النقد الدولي يضغط على تونس لرفع سعر الفائدة مجددا

صندوق النقد الدولي يدعو تونس إلى تشديد السياسة النقدية لمواجهة مستويات التضخم القياسية التي بلغت 7.8 بالمئة، فيما يحذّر اتحاد الشغل ومنظمة أرباب العمل من أن ذلك يعمق الأزمة الاقتصادية ويفاقم تدهور القوة الشرائية و يؤثر سلبا على تنافسية الشركات ويعيق الاستثمار الضروري لتوفير الوظائف.

النقد الدولي يرى أن المزيد من التشديد النقدي يكبح التضخم
معدل التضخم في تونس بلغ 7.8 بالمئة
تونس تواجه منذ 2011  أزمة اقتصادية ومالية متفاقمة
تعثر الاقتصاد التونسي يفاقم أزمة الحكومة
الأزمة السياسية ترخي بظلال ثقيلة على الاقتصاد المتعثر

تونس - دعا صندوق النقد الدولي اليوم الثلاثاء، تونس إلى المزيد من التشديد في السياسة النقدية لمواجهة مستويات التضخم القياسية في البلاد.

واستقر معدل التضخم في تونس عند 7.5 بالمئة في أغسطس/آب دون تغيير عن مستواه في يوليو/تموز بعدما بلغ 7.8 بالمئة في يونيو/حزيران.

ويتوقع البنك المركزي التونسي أن يصل معدل التضخم إلى 7.8 بالمئة هذا العام وأن ينخفض إلى سبعة بالمئة في العام المقبل.

وفي يونيو/حزيران، رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي 100 نقطة أساس إلى 6.75 بالمئة وهي ثاني مرة يرفع فيها البنك الفائدة في ثلاثة أشهر، لكبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ عام 1990.

ووافق صندوق النقد يوم الجمعة الماضي على صرف شريحة قيمتها 247 مليون دولار من قرض لتونس وهي خامس شريحة في إطار برنامج مرتبط بإصلاحات اقتصادية تهدف إلى السيطرة على العجز في تونس.

 ومن شأن الموافقة أن تفسح المجال أمام تونس لبيع سندات بقيمة مليار دولار هذا الشهر.

وقال صندوق النقد الدولي في بيان "المزيد من التشديد النقدي كفيل بخفض التضخم. أظهر البنك المركزي التونسي التزامه باستقرار الأسعار من خلال رفع أسعار الفائدة، لكن أسعار الفائدة الرئيسية تظل سلبية بالقيمة الحقيقية".

وأضاف "يجب أن يرتفع سعر الفائدة أكثر لتجنب حدوث المزيد من التآكل للقوة الشرائية للعملة المحلية وكبح توقعات التضخم".

ولا يحظى ارتفاع الفائدة بقبول في تونس، حيث قال الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل)، إنه يؤثر سلبا على تنافسية الشركات ويعيق الاستثمار الضروري لتوفير الوظائف.

وقال الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية تتمتع بتأثير سياسي واجتماعي واسع)، إن رفع الفائدة يعمق الأزمة الاقتصادية في تونس ويزيد القوة الشرائية تدهورا.

وحظيت تونس بالإشادة باعتبارها صاحبة التجربة الديمقراطية الوحيدة الناجحة بين البلدان التي شهدت ما بات يسمى بانتفاضات "الربيع العربي" في عام 2011، غير أن الحكومات المتعاقبة فشلت في خفض عجز الموازنة وتحفيز النمو الاقتصادي.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية حادة بفعل تراكمات سنوات ما بعد ثورة 2011 التي رافقتها احتجاجات واعتصامات وغلق للطرقات وقطع لسكك الحديد ومطالب اجتماعية، أدت إلى تراجع حاد في إنتاج معظم القطاعات الحيوية ومنها الفوسفات.

كما تضرر قطاع السياحة بشدّة في السنوات التي أعقبت انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011 بسبب اعتداءات إرهابية.

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في لقاء سابق مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في لقاء سابق مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد

وفشلت الحكومات المتعاقبة في حل معضلات اجتماعية وتنموية واضطرت مكرهة تحت ضغوط الاحتجاجات والاعتصامات إلى زيادات في رواتب القطاع العام، ما زاد في كتلة الأجور والتي مثلت عبئا إضافية على موازنة الدولة مع غياب أو نقص حاد في الانتاج.

وتواجه حكومة يوسف الشاهد الحالية ضغوطا شديدة خارجية وداخلية مع تعثر الاقتصاد ومع انقسامات سياسية حادة أثرت سلبا على أدائها في الوقت الذي اتخذت فيه إجراءات قاسية من ضمنها تعديلات مستمرة في أسعار الوقود حسب آلية المراجعة من فترة إلى أخرى تماشيا مع ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمية.

وتتهم أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، حكومة الشاهد بالخضوع لاملاءات صندوق النقد الدولي، معتبرين أن تلك الاملاءات عمّقت جراح الاقتصاد التونسي وفاقمت الوضع الاجتماعي المتردي أصلا إضافة إلى إنهاك قدرة المواطن الشرائية.  

وتشهد تونس موجة غلاء أثقلت كاهل التونسيين في الوقت الذي لا تملك فيه الحكومة حلولا جذرية للأزمة.

وتشير بيانات رسمية إلى أن تونس حققت في النصف الأول من العام نسبة نمو بلغت نحو 2.8 بالمئة، إلا أن خبراء ومعارضين شككوا في صحة تلك الأرقام، مشيرين إلى أن ما هو معلن رسميا يتناقض مع واقع الحال من ارتفاع في معدلات التضخم والبطالة والفقر اضافة إلى تدهور قيمة الدينار التونسي.