انتخابات الرئاسة في إيران.. الكفة تميل أكثر للمتشددين

كل المؤشرات والتوقعات تشير إلى أن الانتخابات ستشهد امتناعا واسعا عن التصويت وهو ما يصبّ عادة في صالح تيار المحافظين وشهدت آخر عملية اقتراع (الانتخابات التشريعية 2020) امتناعا قياسيا بنسبة 57 بالمئة.
7 مرشحين يتنافسون على رئاسة إيران  
قاض ومصرفي ومفاوض بين المرشحين لرئاسة إيران
رئيسي الأوفر حظا للفوز يخضع لعقوبات أميركية
سجل 'فرقة الموت' يلاحق رئيسي وهو على أعتاب رئاسة إيران

طهران - يتعين على الإيرانيين الاختيار بين خمسة مرشحين أغلبهم من المحافظين في انتخابات الرئاسة المقررة يوم الجمعة والتي من المرجح أن تعزز نفوذ الزعيم الأعلى للبلاد أية الله علي خامنئي، فيما ينفتح المشهد السياسي بتجلياته الراهنة على تشدد أكبر، بينما تخوض حكومة المعتدل حسن روحاني آخر معاركها للعودة للاتفاق النووي للعام 2015 قبل أن يحكم المتشددون قبضتهم على السلطة الرئاسية بعد هيمنتهم على السلطة التشريعية.

وفي البدء، رفض المسؤولون الدينيون الذين فحصوا طلبات المرشحين، عددا من الشخصيات البارزة سواء من المعتدلين أو المحافظين بحيث لم يتبق على الساحة سوى خمسة محافظين واثنين من المعتدلين غير البارزين في الانتخابات المقررة يوم 18 يونيو/حزيران، لكن اثنين من السبعة انسحبا من السباق اليوم الأربعاء.

والرئيس الحالي حسن روحاني منسق الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 مع قوى عالمية، ممنوع بحكم القانون من خوض الانتخابات لفترة رئاسة ثالثة مدتها أربع سنوات.

وفي نظام الحكم الإيراني المزدوج الذي يجمع بين الجمهوري والديني يتولى الرئيس قيادة الحكومة ويرجع إلى الزعيم الأعلى صاحب السلطة العليا في البلاد.

وأبرز المرشحين والأوفر حظا في ظل غياب منافسين وازنين هو إبراهيم رئيسي .

ورئيسي هو رئيس قضاة ومحافظ خسر انتخابات عام 2017 لصالح روحاني وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في العام التالي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وأشارت واشنطن التي وصفت رئيسي بأنه من الدائرة المقربة من خامنئي، إلى مشاركته "في ما وصفته بفرقة القتل التي أمرت بإعدامات خارج إطار القانون لآلاف السجناء السياسيين في 1988".

الرئيس في إيران يتولى السلطة التنفيذية ويشكّل الحكومة، إلا أن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية

ولم تعترف إيران قط بالإعدامات الجماعية. ومع ذلك أشاد بعض رجال الدين بالمحاكمات التي وصفوها بالعادلة كما أشادوا "بالتخلص من" المعارضة المسلحة في السنوات الأولى بعد الثورة الإسلامية عام 1979. ولم يرد رئيسي نفسه علنا على مزاعم عن دوره في ذلك.

وفي عام 2016، اختار خامنئي رئيسي لتولي رئاسة مؤسسة أستان قدس رضوي وهي مؤسسة دينية تدير مليارات الدولارات وتملك مناجم ومصانع نسيج ومصنع أدوية إلى جانب شركات نفط وغاز كبرى.

ويشغل رئيسي كذلك منصب نائب رئيس مجلس الخبراء وهو هيئة دينية تشرف على أداء الزعيم الأعلى وتعينه ونظريا يمكنها عزله كذلك.

وإذا فاز رئيسي في الانتخابات، سيعزز ذلك من فرصه في خلافة خامنئي الذي تولى كذلك الرئاسة لفترتين في عهد زعيم الثورة الإسلامية الراحل أية الله روح الله الخميني.

ويتمتع رئيسي بدعم الحرس الثوري الإيراني، إلا أن سجله حافل بالانتهاكات وسيشكل فوزه المحتمل ضربة لجهود الانفتاح التي قادها الاصلاحيون ولجهود تهدئة التوتر مع الولايات المتحدة خاصة وأنه يخضع لعقوبات أميركية، بينما تبقى العودة للاتفاق النووي للعام 2015 أمرا غامضا في حال عاد المحافظون لاحكام قبضتهم على السلطتين التنفيذية والتشريعية. ويهيمن المحافظون حاليا على مجلس الشوري (البرلمان).

من بين المرشحين الخمسة أيضا سعيد جليلي وهو ايضا من رجال خامنئي المخلصين وهو دبلوماسي محافظ فقد ساقه اليمنى في ثمانينات القرن الماضي أثناء قتاله ضمن صفوف الحرس الثوري في الحرب الإيرانية العراقية.

