النهضة تلوح بانتخابات مبكرة هي أول الخاسرين فيها

آخر استطلاعات للرأي تشير إلى تراجعت شعبية حركة النهضة في نوايا التصويت مقابل صعود الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي.

تونس - قال رئيس مجلس شورى حزب النهضة في تونس عبدالكريم الهاروني، إن الحركة الإسلامية تستعد للانتخابات التشريعية المبكرة إذا فشل مقترحها في تشكيل الحكومة الجيدة، في وقت عقد فيه رئيسها راشد الغنوشي لقاء جمع فيه بين رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي.
وأوضح الهاروني في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية أن النهضة تستعد لانتخابات تشريعية مبكرة في ظل إصرار رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ على رفض حكومة وحدة وطنية تطالب بها الحركة.
وتابع الهاروني "نحن لا نرغب في الذهاب إلى الانتخابات لكن لا نخشاها".
وأضاف "إذا فشلنا في تشكيل حكومة بالتوافق ذات حزام برلماني وسياسي واسع يصبح الحل هو إجراء الانتخابات المبكرة".
وتأتي تصريحات الهاروني تزامنا مع اجتماع عقده رئيس النهضة راشد الغنوشي مع الفخفاخ، كان لافتا مشاركة رئيس حزب "قلب تونس" قطب الإعلام نبيل القروي فيه.

وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي، كلّف الرئيس التونسي قيس سعيد، الفخفاخ (48 سنة) بتشكيل حكومة جديدة، خلال شهر بعد أن فشلت النهضة في تمرير حكومة الحبيب الجملي أمام البرلمان.
وفي 24 يناير الماضي، أعلن الفخفاخ أن حزبي قلب تونس والدستوري الحر سيكونان خارج الائتلاف الحكومي، مؤكدا أن لا ديمقراطية دون معارضة حقيقية.

لكن الغنوشي أصرّ على ضرورة ضم حزب "قلب تونس" إلى المشاورات ووضع ذلك شرطا مسبقا للمضي قدما في تشكيل الحكومة.

وقال الغنوشي وهو أيضا رئيس البرلمان، في وقت سابق إن "حكومة الفخفاخ لن تمر ولن تنال ثقة البرلمان في حال تم إقصاء قلب تونس من تشكيلتها''.

ويأتي اللقاء الثلاثي الذي عقد الخميس ووصفته النهضة (54 نائبا) بالـ"الإيجابي واليبناء" تأكيدا على أن الحزب الإسلامي يسعى لمنع سحب قيس سعيّد البساط من تحتها، لضمان بقائها على رأس السلطة التنفيذية، وهو ما دفعها للبحث عن تحالفات مع أحزاب ذات ثقل تضمن دعمها في البرلمان مثل قلب تونس الذي يمتلك 38 مقعدا.

يذكر أن الغنوشي وأغلب قيادي النهضة أكدوا مرارا خلال حملة الحزب الانتخابية تعهدهم بعدم التحالف مع "قلب تونس" بسبب "شبهات الفساد التي تحوم حول القروي".

لكن موقف الحركة الإسلامية من نبيل القروي وحزبه انقلب اليوم ليصبح شعارها "لا حكومة دون قلب تونس"، وهي مناورة سياسية جديدة يقول مراقبون للشأن التونسي إن النهضة تسعى من خلاها إلى الضغط على الفخفاخ خشية من تفرده بالقرار وحشرها في الزاوية، وهي خطوة من شأنها أن تشكل تناميا لنفوذ سعيّد.

والثلاثاء، حمّل حزب قلب تونس الفخفاخ كامل المسؤوليّة عن "تعثّر" مسار تشكيل الحكومة، التي سيكون من الصعب عمليا تحصيلها الأغلبية المطلوبة في البرلمان من دون دعم حزبي النهضة وقلب تونس باعتبار أنه من السهل عليهما تشكيل أغلبية ضد الفخفاخ بالاتفاق مع كتل صغيرة أخرى.

وبات رئيس الحكومة المكلف في سباق مع الزمن لأنه يتعين عليه بحسب الدستور عرض حكومة مقترحة ونيل ثقة البرلمان في غضون شهر منذ تاريخ تكليفه. وللضغط عليه أكثر بدأت النهضة هذا الأسبوع للترويج على أنها على استعداد للانتخابات المبكرة لضمان تأييد بعض الكتل المشتتة في البرلمان، وخاصة تلك التي أصبحت تخشى كثيرا خسارة مقاعدها بعد الفوضى التي تسببت بها في الجلسات الأخيرة بالإضافة لعدم الكفاءة التي ظهرت عليها أمام الرأي العام التونسي.
ورغم أن الهاروني حرص على إظهار النهضة على أنها لا تخشى انتخابات مبكرة، إلا أن الواقع في تونس يؤكد عكس ذلك، فحسب آخر استطلاعات للرأي تراجعت شعبية الحزب الإسلامي في نوايا التصويت ليصبح أول من قد تطيح الانتخابات به.

وكشفت مؤسسة "سيغما كونساي" قبل أيام سبرا للآراء قامت به احتل فيه الدستوري الحر المرتبة الأولى في نوايا التصويت للاستحقاق التشريعي بـ16.6 بالمائة تليه النهضة بـ15.9 بالمائة ثم حزب قلب تونس بـ15.6 بالمائة يليه التيار الديمقراطي بـ11.3 بالمائة.

عبير
وضوح عبير موسي وحزبها من النهضة جعلها تتصدر نوايا التصويت

والحزب الدستوري الحر الذي استثناه الفخفاخ أيضا من المشاورات، أعلنت رئيسته عبير موسي منذ فوزه بـ17 مقعدا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في أكتوبر الماضي، أنها لن تشارك في أي حكومة تكون النهضة طرفا فيها.

ورغم ذلك أعلنت النهضة منذ أيام عدم ممانعتها مشاركة الحزب الدستوري الحر الذي يعتبر ألد خصومها السياسيين، في حكومة الفخفاخ، وهي المرة الأولى التي تقبل فيها الحركة الإسلامية مشاركة الحزب الليبرالي الذي تتهمه بأنه من "أزلام" النظام السابق، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها مراوغة لترويض لموسي وكسب صف حزبها.

وقالت النهضة على لسان القيادي سيد الفرجاني في وقت سابق إن "نجاح حكومة الفخفاخ يتطلب توفير كل العوامل المساعدة على ذلك، ومن غير المعقول إزاحة الأحزاب الكبرى مثل قلب تونس، عن المشاركة في حكومته"، مشيرًا إلى أن "الحزب الدستوري الحر يمكن أن يكون شريكا في الحكم، إذا لم يقصِ نفسه من المشاورات".

ويذكر ما تقوم به النهضة حاليا من مراوغات التونسيين بسياسة التوافق التي انتهجها الغنوشي في 2014  وتحالفه مع حزب نداء تونس بعد أن تعهدت الحركة لأنصارها بعدم التحالف معه وهو ما تلتزم به أبدا.

وأصبح الشارع التونسي يعرف جيدا اليوم هذه السياسة التي دأبت النهضة على انتهاجها، وهو ما سمح لها بالاستمرار في سياسة الحكم من وراء الستار والتهرب من مسؤولية فشل كل الحكومات المتعاقبة التي شاركت فيها منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي، حيث أكدت عدم قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي ينتظرها التونسيون منذ سنوات.