اليمين المتطرف يسدد ضربة انتخابية للحزبين التقليديين في بريطانيا

البريطانيون يشعرون بخيبة أمل من الحزبين الرئيسيين في ظل ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الهجرة غير النظامية وتراجع الخدمات العامة.

لندن – انتزع حزب "إصلاح المملكة المتحدة" اليميني المتطرف مقعدا برلمانيا من حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء كير ستارمر الجمعة في الانتخابات المحلية التي وجهت ضربةً قويةً للحزبين التقليديين في بريطانيا.

وفاز حزب إصلاح المملكة المتحدة بزعامة نايجل فاراج المناهض للهجرة في الانتخابات الفرعية في رنكورن وهيلسبي بشمال غرب إنكلترا بفارق ستة أصوات فقط، وحقق مكاسب في دوائر أخرى بما في ذلك رئاسة إحدى البلديات.

ويواصل الأداء القوي لحزب إصلاح المملكة المتحدة الزخم الذي اكتسبه في الانتخابات العامة العام الماضي، ما يؤكد توجه بريطانيا إلى عصر السياسة المتعددة الأحزاب.

وقال فاراج مناصر بريكست، عن أول فوز لحزب الإصلاح في انتخابات فرعية وأول خسارة لستارمر منذ توليه منصبه في تموز/يوليو الماضي "بالنسبة للحركة وللحزب إنها لحظة مهمة جدا".

وعلق ستارمر على هزيمة حزبه في هذه الانتخابات الفرعية معتبرا النتيجة "مخيبة للأمل"، لكنه أكد تصميم حكومته على المضي "أبعد وأسرع" في الإصلاحات والتغيير، في مقابلة أجرتها معه شبكة "جي بي نيوز".

كذلك انتزع حزب الإصلاح عشرات المقاعد في مجالس محلية من حزبي العمال والمحافظين في وقت تظهر بوادر تشرذم في المشهد السياسي البريطاني.

وفي المعركة على ستة مناصب لرئاسة بلديات فاز حزب الإصلاح في لينكولنشير الكبرى فيما فاز حزب العمال بثلاث منها. غير أن حزب العمال بالكاد تمكن من الاحتفاظ برئاسة بلدية نورث تاينسايد بعد تأرجح في نسبة التصويت بلغ 26 بالمئة لصالح حزب الإصلاح.

وقالت رئيسة بلدية لينكولنشير الكبرى الجديدة أندريا جينكينز إن "معركة إنقاذ قلب وروح بلدنا العظيم بدأت الآن".

وأضافت "الآن وقد أصبح حزب الإصلاح في موقع سلطة، يُمكننا المساعدة في إعادة بناء بريطانيا تدريجا".

وهذه أول انتخابات تجرى في إنكلترا منذ أن تولى ستارمر رئاسة الوزراء وتولت كيمي بادنوك قيادة حزب المحافظين المتعثّر العام الماضي.

وجرى التنافس الخميس على 1641 مقعدا في 23 مجالس محلية، وهو ما يمثل جزءا صغيرا من أعضاء المجالس المحلية في إنكلترا البالغ عددهم 17 ألفًا، لكن النتائج الأولية تشير إلى أن تقدم حزب الإصلاح في استطلاعات الرأي ينعكس في صناديق الاقتراع.

وقال الخبير السياسي جون كورتيبس لبي.بي.سي إن "السؤال الأهم الذي أردنا معرفته بعد هذه النتائج هو: هل استطلاعات الرأي مُحقة في الإشارة إلى أن حزب الإصلاح يمثل الآن تحديا كبيرا لكل من المحافظين وحزب العمال؟ الإجابة على هذا السؤال حتى الآن هي نعم بكل وضوح".

ومن المتوقع أيضا أن يحقق الليبراليون الديمقراطيون الوسطيون وحزب الخضر اليساري مكاسب، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أن البريطانيين يشعرون بخيبة أمل من الحزبين الرئيسيين في ظل ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الهجرة غير النظامية وتراجع الخدمات العامة.

ويأمل حزب الإصلاح الذي تعهد بـ"وقف قوارب" المهاجرين غير النظاميين الذين يعبرون قناة المانش، أن يُسهم فوزه برئاسة بلديات وحصوله على مئات المقاعد في المجالس في تعزيز نشاطه الشعبي قبل الانتخابات العامة المقبلة المرجح إجراؤها في عام 2029.

وهيمن حزب العمال (يسار الوسط) وحزب المحافظين (يمين الوسط) على الحياة السياسية البريطانية منذ أوائل القرن العشرين.

وكتب جون كورتيس في صحيفة تلغراف هذا الاسبوع "يبدو أن المشهد السياسي في بريطانيا آخذ في التشرذم" وقال الخميس إن الانتخابات "ستكون على الأرجح الأولى التي يشارك فيها ما يصل إلى خمسة أحزاب بشكل جدي".

وفاز حزب العمال بأغلبية برلمانية في تموز/يوليو بنيله 33.7% فقط من الأصوات، وهي أدنى نسبة يحققها أي حزب يفوز في انتخابات عامة منذ الحرب العالمية الثانية.

وحصد المحافظون 24 بالمئة فقط من الأصوات وحصلوا على 121 مقعدا فقط من أصل 650 في البرلمان، في أسوأ هزيمة انتخابية للحزب على الإطلاق.

وحصل حزب الإصلاح على خمسة مقاعد وهو إنجاز غير مسبوق لحزب يميني متشدد بريطاني، علما بأن أحد النواب أصبح الآن مستقلا. وبعد فوز الجمعة أصبح عدد مقاعدهم خمسة مرة أخرى.

وفاز الليبراليون الديموقراطيون في تموز/يوليو بـ 61 مقعدًا إضافيًا مقارنةً بالانتخابات السابقة، ورفع حزب الخضر تمثيله بأربعة أضعاف ليصل إلى أربعة مقاعد.

وفاز حزب العمال في دائرة رنكورن بنسبة 53 بالمئة من الأصوات العام الماضي بينما حصل حزب الإصلاح على 18 بالمئة فقط.

وأفاد مسؤولو الانتخابات مع إعلان نتائج أولية قبيل الساعة السادسة صباحا الجمعة، بحصول سارة بوتشين مرشحة حزب الإصلاح على 12.645 صوتًا مقابل 12.639 صوتًا لمرشحة حزب العمال كارين شور. وبلغت نسبة المشاركة 46 بالمئة.

وجاءت الانتخابات الفرعية في رنكورن إثر إدانة النائب العمالي مايك أمسبري بتهمة لكم رجل. وقال متحدث باسم حزب العمال إن الانتخابات الفرعية "دائما ما تكون صعبة على الحزب الحاكم”، وإن الأحداث المحيطة بانتخابات رنكورن زادتها “صعوبة”.

وتصدّر حزب “إصلاح المملكة المتحدة” الثلاثاء استطلاعا أجرته مؤسسة يوغوف لنوايا التصويت في بريطانيا بنسبة 26%، متقدما بثلاث نقاط على حزب العمال وبست نقاط على حزب المحافظين.

وواجه حزب العمال انتقادات بسبب خفض الرعاية الاجتماعية وزيادة الضرائب التي يقول إنها ضرورية لاستقرار الاقتصاد.

ومع توجه حزب العمال نحو اليمين، فإنه يواجه تهديدا متزايدا من حزب الخضر (يسار).

كما يتعرض حزب المحافظين لضغوط من الليبراليين الديموقراطيين (يسار)، الحزب الثالث التقليدي الذي كان يأمل في تحقيق مكاسب في الجنوب الغني.