انسحاب قوات نالوت من مواقعها يضع حكومة السراج في مأزق

'تمرد' جماعات مسلحة داعمة لحكومة الوفاق يفتح الطريق أمام الجيش الوطني الليبي لبسط سيطرته على الشريط الحدودي بين تونس وليبيا بلا قتال.  
كتائب نالوت تنسحب من الشريط الحدودي بين تونس وليبيا
مرتزقة أردوغان يؤججون التصدعات في صفوف الجماعات الداعمة لحكومة السراج
جماعات مسلحة على الحدود مع تونس تدير ظهرها للسراج

روما/طرابلس - سحب المجلس العسكري بمدينة نالوت الليبية التابع لقوات حكومة الوفاق الوطني جميع كتائبه وسراياه من كافة النقاط الحدودية والتمركزات والدوريات الأمنية والممتدة على مسافة 450 كيلومترا على الشريط الحدودي بين ليبيا وتونس وإرجاعها إلى داخل المدينة.

ويشكل هذا التطور في توقيته ضربة موجعة لحكومة الوفاق التي تراهن بالأساس على دعم مجموعات مسلحة في غرب ليبيا لمساندتها في مواجهة تقدم قوات الجيش الوطني الليبي.

ويضم المجلس العسكري لنالوت 7 كتائب من أقوى المجموعات المسلحة التي تدعم حكومة الوفاق والتي كانت إلى وقت قريب تسيطر على كافة النقاط الحدودية مع تونس.

ولم تتضح الأسباب الحقيقية لانسحاب مجموعات نالوت من كافة نقاط الشريط الحدودي بين ليبيا وتونس، لكن بعض التقديرات تشير إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بعدم تلقيها الدعم والإسناد من حكومة الوفاق فيما تواجه تقدم الجيش الوطني الليبي وإنما ثمة تصدعات عميقة بدأت تظهر بين حكومة الوفاق وتلك الجماعات المسلحة الداعمة لها.

وتئن حكومة فايز السراج تحت وطأة ضغوط مالية متزايدة منذ غلق قوات الجيش والقبائل الليبية لحقول النفط وتراجع الإيرادات النفطية التي كانت حكومة السراج تمول بها الحرب وتدفع منها رواتب مسلحي تلك الجماعات.

وذكر المجلس في بيان بتاريخ التاسع من ابريل/نيسان، أن قرار سحب جميع قواته وإعادتها إلى داخل نالوت يأتي بسبب الظروف الاستثنائية مع تفشي فيروس كورونا وبسبب عدم تجاوب السلطات في طرابلس بإرسال الدعم اللازم.

وأشار إلى أنه رغم إجرائه عدة مراسلات مع رئاسة الأركان العامة لوزارتي الدفاع والداخلية ومصلحة الجمارك التابعة لحكومة الوفاق، فإن "تلك المراسلات لم تجد آذانا صاغية"، معلنا في الختام أنه ومن تاريخ صدور بيانه فإنه "يخلي مسؤوليته أمام الله وأمام الوطن".

بيان المجلس العسكري لنالوت
بيان المجلس العسكري لنالوت

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي يقترب فيه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من السيطرة على الحدود الليبية مع تونس على اثر دخول وحداته لمنطقة أبوكماش والعسة ورقدالين وزليتن وجميل (غربطرابلس) بعد معارك طاحنة مع قوات الوفاق، فيما تستمر المفاوضات مع مجموعات مسلحة لتسليم النقاط الحدودية دون قتال، وفق ما ذكرت وكالة 'نوفا' الايطالية.

ومن المتوقع أن تتقدم قوات الجيش الوطني لفرض سيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع تونس دون قتال يذكر، مستفيدة من الفراغ الذي خلفه انسحاب قوات المجلس العسكري لنالوت.

وانسحاب الجماعات المسلحة لداخل نالوت قد يبدو مفاجئا خاصة في توقيته إلا أنه كان متوقعا على نطاق واسع منذ رهن السراج سيادة ليبيا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وراهن بشكل أكبر على المرتزقة من الجماعات السورية المتشددة الذين أرسلتهم تركيا والذين يتلقون أجورهم من خزينة طرابلس ومن أموال النفط في الوقت الذي يعيش فيه معظم سكان طرابلس أوضاعا صعبة وتعاني فيه العاصمة من شح في السيولة والنقد الأجنبي.

وتتهم بعض الجماعات المسلحة حكومة السراج بخذلانها وبالتقصير في دعمها على جبهات القتال بينما يدفع مسلحوها ثمنا باهظا في مواجهة الجيش الوطني الليبي.

كما سبق أن أشارت تقارير دولية إلى أن وضع سلطة السراج يبدو هشا بشكل أكبر من أن يغطيه الاعتراف الأممي بما يعتبرها حكومة شرعية (حكومة الوفاق)، موضحة أن الحكومة التي انبثقت عن اتفاق الصخيرات السياسي في ديسمبر/كانون الأول 2015 ودخلت طرابلس في 30 مارس/اذار 2016 بنت سلطتها على دعم ميليشيات تقلب ولاءها بحسب مصالحها.

ويبدو أن حكومة السراج إما باتت عاجزة عن سداد رواتب مسلحي تلك الجماعات بسبب انحسار مداخيلها من عائدات النفط وانهيار أسعاره متأثرا بإجراءات الاغلاقات التي اتخذتها معظم دول العالم أو أن الأموال الضخمة التي تخصصها لمرتزقة اردوغان، كانت السبب وراء ما يمكن وصفه بتمرد الجماعات المسلحة أو انشقاقات غير معلنة بشكل صريح.