الولاء لقطر يفكك حزب المرزوقي

83 عضوا في حزب حراك تونس الإرادة يعلنون استقالتهم من الحزب مبررين قرارهم بانحراف رئيس الحزب عن الخط السياسي وانخراطه في سياسة المحاور الإقليمية، إلا أن مبررات الاستقالة تقفز على حقيقة أن مسألة التخندق في المحور التركي القطري لم تكن أمرا طارئا ومفاجأ.

استقالات بالجملة تضرب حزب المرزوقي
المستقيلون يتهمون المرزوقي بالتفرد بالقرار وبإضعاف الحزب
بيان الاستقالة كأنه اكتشاف متأخر لانخراط المرزوقي في المحور القطري التركي
التيار الديمقراطي وجهة المستقيلين على أرجح التقديرات

تونس - تلقى حزب حراك تونس الإرادة الذي يتزعمه الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي ضربة قاسية باستقالة 83 قياديا لأسباب تتعلق، وفق بيان صادر عن الأعضاء المستقيلين، بخروج الحزب عن خطه السياسي وانخراطه في سياسة المحاور الإقليمية، في إشارة إلى المحور التركي القطري  وان لم يذكر البيان ذلك صراحة.

وبهذه الاستقالات يكون حزب المرزوقي قد تفكك عمليا، فيما تحدث البيان عن إضعاف  رئيس الحراك للحزب من خلال توجهه إلى إعادة استنساخ تجربة تحالف سابقة ثبت فشلها، في إشارة الى تحالفه مع النهضة.

وتأتي استقالة الأعضاء الـ83 وبينهم مساهمون في تأسيس الحزب من أمثال عدنان منصر وطارق الكحلاوي وغيرهم من القيادات البارزة في الوقت الذي تستعد فيه الأحزاب السياسية بشكل مبكر للانتخابات التشريعية في 2019.

وتشير الاستقالة الجماعية أيضا إلى احتمال انخراط المستقيلين في تحالفات حزبية جديدة أو الانضمام إلى حزب آخر والأرجح سيكون التيار الديمقراطي الذي انشق عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سابقا وهو الحزب الذي خاض به المرزوقي أول انتخابات رئاسية وتشريعية بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي والذي كان جزء من الحكم من 2011 إلى 2014 ضمن ما كان يعرف بحكومة "الترويكا" التي قادتها حركة النهضة الإسلامية.

وعزا المستقيلون قرارهم إلى أن الحزب بقيادته الحالية (المرزوقي) و"على العكس تماما من الخط السياسي الذي يؤكد على استقلاليته عن أطراف الحكم والذي لم ننقطع عن التذكير به في هياكل الحزب وبالخصوص في اجتماعات هيئته السياسية المتوالية بما فيها هيئة 1 جويلية الماضي (يوليو)، أصبح الحزب واقعيا منضويا تحت جناح أحد أطراف الحكم بناء على حسابات انتخابية صرفة متعلقة بالرئاسيات".

وكان بيان المستقيلين من الحراك يشير بوضوح إلى حركة النهضة الإسلامية الشريك في الائتلاف الحاكم حاليا والذي سبق أن تحالف مع منصف المرزوقي قبل أن يتخلى عنه في الانتخابات الرئاسية 2014 التي فاز فيها مؤسس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي.

واتهم المستقيلون أيضا المرزوقي بالاستئثار بالقرار وبعدم وجود رغبة في الإصلاح الهيكلي للحزب، مشيرين إلى أن تركيز رئيس الحزب منصب على الانتخابات الرئاسية فيما أهمل الحزب.

واعتبروا أن موقف المرزوقي "أفقد الحزب شخصيته السياسية وجعل اهتمام قيادته بالتشريعيات مجرد سفسطة لا يؤكدها أي عمل ميداني".

وجاء في البيان أيضا "يسجل المستقيلون عجز قيادة الحزب، تماشيا مع توجهها الانتخابي الواضح، عن قبول مسار النقد الذاتي للتجربة، وقبول تحولها إلى نسخة رديئة من تجربة سابقة"، في اشارة إلى التحالف السابق بين حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بقيادة المرزوقي وحزب حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي.

وتابع أن المستقيلين يعترفون اليوم بأن "الإصلاح غير مرغوب فيه داخل هياكل الحزب بناء على حسابات انتخابية صرفة، بل إن عملية الإصلاح لم يكن مطلوبا منها سوى تصفية الخط الديمقراطي الاجتماعي داخل الحزب وتقديم الحراك هدية لأحد أطراف الحكم، يخوض معاركه ويتلقى الضربات نيابة عنه. هذا التموقع السياسي الداخلي أدى كذلك لاصطفافات إقليمية قائمة على الانحياز لأنظمة وزعامات بعينها بشكل آلي وليس على أساس المصالح التونسية العليا والسيادة الوطنية والدفاع عن الديمقراطية وقيم الحرية.

وكان البيان يشير إلى انخراط المرزوقي في سياسة المحاور وتحديدا المحور القطري التركي الداعم لحركة النهضة الإسلامية.

إلا أن مبررات الاستقالة تقفز على حقيقة أن مسألة التخندق في المحور التركي القطري لم تكن أمرا طارئا ومفاجأ، فالقيادات المستقيلة أو على الأقل معظمها كانت منخرطة منذ بداية تأسيس حزب حراك تونس الإرادة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2015 وقبلها مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في فكرة الاصطفاف مع قطر وتركيا الداعمتان لحركة النهضة الحليف السابق للمرزوقي.

وأسهب بيان المستقيلين في تعداد أسباب ومبررات الاستقالة وهي مبررات ركزت في معظمها على تفرد رئيس الحزب المنصف المرزوقي بالقرار وإضعاف الحزب  وعجزه عن تقديم مبادرات جدية في مواجهة الائتلاف الحاكم.

وقال بيان المستقيلين "إن التموقع السياسي لقيادة الحزب يجعلها غير قادرة على تقديم أية مبادرات جدية تركز على معارضة الائتلاف الحاكم برمته، بوصفه قائما على توافق مغشوش عمق أزمة البلاد وفقر شعبها ورسخ الممارسات الفاسدة، حيث يتحول كل ذلك إلى مجرد رغبة في إعادة بناء تحالفات قديمة من منطلق نفس وضعية عدم التوازن".

وكان المستقيلون يشيرون إلى تحرك المرزوقي لإعادة بناء التحالف مع حركة النهضة وفق حسابات شخصية لا حزبية وتسخير حزب الحراك  لهذا الغرض.

وتابع "كما أن تموقع الحراك في وضع حزب رئاسي يتعارض تماما مع النظام السياسي الذي ساهم مؤسسوه ومنهم رئيس الحزب في إرسائه عبر دستور جانفي (يناير) 2014، يضاف إلى ذلك موقف رئيس الحزب مؤخرا لتغيير الدستور نحو نظام رئاسي على النقيض من مواقف هياكل الحزب وتصريحات قياداته ودون تشاور مع الهياكل وأهمها الهيئة السياسية التي يفترض أن تحدد الخيارات الإستراتيجية للحزب".