الوضع المعيشي ينعكس على انتخابات حزب البعث السوري

الأسد يراهن على المشاركة الواسعة رغم التساؤلات عن جدواها في ظل التكرار الدائم لنفس الأسماء والتدخلات السياسية والأمنية.

دمشق - شدد الرئيس السوري بشار الأسد، على أن الأهمية في انتخابات حزب "البعث"، الجارية حالياً هي "للمشاركة الواسعة وليس للأسماء التي تفوز فيها"، في ظل الحديث عن عزوف عن المشاركة، حيث يعزو السوريون وحتى أعضاء حزب "البعث" عدم المشاركة إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي السيء وإلى عدم جدوى المشاركة في ظل استمرار سياسات الحزب.

وأضاف في لقاء أجراه الأسد مع مجموعة من المفكرين والأكاديميين والكتاب البعثيين، تم خلاله "حوار مفتوح عن دور حزب البعث في مستقبل سوريا على المستوى السياسي والوطني والاقتصادي والاجتماعي، والسباق الانتخابي الحزبي، والتغيير الذي يريده البعثيون داخل منظومة حزبهم".

وبدأت في شباط الجاري انتخابات حزب "البعث" على مستوى الأعضاء العاملين والشعب الحزبية في المحافظات، وتستمر حتى انتخابات أعضاء القيادة المركزية الجديدة للحزب.

وفي المحافظات السورية التي أقيمت فيها انتخابات على مستوى الشعب الحزبية، كان معظم المرشحين من أعضاء سابقين في مجالس الشعب أو أعضاء شعب حزبية أو مسؤولون من الصف الثاني، مما أدى إلى عدم إقبال واسع على الترشح والمشاركة في الانتخابات.

الأسد يعتبر أن "أهم ما في الانتخابات ليس الأسماء التي تفوز فيها، وإنما المشاركة الواسعة بها، ولذلك فإن نتائج الانتخابات حينها تعكس قرار ورغبة الأغلبية، وهذا هو جوهر الانتخابات".

لذلك يبدو حرص الأسد لافتا على مسألة المشاركة الواسعة، بقوله إن "أهم ما في الانتخابات ليس الأسماء التي تفوز فيها، وإنما المشاركة الواسعة بها، ولذلك فإن نتائج الانتخابات حينها تعكس قرار ورغبة الأغلبية، وهذا هو جوهر الانتخابات"، مؤكداً أن "هدف المشاركة في الانتخابات تحقق، والنقطة الأهم هي كيف سنعكس تجربة الانتخابات في المرحلة اللاحقة".

واعتبر "تمكنا من وضع نظام انتخابي جيد بالنسبة للظرف الحالي، وحققنا المشاركة في الانتخابات"، مشيراً إلى أن "تجربة الانتخابات هي مجرد إجراء جزئي من سلسلة عمليات التطوير".

وأوضح أن "نجاح تجربة الانتخابات يرتبط بعدة معايير، منها ما هو متعلق بمدى اتساع المشاركة التي تعبر عن الأغلبية، والحوارات التي تجري اليوم ضمن الساحة الحزبية هي معيار من معايير نجاح تلك التجربة الانتخابية".

وكان بشار الأسد ترأس نهاية العام 2023، اجتماعاً للجنة المركزية لحزب البعث الحاكم، لمناقشة جدول الأعمال المقترح حول التحضير لإجراء الانتخابات واختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع. وشدد على ضرورة "توسيع المشاركة في انتخابات القيادات لأنها ترفع من مستوى القواعد وتحمّلها مسؤولية الانتخاب، وتجاوز مشكلات التدخلات والتكتلات السلبية المطروحة سابقاً، وأهمية تشكيل لجنة من غير المرشحين تشرف على هذه الانتخابات بهدف حماية القواعد من تدخل القيادات، وحماية القيادات من الاتهام بالتدخل".

وطرح خطة تتألف من ثلاث مراحل في وصول الأشخاص إلى اللجنة المركزية، الأولى انتخاب من جميع الأعضاء الحزبيين العاملين لأوّل مرة، عدداً من الأشخاص الممثلين عن الحزب إلى اجتماعات اللجنة المركزية الموسّعة. والثانية انتخاب شخص أو أكثر بحسب نصاب كل شعبة حزب لاجتماعات اللجنة المركزية الموسّعة، ثم ينتخب المُنتخبون أعضاء لجنة مركزية جديدة. والثالثة أعضاء اللجنة المركزية الجديدة ينتخبون أعضاء القيادة المركزية الجديدة للحزب. ووصف الأسد المرحلة المقبلة بأنها "مفصلية في تاريخ الحزب".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" عن الأسد تأكيده، خلال افتتاحه اجتماع "اللجنة المركزية" "أهمية السير في طريق الانتخابات، فضلاً عن سلبيات التجربة الماضية"، وأكد أهمية الاجتماع "بما سيصدر عنه بعد إقرار المقترحات المقدمة إليه من تغيير وتجديد في منظومة العمل ليس الحزبي وحده، بل لاحقاً في المجتمع والدولة"، لافتاً إلى أن اعتماد الانتخاب في هذه الدورة يأتي "بعد عقود تكرر فيها التعيين أكثر من مرة، والذي كان في بعض الأحيان يستند إلى الثقة أو المحسوبيات، وهذا ما لا يمكن ضبطه ولا الاطمئنان إليه".

ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تغيّراً كبيراً في ملامح القيادة الحزبية الحالية، وفق ما أكده في وقت سابق أمين سر حزب البعث في سورية، هيثم سطايحي، لصحيفة "الوطن" المقربة من الحكومة السورية، مشيرا إلى أنه جرى توجيه الدعوة لـ87 قيادياً حزبياً لحضور الاجتماع.

ويتجدد الجدل حول مدى شرعية العملية الانتخابية. فالتكرار الدائم لنفس الأسماء والتدخلات السياسية والأمنية تثير تساؤلات حول مدى إمكانية أن تقود إلى التغيير، ويقول بعض المحللين يرون أن هذه الانتخابات تسير وفق نمط مسبق ومتفق عليه، حيث يتم اختيار الفائزين مسبقًا وفقًا لتوجيهات سياسية محددة. وهذا يثير الشكوك حول شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها.

من جانب آخر، تبرز أصوات تؤكد على أهمية الانتخابات كخطوة في تعزيز الديمقراطية، رغم الانتقادات التي تواجهها. ومن المهم مراقبة سير العملية الانتخابية وضمان عدالتها وشفافيتها، حتى يتمكن الشعب السوري من ممارسة حقوقه الديمقراطية بحرية ونزاهة.

وفاز حزب البعث الحاكم في سوريا وحلفاؤه بغالبية مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2020 وبلغت نسبة المشاركة فيها أكثر من 33 في المئة، بحسب النتائج الرسمية التي أعلنتها اللجنة القضائية المشرفة على عملية الاقتراع.

وفاز الحزب وحلفاؤه في قائمة “الوحدة الوطنية” بـ177 مقعداً من أصل 250 مقعداً، نصفها مخصّص للعمّال والفلاحين، والنصف الآخر لبقيّة فئات الشعب. وكانت ثالث انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع في العام 2011، في غياب أيّ معارضة فعليّة على الأرض.