النواة الصلبة للنظام الجزائري تتحصن بالانتخابات الرئاسية

قائد الجيش الجزائري يؤكد أن الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها قبل نهاية العام، مهاجما من وصفهم بـ"العصابة" في إشارة إلى رموز من النظام السابق، فيما يعتبر هو ذاته من النواة الصلبة لنظام بوتفليقة.

السلطة تراهن على ملل المحتجين وتراجع زخم الحراك الشعبي
قائد الجيش الجزائري كان من المقربين جدا من بوتفليقة
الدفع لانتخابات رئاسية أقرب للبحث عن حصانة أو تموقع سياسي جديد
مشروع تعديل قانون الانتخابات يوسع صلاحيات وزارة الداخلية

الجزائر - أعلن قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح اليوم الأربعاء أن الانتخابات الرئاسية ستجري في الموعد المقرر لها قبل نهاية العام الحالي.

ولا يفوت قايد صالح أي مناسبة إلا ويجدد تأكيده على إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام في مؤشر يعكس حالة من التوجس الدائم لدى قيادة الجيش من تداعيات طول فترة حكم السلطة المؤقتة التي يقودها رئيس البرلمان السابق عبدالقادر بن صالح.

وينفتح المشهد في الجزائر على المزيد من التعقيد مع تمسك الشارع برحيل كل رموز النظام السابق بما في ذلك بن صالح وقايد صالح، فيما تصرّ السلطة المؤقتة المكلفة بإدارة شؤون البلاد حتى إجراء الانتخابات الرئاسية، على تطبيق الحل الدستوري للخروج من الأزمة.

وعلى ضوء أحدث تطورات الوضع في الجزائر، تبدو الأزمة أبعد عن حلّ قريب ينهي التجاذبات بين السلطة الحاكمة والحراك الشعبي وسط مخاوف المعارضة من فتور الحركة الاحتجاجية.

ويعتقد المتابعون للشأن الجزائري أن السلطة تراهن بالفعل على حالة الملل في الشارع وتراجع زخم الاحتجاجات بما يدفع كرها إلى إجراء الانتخابات الرئاسية.

قائد الجيش الجزائري كان من كبار الداعمين لبوتفليقة
قائد الجيش الجزائري كان من كبار الداعمين لبوتفليقة

وإجراء الانتخابات الرئاسية وفق ما يطالب به قائد الجيش الجزائري والسلطة المؤقتة يخدم بالدرجة الأولى رموز النخبة الحاكمة حاليا كونها توفر لهؤلاء حصانة من أي ملاحقات في المستقبل بمن فيهم قايد صالح الذي كان مقربا جدا من الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة والذي ينظر له على أنه من النواة الصلبة للنظام السابق.

وقال قائد الجيش الجزائري اليوم الأربعاء، إن انتخابات الرئاسة ستجري في آجالها المحددة أي قبل نهاية السنة وستكون البوابة لإرساء ديمقراطية حقيقية في البلاد.

وأضاف في كلمة له أمام قيادات عسكرية خلال اليوم الثاني من زيارته إلى المنطقة العسكرية الخامسة (قسنطينة/شمال شرق) "كنا قبل الآن نتكلم عن ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، أما اليوم فإننا على يقين تام بأن هذه الانتخابات ستتم في الآجال المحددة لها"، في إشارة إلى اقتراح سابق منه بضرورة إجرائها قبل نهاية السنة الجارية.

واتهم أطرافا وصفها بالمغرضة بتعطيل هذا الحل لأنها "تدرك جيدا بأن إجراء الانتخابات الرئاسية تعني بداية فتح أبواب الديمقراطية بمفهومها الحقيقي. وهذا ما لا يعجب هذه الشرذمة التي تتصرف بمنطق العصابة".

واعتبر أن هذه الأطراف في "أزمة حقيقية، وجدوا أنفسهم من خلالها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما القبول بما يفرزه الصندوق وإما العيش بمعزل عن الخيار الشعبي، وتلكم نتيجة لا يتقبلونها إطلاقا".

وجاءت تصريحات الفريق قايد صالح بعد يوم واحد من تأكيد مجلة الجيش، لسان حال المؤسسة العسكرية أن "صناعة الرؤساء في الجزائر ولّى إلى غير رجعة"، في رد على اتهامات للجيش بالسعي لفرض مرشح كما كان معمولا به سابقا.

