انتشار كورونا في إيران يثير الفزع في دول الجوار

ممثل السيستاني يوجه دعوة للسلطات العراقية لاتخاذ خطوات جادة لمواجهة الفيروس، فيما يعاني العراق من سوء الخدمات الصحية ويفتقر للوسائل الطبية الضرورية.
مسؤول إيراني يؤكد انتشار كورونا تقريبا في كل المدن
انتشار كورونا يفاقم الأزمة في إيران
العراق من أكثر دول الجوار الإيراني عرضة لانتقال الفيروس لأراضيه
لبنان يسجل أول إصابة بكورونا لدى سيدة عائدة من قم

بيروت/طهران - أثار ظهور فيروس كورونا في إيران وتأكيد مسؤول بوزارة الصحية الإيرانية انتشاره تقريبا في كل المدن وليس في قم لوحدها، حالة ذعر واستنفار في دول الجوار.

لكن وقع الخبر على العراقيين كان أكثر من أي دولة أخرى، فالعراق الذي يرتبط ارتباط وثيقا بإيران تجاريا ودينيا، يعاني من وضع صحي سيء جدا ويفتقد للإمكانيات الطبية لمواجهة هذا الوباء.

وأعلن لبنان الجمعة تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا المستجد لدى سيدة لبنانية وصلت على متن طائرة قادمة من مدينة قم الإيرانية، فيما أكد مسؤول إيراني أن الفيروس الذي قتل حتى الآن أكثر من ألفي شخص في الصين، انتشر تقريبا في كل المدن الإيرانية.

ويثير هذا الوضع في إيران وجوارها حالة من الفزع والاستنفار خاصة مع ارتفاع عدد الوفايات في طهران، حيث أعلنت وزارة الصحة الإيرانية الجمعة وفاة شخصين من أصل 13 إصابة جديدة بالفيروس لترتفع حصيلة الوفيات بالمرض في الجمهورية الإسلامية إلى أربعة والإصابات إلى 18.

وقال وزير الصحة اللبناني حسن حمد الجمعة في مؤتمر صحفي عاجل في مقر الوزارة في بيروت "بعدما اجتمعت اللجنة الوطنية لمكافحة وباء كورونا سُجّلت أول حالة اليوم (الجمعة) في لبنان"، لدى سيدة (45 عاما) بعد وصولها من مدينة قم، لافتا إلى وجود "حالتين مشتبه بهما".

وبالتزامن مع هذا الإعلان في لبنان، نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن مينو محرز المسؤول بوزارة بالصحة قوله "استنادا إلى التقارير الحالية، بدأ انتشار فيروس كورونا في قم ومع انتقال الناس وصل إلى عدة مدن في البلاد منها طهران وبابل وآراك ورشت وغيرها ومن المحتمل أن يكون موجودا في كل مدن إيران".

مخاوف من أن ينقل العائدون من قم زوارا وطلبة في الحوزة العلمية فيروس كورونا الى بلدانهم
مخاوف من أن ينقل العائدون من قم زوارا وطلبة في الحوزة العلمية فيروس كورونا الى بلدانهم

وظهر الفيروس في إيران الأربعاء عندما أعلن مسؤولون إنه أسفر عن وفاة شخصين مسنين في مدينة قم، في أولى حالات الوفاة المؤكدة جرّاء المرض في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهانبور على تويتر إن الحالات المعلنة مؤخرا تشمل "سبع إصابات في قم وأربع في طهران واثنتين في جيلان" المطلة على بحر قزوين.

وأضاف أن "معظم الإصابات لا تزال إما لدى سكان في قم" أو لأشخاص قدموا من قم إلى محافظات أخرى "خلال الأيام والأسابيع الأخيرة".

ولم يتمكن المسؤول من تحديد مصدر تفشي المرض في الجمهورية الإسلامية، موضحا أن إيران حصلت حتى الآن من منظمة الصحة العالمية على أربع شحنات لمعدات طبية مستخدمة للكشف عن كورونا المستجد.

وتعد قم مركزا للدراسات الإسلامية وتجذب علماء الدين من إيران وخارجها، لكن مسؤولا حكوميا أشار إلى أن أول شخصين توفيا بالمرض لم يغادرا إيران.

وتجري انتخابات تشريعية في إيران الجمعة، حيث دعت وسائل الإعلام الرسمية إلى وجوب عدم تأثير مسألة كورونا المستجد على "حماسة أهالي قم الثورية" للمشاركة.

وحظر العراق والكويت السفر من وإلى إيران بعد وفاة أربعة أشخاص بفيروس كورونا المستجد في الجمهورية الإسلامية التي يزور ملايين من مواطنيها العراق سنويا وتتدفق بضائعها على الدولة الجارة.

وتسبّبت الوفيات بحالة من الذعر في العراق الذي يعاني من شبه انهيار في قطاعه الصحي، خشية انتقال الفيروس إليه. وغالبية المصابين هم في قم (150 كلم جنوب طهران)، إحدى المدن المقدسة لدى الشيعة ويتوجه لزيارتها عدد كبير من العراقيين إضافة إلى كويتيين ولبنانيين وغيرهم.

ويقيم في قم عدد كبير من الطلاب للدراسة في الحوزة العلمية بينهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، بينما يزور ملايين الإيرانيين العتبات المقدسة في مدينتي النجف وكربلاء العراقيتين.

الوفيات في إيران بسبب كورونا تثير حالة من الذعر في العراق الذي يعاني من شبه انهيار في قطاعه الصحي خشية انتقال الفيروس إليه وغالبية المصابين هم في قم

وإيران ثاني أكبر المصدّرين للعراق الذي يبلغ عدد سكانه نحو 40 مليون نسمة ومن البضائع التي تصدّرها سيارات ومواد غذائية كالألبان والخضراوات بقيمة تصل لنحو تسعة مليارات دولار سنويا.

