النيابة العامة تُعيد التحقيق في انفجار بيروت إلى مربع التعطيل

المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت يضطر لاعلان تأجيل كافة جلسات استجواب المدعى عليهم حتى تسوية الإشكالات مع النيابة العامة في موقف يعكس جنوحه للتهدئة بعد الأزمة الأخيرة في الجسم القضائي.

بيروت - اضطر المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار اليوم الاثنين إلى إعلان إرجاء كافة جلسات استجواب المدعى عليهم والتي كان قد حدّدها إثر إعلانه استئناف التحقيق الشهر الماضي، ما أثار في حينه أزمة غير مسبوقة داخل الجسم القضائي.

وقال بيطار لصحافيين من مكتبه في قصر العدل في بيروت إنه قرر تأجيل كل جلسات الاستجواب المحددة في فبراير/شباط كون النيابة العامة التمييزية قررت عدم اعترافها بمذكراته وباستئناف التحقيقات.

وأوضح أن "التحقيق العدلي يجب أن ترافقه النيابة العامة التمييزية ويجدر أن يكون هناك تعاون بينهما"، فيما يعكس موقف بيطار نوعا من التهدئة بعدما أثارت قراراته الأخيرة مواجهة غير مسبوقة داخل الجسم القضائي، عكست حجم الضغوط السياسية التي لطالما أخّرت مسار العدالة منذ انفجار المرفأ صيف 2020.

وفي 23 يناير/كانون الثاني أعلن بيطار استئناف تحقيقاته رغم عشرات الدعاوى المرفوعة ضده والمطالبة بعزله والتي علّقت عمله مدة 13 شهرا، في خطوة رفضتها النيابة العامة التمييزية.

واستأنف بيطار تحقيقاته بالادعاء على ثمانية أشخاص، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات وحدّد مواعيد لاستجواب 13 شخصا مدعى عليهم، إلا أن النائب العام التمييزي سارع إلى إعلان رفض كل قرارات المحقق العدلي كما ادعى عليه "على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة".

وقال بيطار للصحافيين الاثنين "هناك دعاوى ضدي باغتصاب السلطة يجب حلّها وإجراء تحقيق بشأنها، فإذا ثبت أنني مغتصب للسلطة يجب أن أحاسب وإذا ثبت العكس يجب استكمال التحقيق"، مضيفا "غايتنا إجراء تحقيق عدلي سليم من دون إشكالات".

ويعكس مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ثقافة "الإفلات من العقاب" التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، نادرا ما تمّت محاسبة الضالعين فيها. كما تؤجّج التدخّلات السياسية المتكرّرة غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية.

وتشير التطورات الأخيرة إلى أن التحقيقات في انفجار المرفأ قد تتعطل إلى أجل غير مسمى في بلد استشرى فيه الفساد والتدخل السياسي لقوى بينها حزب الله الذي يدفع منذ الانفجار إلى إقصاء المحقق العدلي فقط لأنه بدأ بنبش سجلات مقربين منه يشتبه في تورطهم في أسوأ انفجار غير نووي هز مرفأ العاصمة اللبنانية في أغسطس/اب 2020. ويخشى أهالي الضحايا من أن تضيع الحقيقة في خضم التدخلات السياسية ويفلت الجناة من المحاسبة.