وهو أيضا حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية ومن المؤمنين بشدة بنظام حكم ولاية الفقيه وهو الذي تأسس عليه منصب خامنئي. وعينه الأخير أمينا عاما للمجلس الأعلى للأمن القومي لمدة خمس سنوات منذ 2007 وهو المنصب الذي جعله تلقائيا كبير المفاوضين النوويين.

وفي 2013، عمل جليلي كذلك لمدة أربع سنوات في مكتب خامنئي كعضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام وهو مجلس رقابي يتولى حل النزاعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور وهو المجلس الذي يضمن تماشي القوانين والدستور مع الشريعة الإسلامية والذي يفحص المرشحين في الانتخابات.

وباستثناء رئيسي وجليلي فإن بقية المرشحين غير معروفين بشكل كبير وليس لهم وزن انتخابي ومن ضمنهم عبدالناصر همتي وهو سفير سابق لدى الصين وهو شخص عملي تولى منصب محافظ البنك المركزي الإيراني لمدة ثلاث سنوات منذ عام 2018.

واستقال من منصبه الشهر الماضي وسبق أن عمل نائبا لرئيس إذاعة جمهورية إيران الإسلامية ورئيسا لهيئة التأمين المركزية الإيرانية والرئيس التنفيذي لبنك ملي الإيراني.

ويأتي في ترتيب أقل محسن رضائي الأمين العام لمجلس تشخيص مصلحة النظام. كما كان قائدا أعلى للحرس الثوري قاد قواته في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات في ثمانينات القرن الماضي. وترشح في انتخابات الرئاسة ثلاث مرات وانسحب من السباق الانتخابي في 2005 ويحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد.

في نظام الحكم الإيراني المزدوج الذي يجمع بين الجمهوري والديني يتولى الرئيس قيادة الحكومة ويرجع إلى الزعيم الأعلى صاحب السلطة العليا في البلاد

وفي عام 2017، حصلت السلطات الأرجنتينية على أمر اعتقال من الإنتربول لرضائي وأربعة إيرانيين آخرين ولبناني واحد، فيما يتعلق بواقعة تفجير مركز للطائفة اليهودية في بوينس أيرس في عام 1994 قتل فيه 85 شخصا.

والمرشح الأخير هو أمير حسين قاضي زاده هاشمي عضو البرلمان منذ 2008 وهو سياسي محافظ وعد بدعم الاقتصاد الإيراني المنهار. ويحمل شهادة الدكتوراه في الطب.

وتجري إيران الجمعة انتخابات رئاسية لاختيار خلف لروحاني المحسوب على تيار المعتدلين، في اقتراع يبدو رئيسي المرشح الأوفر حظا للفوز به ويمكن أن يعزز إمساك المحافظين بمفاصل هيئات الحكم، وسط توقع بامتناع واسع عن المشاركة.

وفي فترة من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية زادتها حدة العقوبات الأميركية وجائحة كوفيد-19، منح مجلس صيانة الدستور الأهلية لسبعة مرشحين لخوض الانتخابات الثالثة عشرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية (اعتبارا من عام 1979)، هم خمسة من التيار المحافظ المتشدد (المعروف بـ"الأصولي")، واثنان من التيار الإصلاحي.

لكن عددهم بات خمسة مع انسحاب المرشح الإصلاحي محسن مهر علي زاده والمحافظ المتشدد علي رضا زاكاني الأربعاء.

ويبرز بين المرشحين رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد رئيسي (60 عاما)، الأوفر حظا للفوز بولاية رئاسية من أربعة أعوام، بعدما نال 38 بالمئة من الأصوات في انتخابات 2017.

وفاز روحاني يومها بولاية ثانية، لكن فرصة رئيسي تبدو أكبر في استحقاق 2021 الذي يخوضه بغياب أي منافس جدي.

وستطوي الانتخابات عهد روحاني (2013-2021) الذي لا يحق له الترشح للدورة المقبلة بعد ولايتين متتاليتين.

وشهد عهده سياسة انفتاح نسبية على الغرب توجت بإبرام الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني والذي بات في مهب الريح منذ انسحاب الولايات المتحدة أحاديا منه العام 2018.

ويتوقع أن تشهد الانتخابات امتناعا واسعا عن التصويت وهو ما يصبّ عادة في صالح التيار المحافظ. وشهدت آخر عملية اقتراع (الانتخابات التشريعية 2020)، امتناعا قياسيا بنسبة 57 بالمئة.

وبعدما استبعد مجلس صيانة الدستور حينها آلاف المرشحين غالبيتهم من الإصلاحيين والمعتدلين، انتهت الانتخابات بفوز عريض للمحافظين أتاح لهم الهيمنة على مجلس الشورى.

