الوقود القطري لغزة يؤجج الخلافات الفلسطينية

الدوحة أدخلت شحنات وقود لمحطة كهرباء غزة بالتنسيق مع حماس وإسرائيل وهيئات أممية متجاهلة الجهات الفلسطينية الرسمية، ما أثار غضب السلطة وأعطى انطباعا بدعم قطر لحماس والدفع باتفاق المصالحة المتعثر إلى الخلف.

فلسطينيو ينظرون بريبة للدور القطري في غزة
رام الله ترفض استبدال الحقوق الوطنية بمجرد مساعدة إنسانية
الدوحة تنسق مع حماس متجاهلة حكومة الوفاق الوطني
قطر تتجاهل السلطة وتعتزم تقديم مساعدات لحماس بـ150 مليون دولار

رام الله (الضفة الغربية) - أثارت قطر غضب السلطة الفلسطينية بسبب إدخالها شحنات وقود لمحطة كهرباء غزة دون تنسيق مع الجهات الرسمية في تجاهل كامل لسيادة حكومة الوفاق الوطني التي تواصل مباحثات مع حماس برعاية مصرية لتنفيذ اتفاق المصالحة المتعثر.

واعتبرت السلطة الفلسطينية الخطوة القطرية تجاوزا للخطوط الحمراء كون الدوحة تصرفت دون الرجوع إلى هيئاتها وجهاتها المختصة وكأن غزة ليس تابعا لسيادتها.  

وكانت السلطة قد حذّرت في أكثر من مناسبة من تحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية إنسانية تستبدل فيها الحقوق الوطنية المشروعة بمساعدات إنسانية تستهدف تخفيف معاناة أهالي غزة من دون أن تعالج الأزمة برمتها وهي أزمة متعددة الرؤوس: سياسية واقتصادية وإنسانية.

وتدعم قطر حركة حماس الفلسطينية التي تسيطر على القطاع منذ 2007 وأعربت في الأشهر الأخيرة عن استعدادها للمصالحة الوطنية وتمكين حكومة الوفاق الوطني التي يقودها رامي الحمدالله، لكن خلافات بين حركتي فتح وحماس حالت دون تنفيذ اتفاق المصالحة الذي ترعاه القاهرة.

وتبادلت الحركتان الاتهامات بتقويض أسس المصالحة، لكن الجانب المصري لا يزال يواصل جهوده من أجل تذليل العقبات وإنهاء الانقسامات الفلسطينية.

ويبدو أن التدخل القطري استهدف بالأساس تخفيف الضغوط على حركة حماس أكثر من تخفيفه لمعاناة سكان غزة.

من يريد الخير للشعب الفلسطيني ويريد مساعدة القضية الفلسطينية عليه أولا أن يساعد في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وأي طرف يسعى لتوفير دعم مالي لحركة حماس هذه الأيام فهو بالتأكيد يعمل ضد المصلحة الوطنية

وقطاع غزة الذي تديره حماس منذ أكثر من عشر سنوات وصل إلى حافة الانهيار الاقتصادي والصحي والمعيشي بسبب الحصار الإسرائيلي وقطع أميركي للمساعدات المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وأيضا بسبب الانقسامات السياسية الداخلية.

ويفترض أن أي مبادرة إنسانية تجاه قطاع غزة تتم بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني الرسمي، لكن الدوحة نسقت مع إسرائيل والأمم المتحدة وحركة حماس فيما تجاهلت السلطة الفلسطينية.

وقال محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني "نحن نؤمن أن من يريد الخير للشعب الفلسطيني ويريد مساعدة القضية الفلسطينية عليه أولا أن يساعد في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وأي طرف يسعى لتوفير دعم مالي لحركة حماس هذه الأيام، فهو بالتأكيد يعمل ضد المصلحة الوطنية".

وتشير مصادر فلسطينية إلى أن الدور الذي تلعبه قطر في غزة أجج التوترات الداخلية، في ظل دعم مالي سخي للطرف من أطراف الأزمة السياسية أي حركة حماس على حساب الأطراف الأخرى ومن ضمنها السلطة الفلسطينية.

ويرى شق من هؤلاء أن الدور القطري ربما يستهدف تعميق الانقسام وترسيخ فكرة انفصال قطاع غزة وتحقيق صفقة تهدئة بين الحركة وإسرائيل بدلا من الدفع نحو مصالحة وطنية تنهي الخلافات السياسية.

ورغم الغضب الفلسطيني، أعلنت قطر الأربعاء عزمها تقديم "مساعدات إنسانية" بقيمة 150 مليون دولار إلى قطاع غزة، غداة تسليم وقود دفعت ثمنه الدوحة لتشغيل المحطة الكهربائية الوحيدة التي تعمل في القطاع الخاضع لسيطرة حماس.

وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية أنه بتوجيهات من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "أعلن صندوق قطر للتنمية تقديم دعم بقيمة 150 مليون دولار كمساعدات إنسانية عاجلة للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات".

وأوضح البيان أن برنامج الأمم المتحدة للتنمية سيشرف على توزيع هذه المساعدات.

ويعاني قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات من حصار إسرائيلي خانق وبات نحو 80 بالمئة من سكانه مرتبطين بالمساعدات التي تقدمها لهم بشكل خاص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا).

وقدرت الأمم المتحدة بـ60 مليون دولار قيمة الهبة التي قدمتها قطر الثلاثاء لشراء الوقود الخاص بتشغيل المحطة الكهربائية.

والمعروف أن الدوحة تقيم علاقات جيدة مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة والتي تعتبرها دول غربية بينها الولايات المتحدة "إرهابية".