النهضة تُمني النفس بحوار وطني وإلغاء الإجراءات الاستثنائية

الحركة الإسلامية التي تهيمن بغالبية ضعيفة على البرلمان المجمد تدعو الرئيس التونسي للحوار حول القضايا الخلافية وفي مقدمتها الإصلاحات المرتبطة بالنظام السياسي والقانون الانتخابي تمهيدا لانتخابات جديدة.
حركة النهضة تجدد وصف قرارات سعيد بـ'انقلاب' على الشرعية
إسلاميو تونس يتهمون الرئيس سعيد باحتكار السلطات
مجموعة السبع تدعو الرئيس التونسي للتعجيل بتعيين رئيس للحكومة

تونس - جددت حركة النهضة الإسلامية اليوم الاثنين دعوتها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى إلغاء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/تموز الماضي ومددها في أغسطس/اب الماضي إلى أجل غير مسمى وتشمل تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن كامل نوابه.  

ودعا الحزب الذي يهيمن على البرلمان المجمد بغالبية ضعيفة عززها من خلال تحالفات مع أحزاب أخرى بينها حزب ائتلاف الكرامة الذي يشترك معه في الايديولوجية والمرجعية (الإسلامية) ذاتها إلى حوار وطني، مجددا وصفه للتدابير الاستثنائية التي اتخذها سعيد استنادا للفصل 80 من دستور 2014، بأنها انقلاب على الشرعية، مناديا كذلك بعودة السير العادي للمؤسسات وتكوين حكومة شرعية.

وشددت الحركة الإسلامية التي يقودها رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي على ضرورة إطلاق حوار وطني بشأن القضايا الخلافية وفي مقدمتها الإصلاحات المرتبطة بالنظام السياسي والقانون الانتخابي تمهيدا لانتخابات جديدة.

ولم يعين الرئيس قيس سعيد رئيس حكومة جديد كما لم يعلن عن أي برنامج واضح لإدارة المرحلة، وسط ترقب لخطوته التالية بعد تفعيله مادة في الدستور لفرض التدابير الاستثنائية، من بينها إقالة رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي وتوليه السلطة التنفيذية بشكل كامل، لتوفر سبب وجود خطر داهم يهدد كيان الدولة.

وتتهم حركة النهضة وأحزاب أخرى الرئيس سعيد باحتكار السلطات، بينما انتقدت منظمات حقوقية إخضاع أشخاص من بينهم رجال أعمال وقضاة ونواب ومسؤولين إلى الإقامة الجبرية وفرض قيود على السفر، ضمن إجراءات استباقية تهدف لمكافحة الفساد وتفكيك أحزمته داخل مؤسسات الدولة.

ولكن سعيد الذي حقق فوزا ساحقا في انتخابات الرئاسة عام 2019 بحجم أصوات فاق عدد الأصوات التي صوتت للأحزاب مجتمعة في الانتخابات التشريعية، نفى مرارا أن تكون الإجراءات الاستثنائية انقلابا، قائلا إنه استخدم الدستور لحماية الدولة وأنه لن يكون هناك عودة إلى الوراء، لافتا في نفس الوقت إلى رغبته بمراجعة "الشرعية القائمة".

وفي 23 أغسطس/اب الماضي مدد سعيد التدابير الاستثنائية إلى أجل غير مسمى وقال إنه سيتوجه ببيان إلى الشعب دون أن يحدد موعدا لذلك كما أوضح أن الاجراءات التي اتخذها هي لحماية الدولة من الانهيار.

وجاء في بيان صادر عن المكتب التنفيذي للحركة يحمل توقيع رئيسها راشد الغنوشي، أن "البلاد تتوغّل في حالة الغموض والضبابيّة منذ الإجراءات الاستثنائية اللادستورية التي اتّخذها رئيس الجمهورية في 25 جويلية الماضي والتي مدّدها في 23 أوت الماضي إلى أجل غير مسمّى".

وقال إن مكتب الحركة التنفيذي "وقف عند ما تسببه الإجراءات الاستثنائية من تعطيل لأعمال السلطة التشريعية ودورها الرقابي وبقاء البلاد طوال هذا الوقت بلا حكومة - بعد الإغلاق القسري لمقريهما في باردو والقصبة وبلا ولاة (محافظين) في كثير من الجهات".

واستنكرت النهضة "ما يتعرّض له العديد من التونسيين من اعتداء على حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم، بناء على تعليمات خارجة عن القانون ومخالفة للدستور ومن ذلك إحالة مدنيين على محاكم عسكرية"، وفق نص البيان.

وانتقدت كذلك "فرض الإقامة الجبرية على آخرين ومنع كثير من النواب ورجال الأعمال ومسؤولين بالدولة وغيرهم من المواطنين من مغادرة البلاد بناء على صفاتهم وليس وفقا لقرارات قضائية والاعتداء على إعلاميين أثناء أدائهم لمهامهم وترويع متكرّر لعائلات نوّاب مطلوبين للعدالة".

وتمني حركة النهضة النفس بتراجع قيس سعيد عن إجراءاته واستدعت لذلك حملة ضغط داخلية وخارجية، لكن الرئيس التونسي أعلن وبشكل قاطع أنه لا عودة للوراء وهو أمر أيده الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر مركزية نقابية في البلاد تتمتع بنفوذ اجتماعي وسياسي قوي.

وكان اتحاد الشغل قد طالب قبل أيام قليلة الرئيس التونسي بالتعجيل في تعيين حكومة مقترحا في الوقت ذاته استفتاء على تغيير النظام السياسي.

وبعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، اعتمدت تونس نظاما هجينا يجمع بين البرلماني والسياسي وهو نظام فجر أزمات سياسية حادة ومعارك حول الصلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لتشمل الأزمة لاحقا البرلمان ما وضع الرئاسيات الثلاث في مأزق ودفع البلاد إلى حالة من الجمود.

كما استشرى الفساد في مؤسسات الدولة التونسية وشمل تقريبا كل القطاعات منذ قيادة الإسلاميين لحكومات متعاقبة أو كانوا شريكا رئيسيا فيها.

وأطلق الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز الماضي حملة واسعة لمكافحة الفساد ومحاربة الغلاء تم على إثرها إيقاف العديد من المسؤولين لإحالتهم على القضاء فيما يخضع عدد منهم للإقامة الجبرية أو المنع من السفر.  

وحث سفراء الدول الصناعية السبع المعتمدين في تونس اليوم الاثنين الرئيس قيس سعيد على العودة السريعة إلى نظام دستوري وبرلمان منتخب وتعيين رئيس حكومة وإطلاق حوار حول الإصلاحات، للخروج من الوضع الاستثنائي المستمر في البلاد منذ 25 يوليو/تموز الماضي.

وجاء في بيان للسفراء نشرته السفارة البريطانية في تونس عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، دعوتها إلى "سرعة العودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان بدور بارز".

وأضاف البيان "نؤكد على الحاجة الماسة لتعيين رئيس حكومة جديد حتى يتسنى تشكيل حكومة مقتدرة تستطيع معالجة الأزمات الراهنة التي تواجه تونس على الصعيد الاقتصادي والصحي".