الوضع الوبائي يؤجج معركة الصلاحيات بين سعيد والمشيشي

الرئيس التونسي يعلن أن إدارة الصحة العسكرية (تابع للجيش) ستتولى إدارة الأزمة الصحية، بعد يوم من إقالة رئيس الحكومة لوزير الصحة الذي يعتبر مقربا من الرئاسة، فيما تأتي هذه التطورات في خضم انسداد سياسي ووضع وبائي يبدو خارج السيطرة.
الحكومة التونسية تواجه انتقادات واتهامات بالفشل في إدارة الأزمة الصحية
تونس تواجه وضعا وبائيا كارثيا رغم المساعدات الدولية
8 بالمئة فقط من التونسيين تلقوا جرعات كاملة للوقاية من كورونا

تونس - قال الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الأربعاء إن إدارة الصحة العسكرية ستتولى إدارة الأزمة الصحية في البلاد مع تفاقم جائحة كورونا، في أحدث تصعيد لمعركة الصلاحيات مع رئيس الحكومة هشام المشيشي وفي قرار يأتي في خضم انسداد سياسي غير مسبوق ووضع وبائي يبدو خارج السيطرة.

وبالفعل بدأ الجيش التونسي في الفترة الأخيرة حملة تطعيم ضد الوباء متنقلا من منطقة إلى أخرى في معاضدة جهود وزارة الصحة التي أقيل وزيرها فوزي مهدي الثلاثاء من منصبه.

وتكافح تونس للسيطرة على تزايد الإصابات والوفيات بالفيروس، مع امتلاء أجنحة العناية الفائقة بالمرضى وإرهاق الأطباء ونفاد كميات الأكسجين في الكثير من المستشفيات. ويشتكي التونسيون من سوء إدارة الأزمة وبطء حملة التطعيم.

يأتي تعليق سعيد بعد يوم من إقالة المشيشي لوزير الصحة المقرب من الرئيس ووصفه لقراراته بأنها شعبوية وإجرامية بعد أن دعا المهدي الشبان للتطعيم بشكل استثنائي أمس الثلاثاء.

لكن سعيد قال في تصريح لقناة العربية السعودية أثناء زيارة لمركز تطعيم بالعاصمة اليوم الأربعاء إن تكدس الناس بذلك الشكل أمس الثلاثاء وراءه أهداف سياسية وهو أمر مدبر من أطراف داخل المنظومة السياسية، مضيفا أن "إدارة الصحة العسكرية ستتولى إدارة الأزمة الصحية في البلاد".

ويقف مهدي وراء قرار إفساح المجال لجميع التونسيين ممن تجاوزوا 18 عاما بتلقي اللقاح المضاد لكوفيد طوال يومي الثلاثاء والأربعاء خلال عطلة عيد الأضحى.

وأدى القرار إلى ازدحام كبير في مراكز التلقيح الـ29، وقد سجّل تدافع في كثير منها وخيبات عدة لعدم توافر العدد الكافي من الجرعات، في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعا غير مسبوق في عدد الإصابات.

وفي ضوء ذلك، عمدت وزارة الصحة إلى حصر عملية التلقيح بمن هم فوق 40 عاما الأربعاء لتجنب هذه الفوضى.

وسيصبح وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي وزيرا للصحة بالنيابة في حكومة سبق أن شهدت انسحاب العديد من الوزراء الذين لم يخلفهم أحد بسبب تعديل حكومي صادق عليه البرلمان، لكنه لا يزال معلقا.

ورفض سعيد في يناير/كانون الثاني السماح لوزراء بأداء اليمين رغم موافقة البرلمان على أن يتولوا حقائبهم.

وكان الرئيس الذي تربطه علاقة فاترة بأكبر حزب في البرلمان: حركة النهضة الإسلامية، عيّن المشيشي في غسطس/اب من العام الماضي.

