اليونان تقطع الطريق على أردوغان بترسيم حدود بحرية مع إيطاليا

الاتفاقية التي وصفت بالتاريخية تهدف لوقف محاولات تركيا توسيع عمليات التنقيب عن الغاز خارج حدودها بالبحر المتوسط، حيث ستتمكن الدولتان العضوتان في الاتحاد الأوروبي من التحرك بشكل مشترك للدفاع عن منطقتهما الاقتصادية في المتوسط.

أثينا - وقّع وزيرا خارجية اليونان وإيطاليا الثلاثاء في أثينا اتفاقاً لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأيوني الذي يفصل البلدين المجاورين، في خطوة تسعى من خلالها أثينا وروما لقطع الطريق امام أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يطمح للسيطرة على الثروات الطبيعية في البحر الأبيض المتوسط.

وقال وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس بعد توقيع الاتفاق الثنائي الذي يتناول حقوق الصيد البحري المشتركة "اليوم، يوم تاريخي".

بدوره، اعتبر نظيره الإيطالي لويجي دي مايو وهو أول مسؤول أجنبي كبير يزور اليونان منذ انتهاء العزل في البلاد في الرابع من أيار/مايو "أنها نتيجة مهمّة"، مضيفاً "لسنا فقط جارين، نحن متمسكان بمنطقتنا المشتركة، البحر المتوسط".

واغتنم الوزير الإيطالي الفرصة للإشارة إلى التعاون بين أثينا وروما في ملف الهجرة في البحر المتوسط.

وقال دي مايو "نتعاون مع بعضنا البعض"، معتبراً أنه "خلال هذه المرحلة" الصحية الطارئة، "ينبغي على كل بلد أوروبي التعاون على صعيد الهجرة. تضامن وتقاسم المسؤوليات".

ويهدف الاتفاق الثنائي إلى تحديد مناطق الصيد البحري بين البلدين. وأشار ديندياس إلى أن الاتفاق الجديد يؤكد اتفاقاً سابقاً موقعاً عام 1977 مع روما يضمن "حق الجزر في أن تكون لديها مناطق بحرية".

وهذه النقطة مهمة بالنسبة لأثينا التي تواجه توتراً شديداً مع تركيا المجاورة الطامعة في حقول النفط في المنطقة وخصوصاً حق قبرص في القيام بأي عملية استكشاف للموارد النفطية في المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية.

ومنذ العام الماضي، تقوم أنقرة بعرض قوّة عبر إرسالها سفن تنقيب إلى المياه القبرصية، رغم تحذيرات واشنطن والاتحاد الأوروبي وحتى مصر.

ولتعزيز موقعها في المنطقة، وقعت تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر اتفاقاً بحرياً مثيراً للجدل مع حكومة الوفاق الليبية، يهدف إلى توسيع المنطقة التي تقوم الدولتان فيها بعمليات استكشاف مشتركة.

لكن تلك الاتفاقية التي رافقتها اتفاقية امنية وعسكرية مهدت للتدخل العسكري الذي يقوم به أردوغان حاليا في ليبيا لدعم حكومة الوفاق والميليشات التيتقاتل إلى جانبها في طرابلس. وتسعى انقرة عبر هذه الاتفاقيات مع حكومة فائز السراج لوضع يدها على غاز المتوسط ونفط ليبيا ومواصلة عمليات التنقيب هناك.

وأثارت اتفاقية أردوغان والسراج التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رفضا إقليميا وأوروبيا بسبب انتهاكها للقانون البحري الدولي، فضلا عن أنها لا تتماشى مع مبدأ حسن الجوار.

وقال ديندياس "وفق القانون الدولي، فإن ترسيم حدود المناطق البحرية يُقام بموجب اتفاقات قانونية ولا يكون من دون أساس مثل الاتفاق بين تركيا والسراج"، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، مشيراً إلى "تصاعد انتهاكات القانون من جانب تركيا" مقابل اليونان.

وتابع وزير الخارجية اليوناني أن "هذه الأفعال، على غرار الخطاب العدائي لتركيا، تجسّد دورها المزعزع للاستقرار"، لافتاً إلى أن أثينا تردّ "بشكل منهجي على الاستفزاز".

وتحدد المناطق البحرية الخالصة لكل دولة المساحة البحرية التي يحق لها أن تستثمر فيها الموارد البحرية والنفطية.

وترسيم المناطق الاقتصادية الخالصة بين الدول المطلة على البحر المتوسط، هي مسألة تؤجج التوتر بعد اكتشاف حقول نفطية هائلة في المنطقة في الأعوام الاخيرة. وبامكان هذه الاتفاقية الموقعة بين أثينا وروما أن تنسف اتفاقية السراج وأردوغان باعتبارها تؤمن المنطقة التي كانت تسعى انقرة للتنقيب فيها عن الغاز.

يذكر ان اليونان وقبرص وإسرائيل وقعوا في كانون الثاني/يناير اتفاقاً حول أنبوب غاز "إيستميد" لإمدادات الطاقة إلى دول أوروبا الشرقية بهدف التصدي لمحاولات أنقرة فرض نفسها في المنطقة.

ويرى خبراء أن توقيع الاتفاق اليوناني الإيطالي يمكن أن يكون بمثابة "سابقة" لدفع دول المنطقة إلى ترسيم حدود مناطقها البحرية الخالصة في ظل الأطماع التركية.

وقبل أيام أعلنت تركيا اعتزامها بدء التنقيب عن النفط في شرق المتوسط قرب السوحل الليبية بموجب اتفاقية الحدود البحرية الموقعة مع حكومة الوفاق.

وقال رئيس أركان الجيش اليوناني، كونستانتينوس فلوروس، الاثنين عبر التلفزيون الحكومي، إن الجنود اليونانيين "سيقطعون الطريق أمام الأتراك".