انتشار الجيش السوري أحبط التوسع التركي في شمال سوريا

تركيا لن تستطيع إقامة منطقة آمنة على أكثر من 120 كلم في سوريا بدلا من 444 كلم يطالب بها أردوغان وشنّ من أجلها عدوانا واسعا على مناطق سيطرة الأكراد.

تركيا تحدد ملامح منطقتها الأمنية في سوريا مع انتهاء الهدنة
تركيا ترسم حدود تمددها في سوريا
المنطقة الآمنة في سوريا أقلّ بكثير مما خطط له أردوغان
حدود المنطقة الآمنة في سوريا تختزل هزيمة أردوغان

أنقرة - رسمت تركيا اليوم الاثنين ملامح تمددها في سوريا من خلال الإعلان عن حدود مبدئية للمنطقة الآمنة التي يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإقامتها.

وأعلنت أنقرة أنها ستقيم 'منطقة آمنة' بطول 120 كلم في شمال شرق سوريا بمجرد انسحاب القوات الكردية بموجب هدنة تنتهي الثلاثاء عند الساعة 19:00 بتوقيت غرينيتش، وهي حدود أقلّ مما كان يخطط له الرئيس التركي.

لذلك يستمر أردوغان في المطالبة بمنطقة طولها 444 كلم في الأراضي السورية، لكن المرحلة الأولى من هذا المشروع لن تغطي سوى ربع تلك المسافة.

ويبدو أن الخطة الأولية لأنقرة قد تم إحباطها من خلال انتشار الجيش السوري الذي دعاه الأكراد لإنقاذهم، في بعض القطاعات التي تشملها 'المنطقة الآمنة' التي يريد أردوغان اقامتها.

وذكرت مصادر عسكرية تركية أن إقامة منطقة محدودة بطول 120 كلم هي "خطوة أولى" ستبدأ في وقت مبكر مساء الثلاثاء في حال انسحاب القوات الكردية طبقا لاتفاق تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بين تركيا والولايات المتحدة.

وفي التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، شنت أنقرة هجوما في شمال شرق سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لائتلاف فصائل كردية وعربية منضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية.

وتصف تركيا الوحدات الكردية بأنها "إرهابية"، لكنها تلقى دعما من الدول الغربية بمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

وتقرر تعليق الهجوم منذ الخميس اثر هدنة تم التفاوض عليها بين الأتراك والأميركيين الذين قالوا إن مدتها 120 ساعة، لكن من دون تحديد موعد انتهائها.

وقالت مصادر عسكرية تركية "لقد بدأت الخميس الساعة 10:00 مساء وستنتهي الثلاثاء الساعة 22:00 (19:00 بتوقيت غرينيتش). عندما تمر 120 ساعة، إذا كان لا يزال هناك إرهابيون، فسنقضي عليهم".

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الاثنين "إذا اكتمل الانسحاب، فستنتهي العملية العسكرية".

تركيا تريد التوسع أكثر في سوريا بعد اتفاق وقف اطلاق النار برعاية أميركية
تركيا تريد التوسع أكثر في سوريا بعد اتفاق وقف اطلاق النار برعاية أميركية

وفي مرحلة أولى، ستمتد المنطقة الأمنية بين تل أبيض التي سيطرت عليها القوات التركية في بداية الهجوم ورأس العين التي انسحب منها مقاتلو وحدات حماية الشعب الأحد.

وبغية توسيعها، يبدو أن تركيا مرغمة على التوصل إلى تفاهم مع روسيا المتحالفة مع الرئيس بشار الأسد الذي انتشرت قواته في عدة مناطق في شمال شرق سوريا منذ بداية الهجوم التركي.

ومن المتوقع التطرق إلى هذه المسألة في المحادثات التي سيجريها أردوغان الثلاثاء في سوتشي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي تحاول قواته منع أي صدام بين القوات التركية والسورية.

وقال أردوغان في هذا السياق "سنناقش الوضع في سوريا، وإن شاء الله، سنتخذ الإجراءات التي تفرض نفسها"، فيما أعلنت إيران الاثنين أنه من "غير المقبول" إقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا.

وقد أعلن أردوغان الجمعة أنه سيتم إنشاء 12 مركزا تركيا للمراقبة في المنطقة الأمنية في المستقبل، لكن مصادر عسكرية تركية أكدت الثلاثاء أنها ستكون مشابهة لـ"قواعد" على غرار تلك التي أقامتها أنقرة قرب الموصل في شمال العراق.

وبعد ترنحها في أول يومين، يبدو أن الهدنة لا تزال سارية عموما رغم حوادث متفرقة، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أربعة من مقاتلي القوات الكردية لقوا مصرعهم الاثنين في هجوم على السيارة التي كانت تقلهم قرب مدينة عين عيسى جنوب تل أبيض.

وحلقت طائرات استطلاع تركية الاثنين فوق رأس العين، حيث يحاول مسلحون سوريون تدعمهم أنقرة أعيد تجميعهم ضمن الجيش الوطني السوري، جلب تعزيزات.

وقد أدى الهجوم التركي إلى توتر في العلاقات بين تركيا والغرب مع تأكيد الأخير الدور الحاسم الذي تلعبه وحدات حماية الشعب في مكافحة الجهاديين.

واتهم أردوغان الغرب الاثنين "بالوقوف إلى جانب الإرهابيين". وقال في خطاب ألقاه في اسطنبول "هل يمكنكم تصور وقوف جميع دول الغرب إلى جانب الإرهابيين ومهاجمتهم جميعا لنا وبينهم أعضاء حلف شمال الأطلسي ودول الاتحاد الأوروبي؟".

وإذا كان الهدف الأساسي لتركيا من وراء المنطقة الأمنية في سوريا هو إبعاد القوات الكردية من حدودها، فهي تنوي أيضا نقل بعض اللاجئين السوريين لديها والبالغ عددهم 3.6 ملايين شخص. وقال وزير الدفاع التركي الاثنين إن أنقرة تخطط لنقل مليوني لاجئ إلى هناك.

وبدأ الهجوم التركي بعد انسحاب الجنود الأميركيين في السابع من الشهر الحالي من المناطق الحدودية. وفي 13 منه أعلنت الولايات المتحدة مغادرة نحو ألف من جنودها المنتشرين في شمال وشرق سوريا.

وأدى الهجوم التركي إلى مقتل 114 مدنيا وتشريد 300 ألف آخرين، طبقا للمرصد السوري مشيرا إلى مقتل 256 من عناصر قوات سوريا الديمقراطية و196 مقاتلا من المتحالفين مع الأتراك في اشتباكات وعمليات قصف.

وأعلنت أنقرة التي تقول إن غاراتها في سوريا تستهدف فقط وحدات حماية الشعب مقتل ثمانية من جنودها في سوريا و20 مدنيا في الأراضي التركية.