اليونان وإسرائيل وقبرص تحذّر أردوغان من تهديد استقرار المنطقة

قادة اليونان وقبرص وإسرائيل وقعوا على مشروع ثلاثي لمد خط أنابيب الغاز "إيست ميد" في البحر المتوسط يقطع الطريق أمام محاولات تركيا بسط سيطرتها على موارد الطاقة في المنطقة.

أثينا - قالت اليونان وقبرص وإسرائيل في بيان مشترك إن مشروع القانون التركي الذي يسمح بنشر قوات في ليبيا يمثل تصعيدا خطيرا في الأزمة الليبية ويهدد بشدة استقرار المنطقة بأسرها.

وقال رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس ورئيس وزراء إسرائيل بنياميننتنياهو ورئيس قبرص نيكوس أناستاسيادس في البيان "هذا القرار يشكل انتهاكا صارخا لقرار مجلس الأمن الدولي... بفرض حظر على الأسلحة في ليبيا ويقوض على نحو خطير جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سلمي وسياسي للصراع الليبي".

ووافق البرلمان التركي بالأغلبية أمس الخميس على مشروع قانون يسمح بإرسال قوات إلى ليبيا في خطوة تمهد لتعاون عسكري أوثق بين أنقرة وحكومة الوفاق ومقراها طرابلس لكن من المستبعد أن تؤدي إلى نشر فوري للقوات النظامية

وتحدث تقارير إعلامية الأسبوع الماضي عن إرسال تركيا لمقاتلين من فصائل السورية ساعدوها في الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011 إلى ليبيا عبر رحلات سرية انطلقت من مطار إسطنبول.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "مرتزقة" تمولهم تركيا في منطقة عفرين شمال غرب سوريا افتتحوا مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا.

وأرسل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طلب تفويض للبرلمان يسمح بتدخل عسكري في ليبيا بعد أن طلبت رسميا حكومة فائز السراج دعما تركيا لصد العملية التي ينفذها الجيش الليبي لتحرير طرابلس من الميليشيات والإرهابيين.

وهي الخطوة التركية الثانية التي طالب بها أردوغان بعد أن وقع مع السراج اتفاقين منفصلين في نوفمبر/تشرين الثاني يتعلق الأول بالأمن والتعاون العسكري والثاني بالحدود البحرية في شرق البحر المتوسط وذلك في إجراء أثار غضب اليونان وإسرائيل ومصر وقبرص.

ودعت الدول الثلاث تركيا إلى عدم إرسال قوات إلى ليبيا والذي سيمثل انتهاكا لسيادة ليبيا الوطنية واستقلالها.

والأربعاء، أكد نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي أنّ الجيش التركي "مستعد"، ولكنه لفت إلى أنّ طبيعة الانتشار وحجمه سيتحددان وفقا "للتطورات الميدانية".

وباتت تركيا في حاجة ماسة إلى الاتفاق مع حكومة الوفاق في طرابلس لدعم مطالباتها في شرق المتوسط، حيث خير السراج السماح لأردوغان بالتدخل في شؤون ليبيا على هزيمة حكومته في طرابلس التي يحاصرها الجيش الوطني الليبي بعد أن فشلت الميليشيات التي تقاتل إلى جانبه في حماية نفوذه رغم الدعم العسكري الخفي الذي قدمته له أنقرة على مر السنوات الماضية.

نائب الرئيس التركي يؤكد أنّ طبيعة الانتشار العسكري لتركيا في ليبيا وحجمه سيتحددان وفقا "للتطورات الميدانية"

ووفقا لتقرير للأمم المتحدة فإن أنقرة أرسلت بالفعل إمدادات عسكرية إلى حكومة الوفاق بالرغم من حظر للأسلحة تفرضه المنظمة. وقالت الأمم المتحدة أيضا إنها ستساعد في منع انزلاق ليبيا إلى "الفوضى" وستقدم كل ما تستطيع من دعم.

لكن محللين وبعض المسؤولين قالوا إن من المستبعد أن ترسل أنقرة قوات على الفور وتوقعوا إرسال مستشارين عسكريين ومعدات.

وقال سنان أولجن، الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية، "نأمل ألا ينخرط الجيش التركي بنفسه في تحرك عسكري".

