الإسرائيليون من أصول إيرانية يؤيدون الهجوم رغم الحنين

عديد اليهود الإيرانيين لا يرغبون في اندلاع حرب مدمرة بين العدوّين اللدودين، رغم معارضتهم الشديدة للسلطة القائمة في طهران.

طهران - يعيش إسرائيليون من أصول إيرانية مشاعر متضاربة، بين الحنين إلى بلدهم الأمّ والغضب من النظام الحاكم في طهران، لكنهم لا يرغبون في اندلاع حرب مدمرة بين العدوّين الإقليميّين اللدودين.

ويقول مردخاي مينارشوف، وهو تاجر إسرائيلي من أصل إيراني "نحن نريد السلام لكنهم لا يريدون ذلك. جلّ مرادهم هي الحرب وقتل الناس وخصوصاً اليهود".

وبعد ساعات قليلة من الانفجارات التي وقعت في طهران ونُسبت على نطاق واسع إلى إسرائيل، لا تزال الحركة ضعيفة في المتاجر في شارع يافا في القدس.

ويهتم مردخاي مينارشوف بمتجره للأحذية في الشارع خلال يوم الجمعة هذا، وهو أول أيام عطلة نهاية الأسبوع في إسرائيل، حيث يتهافت السكان عادة لابتياع حاجاتهم قبل السبت، يوم العطلة الأسبوعي لدى اليهود.

وقبل نحو أسبوع، أرسلت إيران سرباً من المسيّرات والصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية، تمّ اعتراضها كلّها تقريباً، وذلك ردّاً على ضربة استهدفت في الأول من أبريل/نيسان القنصلية الإيرانية في دمشق وأوقعت سبعة قتلى من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران، ونُسبت إلى إسرائيل.

ورغم التوترات المتزايدة بين العدوّين اللدودين، يؤكد مينارشوف أنه يشعر "بالأمان". ويقول الشاب الثلاثيني "لدينا جيش قوي، أفضل جيش في العالم".

وأعرب إسرائيليون يهود آخرون من أصل إيراني عن ثقتهم في قدرات إسرائيل الدفاعية. ورغم أن بعضهم فرّوا من بلادهم بعد الثورة الإسلامية عام 1979 ويعارضون بشدة السلطة القائمة في طهران، فإنهم يحتفظون بحنين عميق لأرض أجدادهم.

ومن بين هؤلاء، يتحدث رئيس جمعية المهاجرين الإيرانيين في إسرائيل زيون حسيد، بحنين عن إيران، مقرّاً بأنه "يشعر بالسوء" منذ إطلاق الصواريخ الإيرانية على إسرائيل.

وقال رجل الأعمال في وقت سابق هذا الأسبوع إنه يخشى من حرب مزايدة لا يمكن التكهن بعواقبها. وأضاف "آمل أن تتصرف إسرائيل بحكمة وهدوء. لذا، بعون الله، يمكننا أن نهزمهم".

وفي ذلك اليوم في القدس، جمع زيون أصدقاءه، الأعضاء في مجلس إدارة الجمعية التي تمثل 300 ألف يهودي إيراني، لتناول وجبة خفيفة قبل عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ مساء الاثنين. وقد اعتقد كثر حينها أن إسرائيل لن تنتقم إلا بعد هذا العيد المقدس لدى اليهود.

وضمت إيران لسنوات طويلة أكبر طائفة يهودية في العالم الإسلامي. لكن على غرار ملايين الإيرانيين الآخرين من مختلف الأديان، هاجر هؤلاء اليهود بحثاً عن أوضاع أفضل أو من منطلق الدعم للقضية الصهيونية.

وبعد الثورة الإسلامية وإطاحة الشاه في عام 1979، حزم آخرون حقائبهم وقرروا مغادرة إيران، رغم أن اليهود كانوا يتمتعون بالحماية بموجب الدستور الجمهوري الإيراني وقد استقر كثر منهم في الولايات المتحدة، ولكن أيضاً في إسرائيل.

"الشعب الإيراني بأكمله رهينة في يد مجموعة متطرفة لكنه سيتحرر يوماً ما".

ويعيش حسيد في إسرائيل منذ عام 1964. وعلى بطاقة عمله، يمكن رؤية العلمين الإسرائيلي والإيراني مختومين بشعار الأسد الذي كان مستخدماً في إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979.

