انخفاض قياسي في حركة الملاحة بقناة السويس

حركة المرور في قناة السويس تبلغ أدنى مستوياتها منذ جنوح ناقلة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" قبل عامين ما يثير مخاوف بشأن مرونة سلاسل التوريد العالمية وضعف الطرق البحرية الرئيسية.

القاهرة - بلغ عبور السفن في قناة السويس المصرية، أدنى مستوى له منذ جنوح ناقلة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" قبل ما يقرب من عامين، بسبب تغيير مسارات الملاحة البحرية بعد الهجمات التي شنها الحوثيون المدعومون من إيران، على السفن التجارية في البحر الأحمر.

وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية الأربعاء نقلا عن منصة بيانات يديرها صندوق النقد الدولي وجامعة أكسفورد، أنه اعتبارا من الأحد، سجلت القناة المصرية متوسط عدد مرات عبور لمدة سبعة أيام لسفن البضائع وناقلات الحاويات، بلغ 49 حركة مرور، وهذا الرقم يعد أقل من الذروة اليومية لعام 2023، التي بلغت 83 حركة مرور في أواخر يونيو/حزيران، وأقل من متوسط الـ7 أيام المسجل في 2023، البالغ 70 حالة عبور.

ويعد تدفق حركة المرور الحالي هو الأخف عبر قناة السويس منذ أوائل أبريل/نيسان 2021، بعد أن استقرت حاملة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" وزنتها حوالي 200 ألف طن بين ضفتي القناة لمدة أسبوع تقريبا في أواخر مارس/آذار 2021، مما تسبب بوقف الملاحة كليا مدة 6 أيام، وتعطيل سلاسل التوريد لعدة أشهر مع اصطفاف السفن.

السلطات المصرية تسعى جاهدة منذ سنوات لتعزيز إيراداتها من خلال توسيع قناة السويس في عام 2015 وحققت القناة في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليارات دولار.

وقد أدى تصاعد هجمات جماعة الحوثيين اليمنية على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل في منطقة البحر الأحمر والردود العسكرية الأميركية والبريطانية عليها إلى تفاقم التحديات التي تواجه صناعة الشحن.

وتسلط البيانات الضوء أيضًا على زيادة مقابلة في عدد السفن التي تختار المرور عبر رأس الرجاء الصالح. ويثير الانخفاض القياسي في حركة المرور في قناة السويس مخاوف بشأن مرونة سلاسل التوريد العالمية وضعف الطرق البحرية الرئيسية. فإعادة توجيه السفن إلى مسارات أطول لا يؤدي إلى تكاليف أعلى فحسب، بل يضيف أيضا تعقيدا إلى التخطيط اللوجيستي للشركات في جميع أنحاء العالم.

وتعد قناة السويس مصدرا رئيسيا للعملة الأجنبية التي تعاني مصر نقصا فيها، وتسعى السلطات جاهدة منذ سنوات لتعزيز إيراداتها بما في ذلك من خلال توسيع القناة في عام 2015. وحققت القناة في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليارات دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجلها، وبزيادة قدرها نحو 35 بالمئة عن العام السابق، وفق ما أعلنت الهيئة في يونيو/حزيران، ويجري حاليا تنفيذ المزيد من عمليات التوسيع.
ويمر نحو 12 بالمئة من التجارة البحرية العالمية بمضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر، لكن منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني تراجعت حركة عبور الحاويات من هذا الشريان الحيوي بنسبة 70 بالمئة، وفق ما يفيد خبراء بالملاحة البحرية.

وتصل حصة البضائع القادمة من جنوب القناة -العابرة من مضيق باب المندب- نحو 47 بالمئة من حجم البضائع العابرة بقناة السويس، وفقا لإحصاءات هيئة القناة. فضلا عن ذلك، تمر نحو 98 بالمئة من البضائع والسفن القادمة من جنوب قناة السويس في مصر من خلال مضيق باب المندب باليمن.

وتوقفت الشهر الماضي شركات شحن كبرى مثل "هاباغ لويد" و"ميرسك" عن استخدام الطرق عبر البحر الأحمر، مما أحدث أضرارا كبيرة بحركة التجارة العالمية. وبدأت تلك الشركات في تحويل مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب الهجمات، مما زاد من الرسوم المطلوبة من العملاء، وأضاف أياما أو أسابيع لوقت نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا وللساحل الشرقي لأميركا الشمالية.

كما اتخذت شركات الملاحة البحرية اليابانية نفس الخطوة بتغيير مساراتها وأوضحت قناة "إن إتش كيه" اليابانية الرسمية أن شركتي "نيبون يوسين" و"ميتسو أو إس كيه لاينز" غيرتا مسار سفنهما المتجهة لأوروبا والقادمة منها لتجنّب احتمال استهداف السفن من قِبل الحوثيين بالبحر الأحمر، لافتة إلى أنه تم توجيه السفن لسلوك طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

وكان الرئيس التنفيذي لميناء إيلات الإسرائيلي، جدعون غولبر، قد صرح في وقت سابق أن نشاط الميناء تراجع 85 بالمئة منذ تكثيف الحوثيين في اليمن هجماتهم على السفن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.