وتختتم الأربعاء حملة انتخابية امتدت زهاء ثلاثة أسابيع دون ضجيج. وباستثناء العائدة لرئيسي، ندر حضور صور المرشحين وشعاراتهم في طهران.

وفي حين أن الإجراءات الوقائية المرتبطة بكوفيد-19 حدّت من التجمعات العامة، يسود انطباع بأن الانتخابات المقبلة تثير حماسة أقل من سابقاتها.

مناظرات محدودة الأثر

وخاض المرشحون ثلاث مناظرات تلفزيونية بقيت في معظمها من دون نقاش مباشر حول البرامج وندرت فيها الأسئلة المشتركة.

ورأت عدة صحف أن المناظرات كانت مملة ولم تساهم في رفع حماسة الناخبين.

في مواجهة الفقر المتزايد بين الشعب، بات الأمر يتعلق بعد إحكام المحافظين قبضتهم على البرلمان في 2020، بتمهيد الأرضية من أجل فوز المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي

وأقيمت نشاطات علنية محدودة، برزت منها تجمعات لرئيسي أثار أحدها (في غرب إيران) انتقادات بسبب السماح بحضور حاشد رغم أزمة كوفيد-19.

ويتولى الرئيس في إيران السلطة التنفيذية ويشكّل الحكومة، إلا أن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

وأبرمت إيران في عهد روحاني العام 2015 اتفاقا مع الدول الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح رفع الكثير من العقوبات المفروضة عليها، في مقابل خفض أنشطتها وضمان سلمية البرنامج.

لكن نتائج الاتفاق باتت في حكم الملغاة منذ قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الانسحاب أحاديا منه في 2018، وإعادة فرض عقوبات انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني.

وتأتي الانتخابات في ظل امتعاض واسع جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية العائدة بشكل أساسي إلى العقوبات.

كذلك، تترافق مع مباحثات في فيينا بين إيران والقوى الكبرى سعيا لإحياء الاتفاق. وتأمل حكومة روحاني في إبرام تفاهم بشأن ذلك قبل تسليمه السلطة للرئيس الجديد في أغسطس/اب.

وخلال الأعوام الماضية، شهدت مدن إيرانية موجتي احتجاجات في شتاء 2017-2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2019 على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.

ويقول الباحث الفرنسي كليمان تيرم المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، إن التحدي الانتخابي الأول هو "جعل النظام السياسي أكثر تماسكا بعد إضعاف البلاد".

وتابع "في مواجهة الفقر المتزايد بين الشعب، بات الأمر يتعلق، بعد إمساك المحافظين بالبرلمان في 2020، بتمهيد الأرضية من أجل فوز المرشح رئيسي".

ويستبعد تيرم أي سيناريو مغاير لفوز رئيسي، عازيا ذلك بشكل أساسي إلى نسبة المشاركة التي تقدرها استطلاعات رأي محلية بزهاء 40 بالمئة.

وفي مواجهة حملات نظمت على مواقع التواصل الاجتماعي خارج إيران لحضّ الناخبين على الامتناع عن التصويت، دعا خامنئي أكثر من مرة الإيرانيين إلى المشاركة المكثفة.

واعتبر أن الامتناع يلبّي رغبة "أعداء إيران وأعداء الإسلام وأعداء الديمقراطية الدينية". وحضّ المرشحين أيضا على التركيز على الوضع الاقتصادي في حملاتهم وبرامجهم.

وبعد استبعاد مرشحين بارزين يتقدمهم الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، رأت وسائل إعلام محلية أن الطريق بات ممهدا أمام رئيسي الذي يرأس السلطة القضائية منذ العام 2019، ويعتبر من المقربين من خامنئي.

وإضافة إلى رئيسي، تضم قائمة من تبقى من المرشحين المحافظين المتشددين القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي الذي يخوض محاولته الانتخابية الرابعة والأمين السابق لمجلس الأمن القومي سعيد جليلي (حل ثالثا في 2013 مع 11.4 بالمئة من الأصوات)، إضافة إلى أمير حسين قاضي زاده هاشمي.

أما الإصلاحي الوحيد الباقي في السباق فهو عبدالناصر همتي الذي تولى حاكمية المصرف المركزي اعتبارا من 2018 وإلى حين تقدمه للانتخابات.

وفي حال عدم نيل أي مرشح الغالبية المطلقة، تجرى دورة اقتراع ثانية في 25 يونيو/حزيران بين المرشحين اللذين نالا أعلى عدد من الأصوات في الدورة الأولى.

وإضافة إلى انتخاب رئيس جديد، يقترع الإيرانيون لتجديد المجالس البلدية وانتخابات فرعية لمجلس الشورى ومثلها لمجلس الخبراء الذي تعود إليه صلاحية اختيار المرشد الأعلى.