وذكر مسؤول تركي كبير الأسبوع الماضي أن بلاده قد تدرب جنودا ليبيين على أراضيها وقال إن أنقرة تبحث أيضا إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى طرابلس في إطار الدعم العسكري المزمع.

ويندرج الدعم التركي لحكومة السراج في سياق سعي أنقرة لتأكيد حضورها في شرق المتوسط، حيث يدور سباق للتنقيب عن موارد الطاقة واستغلالها وسط تسجيل اكتشافات ضخمة في السنوات الأخيرة.

وأثار اتفاق ترسيم الحدود البحرية غضب اليونان بشكل خاص التي دعت الأمم المتحدة إلى إدانة الاتفاقية التي من شأنها أن تمنح أنقرة سيادة على مناطق غنية بموارد الطاقة، وخصوصاً قبالة جزيرة كريت.

ووقع ميتسوتاكيس ونتنياهو وأناستاسياديس على اتفاق أولي في أثينا الخميس لمد خط أنابيب الغاز "إيست ميد" في البحر المتوسط.

وستكون الخطوة التالية للاتفاق طرح المشروع للمناقصة بحيث يمكن للمستثمرين من القطاع الخاص الدخول فيها.

وتتوقع إسرائيل أن يتم بدء عمليات التشغيل في المشروع الممتد على طول ألفي كيلومتر، في عام 2025.

وقال ميتسوتاكيس إننا "نقوم ببناء جسر، سيتم معه نقل الطاقة إلى أوروبا"، مضيفا أن خط الأنابيب سوف يسهم في تحقيق الاستقرار بالمنطقة وكذلك تحقيق المزيد من الرفاهية لشعوبها.

وقال نتنياهو إنه "يوم تاريخي" بالنسبة لإسرائيل، ودعا الدول الأخرى في المنطقة مثل مصر للمشاركة في المشروع.

وترفض تركيا مرارا وتكرارا تشييد خط أنابيب "إيست ميد"، حيث تقول أنقرة إنها لن تسمح بمشروعات من هذا النوع في شرق المتوسط بدون مشاركتها أو موافقتها، وتصف كذلك التحالف الثلاثي بأنه محاولة لتطويق تركيا وهو السبب الأساسي والمباشر الأول الذي دفعا للتدخل عسكريا في ليبيا عن طريق الاتفاقيات التي عقدتها مع حكومة الوفاق.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن اتفاقية "إيست ميد" بمثابة خطوات عقيمة جديدة يحاول من خلالها استبعاد تركيا والجمهورية التركية القبرصية عن المنطقة.

وحذر المتحدث باسم الوزارة هامي أكسوي من المشروعات التي تتجاهل تركيا والقبارصة الأتراك الذين يتمتعون بحقوق متساوية للموارد الطبيعية لجزيرة قبرص، معتبرا أنها مشروعات فاشلة ولن تنجح.

وقال إن إغلاق أبواب التعاون مع تركيا والقبارصة الأتراك يدل على نوايا سياسية شريرة بدلا من تعزيز التعاون المشترك، موجها رسالة للدول الثلاثة بأن هذه الاتفاقيات لن تصمد في المستقبل كما كانت في الماضي.

ومن المقرر أن يمتد خط الأنابيب "إيست ميد" بدءا من إسرائيل إلى قبرص ومن هناك إلى جزيرة كريت ومن ثم إلى بر اليونان الرئيسي، وبعدها سيتم نقله إلى إيطاليا عبر خط أنابيب آخر، وفقا لأثينا.

ويحظى المشروع بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتشدد واشنطن أنه يجب أن تصبح أوروبا أقل اعتمادا على إمدادات الغاز الطبيعي القادمة من روسيا.

من جهته رأى غسان سلامة في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية نشرت الاثنين أن الاتفاقين اللذين وقعتهما حكومة الوفاق مع أنقرة يشكلان "تصعيدا في النزاع" ويساهمان في "تسريع تدويله وتوسعه لا سيما إلى المجال البحري".

وتتعرض الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس لقصف متكرر، حيث يتقدم الجيش الوطني الليبي بقادة خليفة حفتر نحو محاور استراتيجية لمحاصرة الميليشيات التي تقاتل في صف حكومة الوفاق.