وكانت رسالة مجلة الجيش موجهة أيضا إلى أطراف محسوبة على العهد السابق (ينسبون للدولة العميقة) بأنها لن تستطيع التأثير في خيار الشعب هذه المرة.

وتزامنت التصريحات الجديدة لقائد أركان الجيش مع تسارع الخطوات الرسمية في اتجاه التسريع بالاقتراع الرئاسي في انتظار صدور مرسوم رئاسي لتحديد موعده.

الاحتجاجات في الجزائر تراجع زخمها لكنها لم تهدأ منذ فبراير
الاحتجاجات في الجزائر تراجع زخمها لكنها لم تهدأ منذ فبراير

وشرع البرلمان بغرفتيه في مناقشة مشروعي قانوني الانتخاب والهيئة العليا للانتخابات على أمل المصادقة عليهما في ظرف أسبوع وذلك في الوقت الذي ستشرع فيه هيئة الوساطة في جولة جديدة للحوار للبحث عن شخصية توافقية لرئاسة لجنة الانتخابات.

وقدم وزير العدل الجزائري الأربعاء أمام البرلمان مشروع قانون تأسيس "السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات" التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية التي تسعى السلطة إلى إجرائها قبل نهاية السنة.

وقال وزير العدل بلقاسم زغماتي أمام نواب المجلس الشعبي الوطني إن "صلاحيات" هذه الهيئة تبدأ من "التسجيل في القوائم الانتخابية إلى غاية الإعلان عن نتائجها" ويتضمن ذلك "تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها والإشراف عليها".

مشروع لتعديل قانون الانتخابات يطلق يد الداخلية اشرافا وتنظيما في خطوة لم تقبل بها المعارضة وتعيد للأذهان ممارسات التسلط السابقة

كما قدم زغماتي مشروع تعديل على قانون الانتخابات الذي كان ينص على صلاحيات واسعة لوزارة الداخلية ومديرياتها المحلية في تنظيم الانتخابات وهو ما انتقدته المعارضة بمناسبة كل موعد انتخابي.

وأكد زغماتي أن القانون الجديد نص على "الاستبعاد الكلي لموظفي الإدارة العمومية وإعفاء الولاة (المحافظين) من أي دور" في العملية الانتخابية.

ونصت التعديلات على قانون الانتخابات إضافة شرط الحصول على "شهادة جامعية أو ما يعادلها" بالنسبة لمن يرغب في الترشح لرئاسة الجمهورية. وكذلك تم خفض عدد التوقيعات التي على كل مرشح الحصول عليها من 60 ألف توقيع إلى 50 ألفا.

وكانت "هيئة الحوار" المكلّفة من قبل السلطات بالبحث عن مخرج للأزمة السياسية في البلاد، اقترحت في تقرير سلّمته الأحد للرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح، مراجعة قانون الانتخابات وتشكيل لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات.

وجاء التقرير بعد أسبوع من طلب رئيس أركان الجيش قايد صالح، الرجل القوي في البلاد، تحديد موعد الانتخابات الرئاسية لاختيار خلف لعبدالعزيز بوتفليقة في 15 سبتمبر/أيلول حتى يتسنى تنظيم الاقتراع قبل نهاية السنة.

لكن الحركة الاحتجاجية التي تشهدها الجزائر منذ 22 فبراير/شباط 2019، ترفض إجراء الانتخابات في ظل بقاء حكومة نورالدين بدوي والرئيس عبدالقادر بن صالح باعتبارهما جزءا من النظام الموروث من 20 سنة من حكم بوتفليقة.

ومنذ استقالة بوتفليقة في 2 أبريل/نيسان تولى الحكم الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح على أن تنتهي ولايته في 9 يوليو/تموز، لكن المجلس الدستوري، أعلى هيئة قضائية في البلاد، مدد ولايته حتى تسليم السلطة للرئيس المنتخب.

وفشل بن صالح في إجراء الانتخابات تحت ضغط الحركة الاحتجاجية واضطر المجلس الدستوري إلى إلغاء تلك المقررة أساسا في 4 يوليو/تموز لعدم وجود مرشّحين.