انحيازات واضحة ومتطرفون محتملون!

ضرورة التعرف على المتطرفين المحتملين من خلال رصد ما يظهرونه من نزعات متطرفة أو غاضبة أو حاقدة على المجتمع عن طريق تحليل إدراجاتهم التي يكتبونها أو يعلقون فيها على الأحداث الجارية إضافة إلى الصور والفيديوهات التي يشاركونها على صفحاتهم أو قائمة الأصدقاء أو الصفحات التي يسجلون إعجاباتهم بها.

بقلم: موفق ملكاوي

خطوة مهمة تلك التي قام بها الزملاء في موقع "خبرني"، عندما قدموا قراءة في محتوى صفحة أحد المشتبه بمشاركته في تنفيذ اعتداءات الفحيص والسلط الإرهابية؛ إذ قدم الزملاء، ومن خلال صفحته على "فيسبوك"، "كشف حساب" لاهتمام الرجل منذ العام 2013، وتحولاته الفكرية من خلال إدراجاته.

من خلال رصد حسابه على ذلك، أظهرت قراءة بسيطة تطور شخصية المتهم من إنسان عادي جداً، وتحوله تدريجيا نحو التطرف، ثم الإيغال في التطرف الذي تجلى في النهاية بارتكابه عملا إرهابيا بالاشتراك مع آخرين جمعتهم الأفكار المتطرفة والغضب والكراهية ذاتها، ليخططوا بعد ذلك من أجل تنفيذ عمل يؤذي المجتمع الذي يحتضنهم ويؤويهم!

تشير القراءة إلى أن المتهم، وقبل تحوله إلى وحش بشري، كان يكتب الإدراجات العادية المعبرة عن سياق حياة طبيعية، وصولا إلى إدراج يشي، بحسب قراءة "خبرني"، بتعرضه إلى صدمة عاطفية أثرت عليه كثيرا، وأفقدته القدرة على المضي في حياته ضمن الإطار نفسه.

منذ ذلك الوقت، أخذ مؤشر التطرف بالتصاعد لديه، فبدأ بنشر الإدراجات المتعاطفة مع التيارات الإرهابية، خصوصا تنظيم "داعش"، ويدافع عنها في إدراجاته ونقاشاته، ويبرر له جرائمه في العراق وسورية على اعتبار أنه خلافة إسلامية تسعى إلى تطبيق شرع الله، بحسب فهم المتهم، وصولا إلى كتابته تهديدات بالقتل والسبي لمكونات مجتمعية سورية وعراقية، اقتداء بتنظيم "داعش" الإرهابي.

ما الذي تفيدنا فيه مثل هذه القراءة، أو ما يشبهها من قراءات؟

الأمر المهم الذي تقدمه هذه القراءات هو أنها تستطيع التأشير، وبدرجة معقولة، إلى المتطرفين المحتملين، من خلال رصد ما يظهرونه من نزعات متطرفة أو غاضبة أو حاقدة على المجتمع، عن طريق تحليل إدراجاتهم التي يكتبونها أو يعلقون فيها على الأحداث الجارية، إضافة إلى الصور والفيديوهات التي يشاركونها على صفحاتهم، أو قائمة الأصدقاء أو الصفحات التي يسجلون إعجاباتهم بها.

إن رصدا مثل هذا قد يعفينا من أثمان فادحة يدفعها شبابنا من دمهم وهم يتصدون للعمليات الإرهابية داخل مدننا، كما يعفي عائلاتنا من الألم والحسرة التي يخلفها رحيل أولئك الكوكبة من الشهداء الشرفاء.

لا يعقل أن تكون المراقبة جارية على مدار الساعة لصفحات ناشطين، ويتم توقيفهم لأبسط الإدراجات والأسباب، بينما هناك مئات الأشخاص الذين يظهرون كراهية للمجتمع وخروجا عليه، من دون أن يتخذ ضدهم أي إجراء، ولو احترازي، لحماية المجتمع من كراهيتهم وشرورهم.

مراقبة صفحات المتطرفين المحتملين ينبغي أن تكون أولوية أكثر من مراقبة صفحات الأشخاص التي يمارس أصحابها نقدا موضوعيا في سبيل تصحيح المسار الخاطئ الذي تسير فيه عملية التنمية والإصلاح.