وبالإضافة للدور الاقتصادي الرئيسي لإيران في العراق، تمثّل الجمهورية الإسلامية مصدرا للطاقة لهذا البلد الذي يعاني من نقص مزمن في الكهرباء. كما أنها تشكل قوة سياسية نافذة فيه.

ومع ذلك، دفع "كوفيد-19" وهو الاسم العلمي الرسمي الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية على فيروس كورونا المستجد، العراق إلى اتخاذ قرارات مهمة على صعيد العلاقات مع إيران التي لم تتأثر سابقا بالتهديدات الأميركية بالعقوبات ولا بتبادل القصف الأميركي الإيراني.

وقد قرر العراق الخميس منع الوافدين من إيران ومواطنيها من دخول أراضيه عبر كافة المنافذ الحدودية، بعد حالات الوفاة والإصابة بهذا بالفيروس.

وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت الأربعاء في نفس اليوم الذي توفي فيه أول الضحايا وهم إيرانيان، منح الإيرانيين تأشيرة الدخول إلى العراق عند وصولهم للمنافذ الحدودية بعدما كان الحصول عليها يتطلب التوجه للسفارة العراقية في طهران.

وأطلق ناشطون على الفور وسم "أغلقوا الحدود" على تويتر، فيما طلبت محافظات البصرة وميسان وواسط (جنوب) التي تتشارك بمئات الكيلومترات مع إيران، من السلطات المركزية في بغداد إغلاق المنافذ الحدودية.

وعلى خلفية الجدل القائم، قرّرت وزارة الداخلية العراقية الخميس تعليق العمل بمنح تأشيرة الدخول من المنافذ الحدودية للإيرانيين. واستثني من القرار العراقيون الموجودون في إيران على أن يخضعوا للحجر الصحي لمدة 14 يوما.

ويبدو أن هذه الإجراءات غير كافية للحد من القلق المتصاعد بين العراقيين من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أسفر عن وفاة أكثر من 2200 شخص حتى الآن، خصوصا مع تواجد العديد من شركات النفط الصينية بكوادرها في العراق. ويمنع الأخير حاليا دخول أي صيني.

وبعد تأثر العديد من دول الشرق الأوسط بهذا الفيروس، دفع القلق بالعراقيين للتساؤل عن الإجراءات التي ستتّخذها سلطات بلدهم الذي يعاني من نقص في الخدمات الصحية والأدوية والأطباء.

وهناك أقل من عشرة أطباء لكل عشرة الآف نسمة وهو معدّل أقل بمرتين عن ليبيا التي تعيش حالة من الفوضى الشاملة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

لبنانية ترتدي قناعا واقيا بعد تسجيل أول اصابة بكورونا
لبنانية ترتدي قناعا واقيا بعد تسجيل أول اصابة بكورونا

ودفع القلق بالسيد أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، إلى توجيه دعوة من خلال خطبة صلاة الجمعة إلى السلطات لاتخاذ خطوات جادة لمواجهة الفيروس.

وقال إن "الاستعدادات يجب أن تكون بمستوى هذا الخطر، نناشد جميع الجهات المعنية بأن تكون بمستوى المسؤولية".

وبدا القلق واضحا عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت أراء تقترح حلولا وأخرى ساخرة، فبعد الإعلان الخميس عن وفاة شخصين في إيران، انتشرت بين العراقيين رسائل كثيرة بينها ما يشجع على الصلاة لمنع وصول الفيروس وأخرى لمقاطع فيديو لعائلات تشعل البخور داخل المنازل، للاعتقاد بأن دخّانه يقتل كورونا المستجد.

كما انتشر مقطع فيديو لشاب عراقي يدعو الناس لشرب الكحول المحلي، مدّعيا بأن هذا المشروب يمنح القدرة ومناعة لمقاومة الفيروس.

وبحث وزير الصحة التركي فخرالدين قوجة مع نظيره الإيراني سعيد نمكي ملف ظهور فيروس كورونا الجديد في إيران.

وقال قوجة في تغريدة على تويتر الجمعة، إنه بحث مع نظيره التدابير الاحترازية التي ينبغي اتخاذها لمنع انتقال الفيروس من إيران إلى تركيا.

وتابع " أكدنا بشكل متبادل أننا سنطبق على الفور التدابير التي ينبغي اتخاذها بين البلدين"، معربا عن تضامن تركيا مع جارتها إيران في مواجهة هذا الوباء.

وبدأت السلطات التركية باتخاذ تدابير احترازية في معبر 'غوربولاك' الحدودي مع إيران، لمنع انتقال فيروس كورونا الجديد.

وظهر الفيروس الغامض في الصين لأول مرة في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 بمدينة ووهان (وسط)، إلا أن بكين كشفت عنه رسميا منتصف يناير/كانون الثاني الماضي.

ومن المتوقع أن يفاقم ظهور كورونا في إيران من الضغوط على الجمهورية الإسلامية التي تئن تحت وطأة عقوبات أميركية تدفع اقتصادها إلى حافة الانهيار.

وتخشى أفغانستان التي تربطها حدود مضطربة مع إيران، أن ينتقل إليها الفيروس كذلك مع تنامي نشاط تجاري مواز على الحدود من البلدين. وتفتقر الحكومة الأفغانية شأنها في ذلك شأن العراق القدرة على مواجهة هذا الوباء إذا انتقل من الأراضي الإيرانية إلى أراضيها.

وكان وزراء الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي قد أعلنوا عن إجراءات احترازية موحدة للتعامل مع الفيروس الذي بات يهدد جميع دول المنطقة.