ودفعت النهضة نحو هذا التعديل الذي شمل عشرة وزراء لتؤكد أن ائتلافها البرلماني يدعم الحكومة.

وعهدت حقيبة الصحة يومها إلى طبيب من سوسة (شرق)، لكن فوزي مهدي احتفظ في نهاية المطاف بحقيبته مستفيدا من الأزمة السياسية.

حشود غفيرة توافدت على مراكز التلقيح بعد دعوة من وزير الصحة المقال ما تسبب في تدافع وفوضى في اجراء يتناقض مع جهود كبح الوباء
حشود غفيرة توافدت على مراكز التلقيح بعد دعوة من وزير الصحة المقال ما تسبب في تدافع وفوضى في اجراء يتناقض مع جهود كبح الوباء

ومنذ مارس/اذار تحضّ السلطات التونسية السكان على تلقي اللقاح بحسب الفئات العمرية. وفي الوقت الراهن يقتصر التلقيح على من تتخطى أعمارهم خمسين عاما والعاملين في قطاعات ذات أولوية، في حين تواجه البلاد ارتفاعا غير مسبوق في عدد الإصابات اليومية وتشارف المستشفيات على بلوغ أقصى قدراتها الاستيعابية.

وخيّم بطء الوتيرة طويلا على حملة التلقيح بسبب قلّة الجرعات المتوافرة. وبلغ عدد المحصّنين تماما لقاحيا نحو 937 ألفا، أي نحو 8 بالمئة فقط من السكان، وهو معدّل ضئيل جدا لا يمكّن البلاد من كبح تفشي الوباء على الرغم من أنه يعد مرتفعا بالنسبة للقارة الإفريقية.

وتدهورت الأوضاع الصحية في تونس بسبب نفاد مخزون الأكسجين في المستشفيات والنقص في عديد الطواقم الطبية والأسرة الشاغرة في أقسام الإنعاش، مما دفع في الأيام الأخيرة بعدد من الدول إلى إرسال مساعدات طبية.

وحاليا يتوافر في تونس البالغ تعدادها السكاني 12 مليون نسمة نحو 3.2 ملايين جرعة لقاحية، علما بأنه من المتوقّع أن يتخطى العدد خمسة ملايين جرعة في أواسط أغسطس/اب، وفق ما أفادت وزارة الصحة.

وقالت طبيبة الأطفال رفلة تاج دلاجي مديرة مركز التلقيح بقصر المؤتمرات "إنه سباق مع الوقت". وقالت إنه يتعيّن تلقيح مئة ألف شخص في اليوم لكسر سلسلة انتقال العدوى، علما بأنه حاليا يتم تلقيح 40 ألفا في اليوم.

وستصبح اللقاحات متوافرة في الصيدليات اعتبارا من الأسبوع المقبل لمن تتخطى أعمارهم 40 عاما.

وتعرّضت إدارة الحكومة التونسية للأزمة الصحية لانتقادات خصوصا بعد اجتماع حكومي عقد في فندق فخم في منطقة الحمامات في شرق البلاد في نهاية الأسبوع، على الرغم من حظر التجول المفروض ومعاناة المستشفيات المكتظة بالمصابين.

وتعيش تونس تدهورا صحيا غير مسبوق، إثر تفشي جائحة كورونا وعجز السلطات على احتوائه.

وتلقت تونس مساعدات دولية من أوروبا ودول عربية تضمنت أكثر من ثلاثة ملايين جرعة لقاح ومستشفيات وأسرة عناية فائقة لمساعدتها على مواجهة الأزمة بينما تعاني أسوأ أزمة مالية على الإطلاق وتوشك على الإفلاس.

وحتى الآن أصيب ما يزيد عن 550 ألف تونسي بفيروس كورونا بينما اقترب إجمالي الوفيات من نحو 18 ألف شخص. ولم يحصل سوى 950 ألف شخص على تطعيم كامل من مجموع 11.6 مليون نسمة في البلاد.