النهضة تعلن على مضض منح الثقة لحكومة المشيشي

الحزب الحاصل على الأغلبية في البرلمان يرضخ للتصويت على حكومة غير متحزبة خلافا لرغباته، لكنه يخطط مستقبلا للضغط من أجل إجراء تعديلات وزارية على مقاسه.
النهضة تختار التصويت على حكومة المشيشي بدل انتخابات برلمانية جديدة في ظل تآكل شعبيتها
المشيشي يحدد خمس أولويات لإنقاذ اقتصاد تونس

تونس – بعد خلاف ساد داخل حركة النهضة التونسية حول المصادقة على الحكومة الجديدة، أعلن الحزب الحاصل على الأغلبية البرلمانية على مضض التصويت لفائدة حكومة المكلف هشام المشيشي في جلسة منح الثقة بالبرلمان التي ستقع في وقت لاحق الثلاثاء.

وتأتي تشكيلة المشيشي غير المتحزبة والمتكونة من كفاءات، خلافا لرغبة النهضة التي فشلت في الدفع لحكومة حزبية على مقاسها لاستمرار مشروعها السياسي.

ويبدو أن حركة النهضة قررت تحت الضغوط وعلى كره، منح الثقة لحكومة المشيشي، خصوصا وأن فشل الأخير في تشكيل الحكومة التونسية يضع البلاد أمام خيار واحد، وهو إعادة الانتخابات البرلمانية، ما قد يتسبب للحزب الإسلامي نكسة أكبر من التي حصلت في الانتخابات الأخيرة رغم حصوله على أغلبية برلمانية متواضعة مقارنة بالسنوات الماضية بسبب تآكل شعبيته وتحميله ما آلت إليه البلاد بعد تدهور الأوضاع.

وفي الساعة الأولى من صباح الثلاثاء قال رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني في مؤتمر صحفي، عقب اجتماع لمجلس الشورى عن بعد، "رغم التحفظات على طريقة مشاورات تشكيل الحكومة وهيكلتها، قد قرر مجلس شورى حركة النهضة منح الثقة لحكومة المشيشي تقديرا للمصلحة الوطنية".

وأعلن الهاروني أن الحكومة ستحظى بالأغلبية في البرلمان في جلسة منح الثقة، مضيفا "أن النهضة ستعمل على إصلاح هذه الحكومة" التي تتشكل من كفاءات مستقلة غير حزبية.

وأوضح الهاروني أن "حركة النهضة لا يزال خيارها سياسيا في حكومة وحدة وطنية سياسيا وهي الوحيدة القادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد".

وتابع أن "النهضة غير راضية عن مشاورات تشكيل حكومة بدون أحزاب بما لا يحترم قواعد الديمقراطية ولا إرادة الناخبين"، في إشارة إلى خيار المشيشي تكوين حكومة كفاءات مستقلة.

وبدا من تصريحات الهاروني أن الحركة تسعى في مناورة سياسية لكسب الوقت للضغط لاحقا لفرض تعديلات على حكومة المشيشي بما يستجيب لرغباتها وأهدافها السياسية التي لم تتمكن من تحقيقها الآن.

ويبقى حصول حكومة المشيشي على ثقة مجلس نواب الشعب رهين بموقف النهضة.

يُذكر أن المشيشي قدّم قبل أسبوع (25 آب/ أغسطس)، تشكيلة حكومته للرئيس قيس سعيّد، وهي تتكوّن من 25 وزيرًا و3 كتاب دولة.

المشيشي أمام مهمة معقدة لإخراج تونس من الأزمة الاقتصادية
المشيشي أمام مهمة معقدة لإخراج تونس من الأزمة الاقتصادية

وجاء تكليف المشيشي بتشكيل الحُكومة خلفا لإلياس الفخفاخ الذي قدم استقالته في 15 يوليو/تموز الماضي.

وتحتاج حكومة المشيشي للأغلبية المطلقة (109 أصوات) لنيل الثقة اليوم الثلاثاء، ويمنح الدستور رئيس الجمهورية قيس سعيد الحق بحل البرلمان في حال سقطت الحكومة عبر التصويت.

وعلى الرغم من أن سعيد هو الذي اقترح المشيشي رئيساً للوزراء، إلا أن سياسيين قالوا إنه تخلى عن دعمه بسبب خلافات بين الرجلين مما يشير إلى توترات منتظرة بين الرئاسة والحكومة.

وقال مسؤولون من أحزاب سياسية إن سعيد طلب منها عدم منح الثقة للمشيشي الذي اقترحه مقابل عدم حل البرلمان. ولم تعلق الرئاسة على ذلك.

وبدأ البرلمان التونسي المنقسم الثلاثاء جلسة لمنح الثقة للحكومة الجديدة، وسط توتر كبير وتجاذبات حول النفوذ على السلطة بين الرئيس وأحزاب رئيسية. ومن المتوقع أن يصوت البرلمان في وقت متأخر اليوم على الحكومة.

وفي كلمة أمام البرلمان قال المشيشي "تشكيل الحكومة يأتي في ظل عدم استقرار سياسي بينما قدرة الشعب على الصبر بلغت حدودها".

وحدد رئيس الوزراء المكلف أولويات عمل حكومته قائلا إنها ستكون معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي ووقف نزيف المالية العمومية وبدء محادثات مع المانحين والبدء في برامج إصلاح من بينها إصلاح الشركات العامة وبرنامج الدعم.