجموعات المهيمنة على هذه الأعمال، ولا ألوم هنا تحديدا التمويل الأجنبي، لكن النخبة النسائية (والرجالية أيضا) العاملة في هذا القطاع ألحقت ضررا بالغا بالعمل الاجتماعي ولم تساعد المجتمعات على تنظيم نفسها، ولا أنجزت شيئا يذكر في تمكين ومشاركة المجتمعات والنساء والفقراء. ليس لدينا (وأرجو أن أكون مخطئا) سوى المؤتمرات والندوات والبرامج المعزولة والأنيقة في فنادق النجوم الخمس!