ويقول "لو كان الشاه في السلطة، ما كان ذلك ليحدث. الحكومة الحالية تريد أن تثبت للعالم أنها تحكم الشرق الأوسط".

وحافظت إسرائيل على علاقات دبلوماسية مع إيران منذ إنشائها عام 1948 حتى عام 1979. ومذاك، لم تتوقف المواجهة بين العدوّين اللدودين. وطهران، التي لا تعترف بإسرائيل، تجاهر برغبتها في زوال إسرائيل.

وفي بعض الأحيان، يتحدث أعضاء الجمعية في ما بينهم باللغة الفارسية، ويستحضرون بحنين بلدهم الذي وُلدوا فيه، مستذكرين عصر الشاه "المبارك"، عندما كانت العلاقات بين البلدين في حالة جيدة ويعرض أحد أعضاء الجمعية المجلة التي ينشرها بالفارسية، "الوحيدة" بهذه اللغة في إسرائيل، كما يقول بفخر.

وفي حديثه عن ابن عمه الذي قُتل على يد مسلحي حركة حماس الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول في كيبوتس بيري بجنوب إسرائيل، يقول يحزقيال يغانا البالغ 75 عاماً، إنه يفكر في الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

ولا ينسى يحزقيال يغانا أيضاً أولئك الذين يصفهم بـ"الرهائن اليهود في إيران"، إذ تضم الجمهورية الإسلامية بحسب التقديرات أقل من عشرة آلاف يهودي حالياً ويرى أن "الشعب الإيراني بأكمله رهينة في يد مجموعة متطرفة لكنه سيتحرر يوماً ما".

وفي ما يتعلق بالحرب الإقليمية المحتملة التي ترتسم ملامحها في المنطقة، يرى يغانا أن المسألة "معقدة". ويقول "إذا هاجمنا إيران، فقد يتسبب ذلك في صراع على جبهات عدة"، لكن "إذا لم نهاجم، فسوف يُنظر إلينا على أننا ضعفاء".

وعلى غرار الكثير من الإيرانيين في الشتات، يعيش يحزقيال يغانا على أمل السقوط الوشيك للجمهورية الإسلامية، لكنّ شيئاً لا يوحي بذلك حالياً ويقول "نحن اليوم أقرب من أي وقت مضى من لحظة العودة وزيارة بلدنا، في المدن والغابات التي كنا نعيش فيها خلال طفولتنا".

وليس واردا بالنسبة لديتسا كورنفيلد، وهي إسرائيلية تبلغ 63 عامًا، تغيير روتينها، رغم سماعها أنباء الانفجارات التي وقعت في وقت مبكر الجمعة في وسط إيران، في مؤشر جديد على التوتر الذي يسود المنطقة.

وقالت هذه المرشدة السياحية التي تراجع عملها منذ بدء الحرب بين اسرائيل وحماس "لقد اعتدنا على هذه الأوضاع غير الطبيعية". أما أولويتها فأمر آخر تماما: إعداد وجبات طعام عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ مساء الاثنين.

وقال تاجر التحف أميتاي بندافيد إن بين اسرائيل وايران "كانت هناك حرب باردة، والآن أصبحت دولة ضد أخرى"، مضيفا "على إسرائيل أن تضرب بشدة، ليس بهذه الطريقة، إن هذا لعب أطفال".

لم يعد يؤمن بالحل الدبلوماسي، حتى لو كان يخشى التصعيد "ليس أمام إسرائيل خيار لآخر" لأن إيران "لا تفهم الكلام، لا تفهم إلا الدم والقوة"، كما قال هذا الرجل البالغ 37 عاما.

وتقول ديتسا كورنفيلد " نحن بحاجة إلى الحل العسكري والدبلوماسي معا"، معتبرة أن "الاتفاق مع إيران" يجب أن يكون بمشاركة المجتمع الدولي.

لكن لكي تنتصر الدبلوماسية، من الضروري خوض مواجهة مسلحة، كما يعتقد أميتاي بندافيد، الذي استحضر مثال حرب الأيام الستة عام 1967، والتي انتهت بانتصار إسرائيل على التحالف العسكري العربي الذي ضم مصر وسوريا والأردن.